نتائج المؤتمر الوطني الثاني عشر تعيد تزكية لشكر وتكرّس توجه الحزب نحو الاستقرار التنظيمي
في خطوة لافتة تحمل العديد من الدلالات السياسية والتنظيمية، جدد المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقد بمدينة بوزنيقة خلال الفترة ما بين 17 و19 أكتوبر الجاري، ثقته في إدريس لشكر أمينًا عامًا للحزب لولاية رابعة متتالية، بعد حصوله على الأغلبية المطلقة في عملية التصويت التي جرت خلال الجلسات الختامية للمؤتمر.
ووفقًا لنتائج التصويت التي أعلن عنها رسميًا، فقد تمكن لشكر من تأمين دعم واسع داخل صفوف المؤتمرين، حيث لم يُسجل سوى 26 صوتًا معارضًا، ما يؤشر إلى إجماع نسبي حول قيادته، رغم الأصوات التي كانت تنادي بالتغيير وضخ دماء جديدة في هرم التنظيم.
رؤية سياسية تراهن على الاستقرار والتماسك الداخلي
قرار تجديد الثقة في لشكر لم يكن معزولًا عن السياق العام الذي يعيشه الحزب، بل يُعدّ امتدادًا لاستراتيجية يبدو أن القيادة الحالية تسعى من خلالها إلى تعزيز الاستقرار الداخلي وتمتين الهياكل التنظيمية استعدادًا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ففي ظل التحولات التي يعرفها المشهد الحزبي الوطني، تتجه قيادة الاتحاد الاشتراكي نحو ترسيخ التماسك التنظيمي وتعزيز الحضور السياسي في مختلف المؤسسات التمثيلية، سواء على مستوى البرلمان أو المجالس الجهوية والمحلية.
قراءة في دلالات الولاية الرابعة
رغم أن التمديد لقيادة سياسية لأكثر من ولايتين غالبًا ما يُثير تساؤلات حول مدى احترام مبادئ التداول الديمقراطي، فإن الحسم لصالح إدريس لشكر، وفق مراقبين، يعكس اقتناعًا داخليًا بأهمية المحافظة على “الخبرة السياسية” و”الواقعية التنظيمية” في مرحلة معقدة تتطلب الحذر أكثر من المجازفة.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن إعادة انتخابه تعكس “ضعف البدائل” داخل الحزب، يعتبر آخرون أن القرار يعبر عن توازن دقيق بين مطالب التجديد وضرورات الاستمرارية، خصوصًا في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.
التحضير للاستحقاقات المقبلة وتفعيل البرنامج الحزبي
القيادة المجددة لحزب الاتحاد الاشتراكي ستكون مطالبة خلال المرحلة المقبلة بتفعيل أولويات البرنامج السياسي والتنظيمي الذي تم عرضه خلال المؤتمر، وعلى رأسها:
-
توسيع قاعدة الانخراطات.
-
دعم الكفاءات الشابة والنسائية داخل الحزب.
-
تعزيز الحضور الإعلامي والتواصلي.
-
تطوير العلاقات مع القوى التقدمية داخليًا وخارجيًا.
كما يرتقب أن يلعب الحزب دورًا أكبر في بلورة مواقف واضحة تجاه القضايا الوطنية الكبرى، وذلك بما يعزز موقعه كمكون أساسي في المعارضة البرلمانية أو في أي تشكيل حكومي مقبل.
بين الرهان على الاستقرار وتحديات التجديد
لا شك أن الولاية الرابعة لإدريس لشكر على رأس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تفتح صفحة جديدة في تاريخ الحزب، لكنها أيضًا تضع القيادة أمام مسؤولية جسيمة لتجديد الخطاب، وتوسيع القاعدة الشعبية، وتعزيز الفعالية السياسية والتنظيمية. فهل تنجح القيادة في ترجمة هذا الدعم الواسع إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟ أم أن معركة التجديد الحقيقي ستبقى مؤجلة إلى إشعار آخر؟