معاناة أسر الأطفال المصابين بالتوحد في مكناس: أزمة نقص المراكز ورفض المدارس الخاصة استقبالهم

مجلة أصوات : سكينة طاهري

يشكل التوحد تحدياً كبيراً للأسر التي تحتضن أطفالاً يعانون من هذا الاضطراب النمائي، حيث تتضاعف معاناة هؤلاء الأهل بسبب غياب المراكز المتخصصة أو ندرتها في مدينة كبيرة مثل مكناس.

هذه الأزمة لا تعيق فقط عملية التكفل بالعناية والتأهيل لدى الأطفال، لكنها تنعكس أيضاً على المجتمع ككل، حيث يزداد التهميش وتحاصر الفئات الهشة من أبناء المجتمع في عزلة اجتماعية وتعليمية.

نقص المراكز والمؤسسات المتخصصة: مأزق مؤلم
تفتقر مدينة مكناس إلى عدد كافٍ من المراكز المتخصصة في علاج اضطرابات التوحد، وهو ما يجعل الأسر في حيرة كبيرة ويجعل أطفالها ضحايا إهمال حقيقي في الرعاية الصحية والتعليمية. تلك المراكز التي يندر وجودها تمثل للوالدين الأمل الوحيد لتلقي أبنائهم العلاج والدعم النفسي والاجتماعي، لكن بغيابها تضيع الفرص وتبقى حلقات الدعم ضعيفة أو معدومة. 

 

رفض بعض المدارس الخاصة استقبال الأطفال ذوي التوحد: أزمة جديدة
تزداد المعاناة عندما تلجأ الأسر إلى المدارس الخاصة، أملاً في توفير بيئة تعليمية تقبل اختلافات أبنائها وتمنحهم حقًا في التعليم. مع الأسف، ترفض بعض هذه المدارس استقبال الأطفال ذوي التوحد، أو تضع شروطاً تعجيزية مثل ضرورة وجود مرافق خاص لكل طفل، وهو مطلب يصعب على كثير من الأسر تحقيقه مادياً ومعنوياً.

 

هذا الرفض لا يعكس فقط عدم تفهم الاحتياجات الخاصة للأطفال، بل يشكل انتهاكاً ضمنياً لحقهم في التعليم ولحقوق الإنسان بشكل عام. كما أن تحميل الأسر مسؤوليات إضافية دون تقديم دعم رسمي يزيد من الإحساس بالظلم الاجتماعي والاقتصادي.

 

أين دور السلطة العمومية؟ مسؤوليات يجب فرضها

في ظل هذه الوضعية المقلقة، يتساءل المواطنون: أين هي السلطة العمومية؟ ولماذا لا تقوم الدولة ومؤسساتها بالتدخل المباشر لتوفير مراكز متخصصة وتعزيز حق الأطفال ذوي التوحد في التعليم والتأهيل؟

 

الدولة مسؤولة عن توفير بنية تحتية تعليمية وصحية تستجيب لحاجات جميع فئات المجتمع، ولا يمكن لها أن تتغاضى عن فئة تحتاج إلى جهد ودعم خاصين. يتطلب الأمر سن قوانين تحمي حقوق الأطفال ذوي التوحد وتفرض على المدارس تقبلهم وتوفير الدعم اللازم، بالإضافة إلى دعم مالي وتقني للأسر التي تواجه صعوبات.

 

خاتما نداء لإنصاف أطفال التوحد وأسرهم 

معاناة أسر الأطفال المصابين بالتوحد في مكناس تعكس أزمة عميقة يجب أن تُواجه بجدية ومسؤولية. على الجهات المعنية، من وزارة الصحة إلى وزارة التربية الوطنية إلى المجتمع المدني، العمل سوياً لإنهاء هذا التهميش، وضمان توفير مراكز متخصصة، وحماية حقوق الأطفال في التعليم تحت ظروف مناسبة.

فالتجاهل ليس خياراً، والتعليم والتأهيل لعبة حياة أو موت لهؤلاء الأطفال وأسرهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.