ماريا غراتسيا كيوري تعود إلى فندي.. انتقال فاخر يعيد أمجاد الموضة الرومانية
بقلم الأستاذ محمد عيدني – فاس
بقلم الأستاذ محمد عيدني – فاس
تعود ماريا غراتسيا كيوري إلى موطنها الأول، في خطوة وصفت في أروقة الموضة العالمية بـ”الانتقال الفاخر” الذي يغلق دائرة إبداعية بدأت منذ عقود في دار “فندي” الإيطالية. فبعد عشر سنوات من التألق على رأس الإدارة الفنية لدار “ديور”، تعود المصممة الرومانية إلى الدار التي احتضنت بداياتها الأولى تحت إشراف الراحل كارل لاغرفيلد، لتكتب بذلك فصلاً جديداً في تاريخ الموضة الإيطالية والعالمية.
منذ توليها الإدارة الفنية في “ديور”، عُرفت كيوري بأسلوبها الذي يمزج بين الحرفية الرفيعة والرؤية النسوية المتحررة، إذ جعلت من الأنوثة محوراً جمالياً وفكرياً لمجموعاتها المتتالية. ومع ذلك، لم تخف يوماً حنينها إلى روما، المدينة التي شكلت ذاكرتها الفنية والوجدانية. فقد كانت تصرح في أكثر من مناسبة بأن العودة إلى “المدينة الأبدية” حلم مؤجل، تحقق اليوم على نحو درامي وباذخ في آن واحد.
قبل أشهر فقط، كانت كيوري قد قدّمت عرضها الأخير لديور في العاصمة الإيطالية، في إشارة بدت حينها غير مفهومة، لكنها كانت على ما يبدو مقدمة لقرار كبير. فالعلاقة التي تربطها بمدينة روما لم تقتصر يوماً على الانتماء المكاني، بل كانت امتداداً لالتزامها العميق بالثقافة والفن. ويكفي التذكير بمبادرتها مع ابنتها راكيلي ريجيني لإحياء “تياترو ديلا كوميتا”، المسرح الصغير الذي أغلق أبوابه خلال جائحة كورونا، والذي قامت بشرائه وترميمه ليصبح منارة جديدة للثقافة الرومانية.
لكن المفاجأة الكبرى جاءت قبل أسبوعين، حين أعلنت دار “فندي” في بيان رسمي عن رحيل سيلفيا فينتوريني فندي من الإدارة الفنية، ما فتح الباب أمام تكهنات كثيرة سرعان ما تحولت إلى يقين: ماريا غراتسيا كيوري ستتولى قيادة الإبداع في الدار التي ولدت منها فنياً. وجاء التأكيد الرسمي من الرئيس التنفيذي الجديد لـ”فندي”، رامون روس، الذي وصف انضمام كيوري بأنه “أحد أقوى القرارات الاستراتيجية التي تعكس طموح الدار في ترسيخ ريادتها العالمية”.
ويرى متتبعو عالم الأزياء أن هذا الانتقال يشكل منعطفاً في مسيرة “فندي”، التي تسعى إلى استعادة بريقها الإيطالي الأصيل في مواجهة التنافس المحتدم بين كبريات دور الموضة الأوروبية. فماريا غراتسيا، التي تجمع بين الحس الفني الرفيع والقدرة على قراءة روح العصر، قادرة على إعادة رسم هوية “فندي” بروح تجمع بين الأصالة والرؤية المستقبلية.
إن عودة كيوري إلى “فندي” ليست مجرد خطوة مهنية، بل هي عودة رمزية إلى الجذور، إلى المدينة التي علمتها أن الجمال لا ينفصل عن التاريخ، وأن الموضة ليست مجرد صناعة للأزياء، بل هي سردية للهوية والثقافة والحلم. وهكذا، تغلق الحلقة التي بدأت قبل سنوات طويلة، لتفتح باباً جديداً أمام الموضة الإيطالية نحو مرحلة أكثر نضجا وابتكارا.