(الرسولة رينا) و تنبؤات

بدر الدين الشعيبة

قبل رينا ..
كان الزمان مأساويا
و لم يكن للغتي دلالات كلامية..
و كانت السنابل تنمو بالمطر..
و يغيب الظلام بالقمر..
و يكتب كل ذي قصيدة قصيدته بالسهر..
لكن بعدها تغير كل شيء..
تغير شكل القضاء
و تغير شكل القدر…
2
قبل رينا
كانت حياتي عادية جدا
و لم أكن أدري أن ..
للإستثناء في ماء العشق ثمن..
و أن الحبيبة لا يكفيها القلم..
و أنها فوق ادعاء الأنوثة..
و فوق كل مشية بهية
و فوق كل صوت حسن
فكيف استطاعت ، كيف .. ؟
بكل إجرامها البدوي..
أن ترفع عني الألم !
3
قبل رينا..
كانت نفسي في انشطار
و تناقض و انتحار..
جنون بين الشمال و الجنوب
و اختلاف بين الليل والنهار..
فكيف استطاعت رينا..كيف ..؟
أن تأخذ نصف عقلي
و نصف ناصيتي .. !
و أن تقتلني بين الدروب…
4
قبل رينا..
لم أكن أؤمن بالمرأة النبية..
أو المرأة الرسولة..
أو المرأة الولية الصالحة..
أو المرأة الساحرة الطالحة..
كنت دائما متشدد النظرة
و متشبث الفطرة..
لكنها بكل تفاصيلها و أعاصيرها
و براكينها و أنهارها و كهربائها..
حملت هم الرسالة ..
و استحقت لقب الأميرة ..
5
قبل رينا
لم يكن لي معنى ولا سبب..
ولم يكن للحب عندي سبب..
ولا للعشق سبب..
لم أكن أعرف معنى التعب..
و معنى أن ينسحق الإنسان في الهوى الكبير..
و معنى أن يشعر بالغضب..
إن رينا حين دخلت تفاصيل حياتي
لم تستأذن حتى ..
و لم تطلب أي طلب ..
لقد قلبت تاريخي و أحاسيسي..
قلبا على عقب ..
و رأسا على عقب
و صراخا على عصب ..
6
قبل رينا..
كانت لقصائدي
أسلوب واحد في الخطابة..
و أسلوب واحد في التعبير..
و أسلوب واحد في التنوير..
كانت أشعاري مملة جدا
و لا تصلح للكتابة..
لكن بعد رينا..
أصبحت لأبجديتي قطرات أمطار و سحابة..
و بعدما كان الإبهام سيد القرارات..
أصبح العرش للسبابة..
أصبح العرش للسبابة.. !!
7
قبل رينا
كنت دائما مطلع على أخبار العشق و العاشقين
أقرأ لنازك الملائكة..
و أحمد شوقي ..
و رثاء الخنساء لأخيها ..
و عزاء نزار قباني على بلقيس..
و معجب جدا بمجنون ليلى..
حين عرفت رينا..
تأكدت أني محتاج للإطلاع
على مجلدات سيغموند فرويد ..
و جوليا كريستيفا..
مع القليل من العلاجات النفسية
و الهواء النقي الخفيف..
8
قبل رينا
لم يكن لزرقة البحر أي دليل..
ولم تكن لزرقة السماء كذلك دليل..
أ هو البحر استقطب زرقته من السماء ؟
أم السماء استقطبت زرقتها من البحر ؟
لكن بعد بحث طويل..
اكتشفت أنهم استقطبوه من رينا.. !
9
قبل رينا
كان العاشقون يمارسون نفس التقليد..
يتبعون الشهوات و البنات كالبعير..
يبحثون عن أقرب سرير..
يبنون بيوتا و منازل من سعير..
لكن بعد رينا..
اختلفت قواعد العشق..
و أصبح لكل شيء تجديد..
أصبحت العظمة للقصيدة
و أحرف التخليد..
لقد أحيتني متيما عاشقا
خرب التقليد
خرب التقليد..!
10
قبل رينا
كانت القصيدة متقوقعة في ذاتها و دواخلها..
و تخشى أن تخرج عن سيطرة الحرف..
كان الشعر يقتله الخوف..
و كاتبه يقتله الخوف..
و التي أوجه إليها أشعاري..
يقتلها الخوف..
لكنها بعدما استوعبت طريقتي..
استقبلت الضيف..
و رمت السيف..
بعد رينا..
لا تتبلل القصيدة بالمطر حين الشتاء
ولا تصيبها الحمى حين الصيف..
11
قبل رينا
لم أكن أعرف شعور الحنان بكامل أوصافه..
و أن عاطفة الرجل رجولة..
و انكساره بين يدي الحبيبة طفولة..
بعد رينا
تيقنت أنه ستفنى الأرض المجهولة..
و سيموت كل من لعب دور البطولة..
ستفنى الحقول و السنابل في دواخلي..
و لكن لن تفنى في دواخلي الرسولة..
ليست بهذه السهولة..
ليست بهذه السهولة..
لن تفنى الرسولة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.