التوحد: رحلة فهم شاملة من أسباب ونصائح الحمل إلى طرق العلاج والنجاح

بقلم الأستاذة: سكينة طاهري

التوحد، أو اضطراب طيف التوحد (ASD)، هو حالة عصبية تطورية تؤثر بشكل عميق على طريقة تفاعل الفرد مع العالم من حوله. يبدأ ظهور أعراضه عادة في السنوات الأولى من حياة الطفل، ويتراوح أثره بين خفيف إلى شديد، مما يتطلب منا فهمًا دقيقًا وعناية خاصة.

 

ما هو التوحد؟

التوحد هو حالة تؤثر على التواصل الاجتماعي والسلوك. الأطفال المصابون يصعب عليهم أحيانًا التعبير عن مشاعرهم والتفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي. قد يكررون سلوكيات معينة أو يهتمون بمواضيع محددة بشكل مفرط، وهذا هو جزء من مظاهر التنوع في طيف التوحد.

 

ماهي أسباب التوحد ؟

لا يوجد سبب واحد معروف للتوحد، بل مجموعة من العوامل تتداخل معًا، منها:

العوامل الوراثية: تلعب جينات معينة دورًا في زيادة احتمال الإصابة.

اضطرابات نمو الدماغ: بعض الفروقات في تطور الدماغ ترتبط بالتوحد.

العوامل البيئية: مثل التعرض لمواد سامة أو التلوث خلال الحمل.

مضاعفات الحمل والولادة: مثل نقص الأوكسجين خلال الولادة، أو التوتر الشديد للأم.

 

الحمل الصحي: حماية من البداية

رعاية الأم خلال الحمل أساسية للوقاية من مخاطر تطور اضطرابات النمو العصبي كالتوحد. التغذية المتوازنة، الفحوص الطبية المنتظمة، الابتعاد التام عن الكحول، التدخين، والمهدئات، كلها عوامل مهمة للحفاظ على صحة الجنين. كذلك، الاستقرار النفسي للأم يلعب دورًا كبيرًا؛ فالقلق والتوتر المزمن قد يؤثران سلبًا على نمو الطفل.

 

نصيحة ذهبية للأمهات:

خلال فترة الحمل، يجب تجنب تناول أي دواء أو أعشاب دون استشارة الطبيب، لأن بعضها قد يحمل مخاطر غير معروفة. كما لا تنسي الجانب الروحي: الدعاء، قراءة القرآن، والتوكل على الله تساعد في تحقيق الاطمئنان النفسي وراحة البال، التي تنعكس إيجابيًا على صحة الجنين.

 

التدخل المبكر: مفتاح تحسين حياة الطفل

على الرغم من أن التوحد ليس له علاج شافٍ حتى الآن، فإن التدخل المبكر يعزز فرص الطفل في التواصل والتعلم. من أشهر العلاجات:

العلاج السلوكي التحليلي (ABA): يركز على تعليم مهارات جديدة وتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها.

العلاج بالتخاطب: لتحسين القدرة على التواصل اللفظي وغير اللفظي.

العلاج الوظيفي: يساعد الطفل على التعامل مع الأنشطة اليومية بفعالية أكبر.

الدعم التعليمي الخاص: في بيئة مدرسية مناسبة يمكنها تلبية حاجاته التعليمية والاجتماعية.

 

التوحد: تحدي وفرصة

التوحد ليس نهاية العالم، بل هو اختلاف يحتاج منا فهماً وصبراً ورعاية مستمرة. كثير من الأطفال الذين يعانون من التوحد يحققون نجاحات كبيرة في مجالات مختلفة عندما يحصلون على الدعم المناسب. التوعية الصحيحة والتحضير المبكر هما الركيزتان الأساسيتان لتمكين الطفل من مستقبل مشرق.

 

في النهاية، تبدأ رحلة الوقاية والتعامل مع التوحد من الاهتمام بصحة الأم خلال الحمل، مرورًا بالدعم والتدخل المبكر للطفل، وصولًا إلى تقبل التنوع والتفرد في عالمنا. فالتوحد لا يحدد قيمة الإنسان، بل يضيف إلى لوحة الإنسانية ألوانًا متعددة تستحق الفهم والاحتضان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.