أقرت الحكومة التونسية ضريبة جديدة على الثروة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، في خطوة تهدف إلى تعزيز موارد الدولة ومواجهة الصعوبات المالية المتفاقمة التي تعاني منها البلاد، وسط انحسار واضح في مصادر التمويل الخارجي.
وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية، فإن القانون الجديد يفرض ضريبة بنسبة 0.5% على الثروات التي تتراوح قيمتها بين 3 و5 ملايين دينار تونسي (نحو مليون إلى 1.6 مليون دولار)، و1% على الثروات التي تتجاوز 5 ملايين دينار. وتعد هذه أول مرة تعتمد فيها تونس ضريبة مباشرة على الثروة، في إطار حزمة من الإصلاحات الضريبية التي تعكف الحكومة على تنفيذها لتوسيع قاعدة الجباية وتحقيق العدالة الضريبية.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تواجه فيه تونس تحديات اقتصادية حادة، أبرزها ارتفاع المديونية وانكماش الاستثمارات وتراجع الدعم الخارجي. وكانت السلطات التونسية قد رفضت في وقت سابق شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار سنة 2023، معلنةً تبنيها نموذج “الاعتماد على الذات” لتغطية حاجاتها التمويلية.
إلى جانب ضريبة الثروة، يشمل مشروع الموازنة زيادات ضريبية أخرى، منها رسوم إضافية على فواتير الشراء في المساحات التجارية الكبرى، وخدمات الشحن الإلكتروني للهواتف المحمولة، وشراء السيارات. كما تنص الوثيقة على اقتطاعات بنسبة 4% من أرباح الشركات والبنوك وشركات التأمين ووكالات بيع السيارات.
وتُقدر ميزانية الدولة لسنة 2026 بنحو 63.5 مليار دينار تونسي، منها 47.7 مليار دينار من الإيرادات الضريبية، فيما تحتاج الحكومة إلى تمويلات خارجية وداخلية تبلغ حوالي 27 مليار دينار لتغطية العجز.
يأتي هذا التوجه بينما تشير بيانات رسمية حديثة إلى تراجع معدلات التضخم في تونس إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2021، في مؤشر إيجابي قد يمنح بعض الهامش للحكومة في تطبيق إصلاحاتها المالية دون إثقال كاهل المواطنين بموجات غلاء جديدة.
ويرى مراقبون أن ضريبة الثروة تمثل اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الحكومة على تحقيق توازن دقيق بين تعزيز الموارد المالية وضمان استقرار المناخ الاجتماعي، في ظل أوضاع اقتصادية تتسم بالهشاشة وتزايد الضغوط المعيشية على فئات واسعة من التونسيين.