في مناسبة اليوم العالمي للترجمة، الذي يوافق 30 شتنبر من كل عام، قدّم الشاعر المغربي سعد سرحان شذرات أدبية عميقة تحتفي بدور الترجمة في بناء الحضارة الإنسانية، مبرزًا مكانتها المركزية في وصل الثقافات وتجاوز الحواجز اللغوية.
سرحان اعتبر أن الاعتراف الدولي بالترجمة تأخر كثيرًا، إذ لم يقرّ يومها العالمي إلا سنة 2017، رغم أن دورها برز منذ انهيار برج بابل وتبلبل الألسن. وأكد أن الترجمة حاضرة في كل تفاصيل الحياة، من الشعر والفلسفة إلى نشرات الدواء وتعليمات الأجهزة المنزلية.
كما توقف عند العلاقة الجدلية بين الترجمة والخيانة، مستعرضًا نماذج أدبية شهيرة، أبرزها خيانة ماكس برود لوصية صديقه كافكا بعدم نشر أعماله، معتبرا أن تلك الخيانة بالذات أحيت إرث كافكا وأغنت المكتبة العالمية.
وفي مقاطع شعرية موحية، شبّه سرحان المترجم بالأسلوب ذاته، واعتبر أن اختلاف ترجمات النص الواحد يخلق نصوصًا جديدة بوجوه متعددة، مثلما فعلت ترجمات قصيدة “البحيرة” لامارتين التي ولّدت صورًا متباينة للقصيدة الأصلية.
ولم يخلُ نص سرحان من صور مجازية ثرية؛ فالترجمة عنده جسر للنصوص إلى مرايا الآخرين، وهي أيضًا خيانة جميلة حين تُعيد صياغة المعنى في لغة جديدة، مانحةً للنص حياة أخرى.
بهذه المقاربة الإبداعية، جعل الشاعر من اليوم العالمي للترجمة مناسبة للتأمل في جدلية الوفاء والخيانة التي ترافق فعل الترجمة، مؤكداً أن الخيانة أحيانًا قد تكون أسمى درجات الوفاء للنصوص وللإنسانية جمعاء.