لماذا تستثمر قطر في باكستان الغارقة في أزمة؟ هكذا تساءلت صحيفة ‘‘ليزيكو’’ الاقتصادية الفرنسية، قائلة إن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف لم يغادر الدوحة خالي الوفاض حيث كان في زيارة رسمية يوم الأربعاء، حيث أعلن صندوق الثروة السيادية القطري عن استثمارات مستقبلية في الاقتصاد الباكستاني بقيمة 3 مليارات دولار.
وأوضحت الصحيفة الاقتصادية الفرنسية أن هذا ‘‘التقارب’’ بين البلدين يأتي في وقت تواجه فيه باكستان أزمة خطيرة تفاقمت بسبب الاضطرابات السياسية التي أثارها رئيس الوزراء السابق عمران خان. هذا الأخير، كان قد تم دفعه في شهر أبريل الماضي إلى الخروج من خلال اقتراح بحجب الثقة.
منذ ذلك الحين، يدلي نجم الكريكت السابق بتصريحات عاصفة حول الجيش. هذا الأخير، يرد بالتلويح وبالتهديد بالاعتقال. وتنشغل إسلام أباد بشكل أساسي بالحصول من صندوق النقد الدولي على دفعة من 1.2 مليار دولار من خطة الإنقاذ الممنوحة في عام 2019 والبالغة 6 مليارات دولار، وذلك في وقت يستمر فيه عجز الحساب الجاري في الاتساع، ويتواصل انخفاض قيمة الروبية، وبلغ التضخم 25 في المئة.
وأوضحت ‘‘ليزيكو’’ أن قطر منفتحة على الخليج العربي، وتتجه بشكل طبيعي نحو آسيا، لكن ‘‘علاقاتها مع باكستان اتخذت بعدًا آخر في الأعوام 2015-2018، مع توقيع عقود إمدادات الغاز الرئيسية. فباكستان تعتمد إلى حد كبير على الغاز الطبيعي المسال الذي يوفر 80 في المئة من إنتاجها من الكهرباء. ويمثل العاملون الباكستانيون في قطر، البالغ عددهم 200 ألف عامل، رابطًا قويًا آخر بين البلدين”.
واعتبرت ‘‘ليزيكو’’ أن قطاعات الاستثمار المذكورة تعطي لمحة عن المنطق الجيوسياسي في العمل للقطريين. وسيشمل ذلك، من بين أمور أخرى، ضخ النقد في البنى التحتية الجوية ومحطات الموانئ ومحطات توليد الطاقة بالغاز الطبيعي.
كما رأت ‘‘ليزيكو’’ أن أزمة الانسحاب الأمريكي من كابول أظهرت إلى أي مدى تظل باكستان، بموقعها الجغرافي وتبدلاتها التاريخية مع طالبان، محورًا إقليميًا. كما أن قطر، التي استضافت مكتبا تمثيليا لطالبان وأجرت محادثات مع النظام الأفغاني السابق حتى سقوطه في شهر أغسطس عام 2021، ما تزال قناة أساسية للحوار مع النظام الجديد في كابول، وقد تكون أيضًا قناة لتوفير الوصول لشركائها الغربيين، بقيادة الولايات المتحدة، إلى باكستان.
وهكذا – تقول ‘‘ليزيكو’’ – بينما تستحوذ الحرب في أوكرانيا على اهتمام الغرب، يواصل الشرق الأوسط إعادة تشكيله الاستراتيجي، وهو ما يؤكد أهمية آسيا في التشكيلات الجديدة القادمة.