مبارك أجروض
عندما ينضج الطفل الصغير ويكون على أعتاب مرحلة البلوغ والمراهقة، يجب علينا كآباء أن نكون أصدقاء لأبنائنا نساندهم ونساعدهم في تخطي هذه المرحلة الحرجة، ونكون مصدر معلوماتهم الأول عن التغييرات النفسية والجسمانية التي تحدث لهم، كما يجب علينا أن نجيب على كافة تساؤلاتهم إجابات صحيحة ووافية.
مما لا شك فيه أن مرحلة البلوغ من الفترات التي تتميز بالكثير من التغيرات البالغة التي تحدث بجسم الطفل وتحوله لمراهق على المستوى العضوي أو المستوى النفسي والجنسي.
ـ أثر تغيرات البلوغ على جسم الفرد
هذه التغيرات تؤثر على طبيعة الطفل وعلى اتزانه النفسي والعاطفي وهي تؤثر بالضرورة على مؤشرات الأداء الدراسي الخاص بالطفل خاصة الفتيات من يبدأن في البلوغ بوقت مبكر عن الذكور فهن يبدأن في البلوغ في عمر العاشرة أو أقل.
ـ مرحلة البلوغ لدى البنات
هناك الكثير من الهرمونات التي تكون مسئولة عن تلك التحولات الشكلية والوظيفية، ومن أهم هذه الهرمونات في هذه المرحلة هي هرمونات النضج ومسؤولة عن عمل الأعضاء الجنسية على المستوى الشكلي للفتيات والتي تكسب الجسد الملامح الأنثوية أو على المستوى وظائف تلك الأعضاء، حيث تبدأ المبايض بإخراج البويضات لحدوث الدورة الشهرية للمرة الأولى.
ـ الهرمونات الجنسية
من المعروف أن الهرمونات الجنسية لدى الإناث يتحكم بها هرمون الاستروجين وهرمون البروجستيرون اللذان يؤثران على كل من الحالة الجنسية والحالة العاطفية للفتيات وهم لهم أثر على حدوث تغيرات فسيولوجية في الأعضاء التناسلية الخارجية أو الداخلية.
وبالطبع فإن هذا التحول في المظهر وعلى المستوى العاطفي وأيضاً الجنسي يسبب عبئاً نفسياً على الفتاة، ولكن يبدو أن علامات البلوغ تمثل عبئاً من نوع مختلف على الفتيات تبعاً لأحدث الدراسات الخاصة بالبلوغ والتي نشرت بدورية journal Current Biology والتي أشارت إلى دور هذين الهرمونين الذي ربما يمتد ليؤثر على كافة العمليات التعليمية أيضاً .
ليس فقط لتأثير تلك الهرمونات على كل من الحالة النفسية والمزاجية، ولكن أيضاً ربما بسبب أن بداية البلوغ لها تأثير على القشرة المخية الأمامية والتي تتحمل المسؤولية بعملية التعلم والإدراك لاكتساب الخبرات المختلفة في النطاق اللغوي والسلوكي والاجتماعي، وبفعل هذا التأثير تعاني بعض الفتيات من مشكلات وصعوبات في التعلم.
والدراسة التي قام بها العلماء بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة خلصت إلى تلك النتائج بعد التجارب التي إجراؤها على إناث الفئران والتي لها أثر كبير على الفتيات بالعملية التعليمية، خاصة أن مرحلة البلوغ عند البنات عند بعض الفتيات تبدأ في عمر السابعة أو الثامنة بالمدن الكبرى وربما يكون السبب في هذا هو ضغوط الحياة بالمدن الكبرى فضلاً عن تفشي ظاهرة البدانة بفعل للعادات الغذائية الخاطئة وبسبب الاعتماد على الوجبات السريعة بشكل كبير.
الفتيات بهذه المرحلة العمرية في الأغلب يكونن ما زلن بالمرحلة الابتدائية من الدراسة والتي تستدعي شحذ قدراتهن الإدراكية مما يعني أن البلوغ قد يحمل تأثير بالسلب عليهن.
ـ أثر الهرمونات على تغييرات المخ
لاحظ الباحثون تغيرات على التوصيلات العصبية بالقشرة المخية الأمامية بالإناث بالفئران بعد تعرضهن للحقن بهرمونات البلوغ، وحدثت تلك التغيرات بالمنطقة المسئولة عن التعلم في المخ والمتحكمة في الانتباه والتعامل بالمواقف المختلفة .
وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها والتي تناقش علاقة هرمونات البلوغ بالوصلات العصبية، كما أكدت الدراسة أن القشرة المخية لدى الفتيات في بداية البلوغ تكون لديها مزيد من المرونة والقدرة للتعامل مع تلك المثبطات التي تتزامن مع تكون هرمونات البلوغ وظهور علامات البلوغ وهو الذي يمكن العديد من الفتيات من استكمال حياتهم المهنية والدراسية بتفوق.
بطبيعة الحال هناك العديد من الفروق الفردية بين كل فتاة وأخرى بالتأثر والقدرات الإدراكية، بمعنى أن تلك التغيرات تعمل بمثابة مفتاح كهربائي يثبط عمل التوصيلات العصبية، ولكن لأن مخ الأطفال أكثر مرونة من البالغين في التعلم فهو بذلك يمكنه التغلب على تلك الهرمونات.