2025.. سنة أغلقت أبوابها على أسماء رحلت ولم تُنسَ

مجلة أصوات

شهد عام 2025 رحيل عدد من الشخصيات الدولية المؤثرة التي تركت بصماتٍ واضحة في السياسة والدين والمجتمع العالمي.

تنوّعت أسباب الوفاة بين المرض والحوادث المفاجئة، ما جعل هذا العام محطة حزينة في ذاكرة العالم.

وكان من أبرز الراحلين البابا فرنسيس، أول بابا من أمريكا اللاتينية، الذي عُرف بتواضعه وقربه من الفقراء ورسائله الإنسانية العابرة للحدود.

برحيله، أُسدل الستار على مرحلة مميزة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، لتبدأ صفحة جديدة بانتخاب البابا ليو الرابع عشر، أول بابا من الولايات المتحدة.

عامٌ اتسم بالفقد، لكنه أعاد تسليط الضوء على إرث شخصيات ستبقى حاضرة في الذاكرة الإنسانية.

 

ومن بين أبرز الراحلين في عام 2025 أيضًا، رئيس الأوروغواي السابق خوسيه “بيبي” موخيكا، الذي توفي في الثالث عشر من مايو بعد صراع مع سرطان المريء.

 

ارتبط اسمه عالميًا بالزهد والتقشف، وقاد بلاده بين عامي 2010 و2015، واشتهر بلقب “أفقر رئيس في العالم” بسبب تبرعه بمعظم راتبه للأعمال الخيرية، وعيشه في مزرعة متواضعة، وابتعاده عن مظاهر السلطة.

 

ورغم ذلك، كان يرفض هذا اللقب، مؤكدًا أن الفقر الحقيقي هو الجشع والسعي اللامحدود وراء المال.

وفي سياقٍ مغاير، انتقل عام 2025 من رمزية الزهد إلى واقع الصراع الدموي، حيث اغتيلت شخصيتان عسكريتان بارزتان في إيران: قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان اللواء محمد باقري.

 

وقد قُتلا مع عدد من القادة والعلماء النوويين في غارات إسرائيلية فجر الثالث عشر من يونيو، ما أشعل حربًا عنيفة استمرت اثني عشر يومًا وخلّفت تداعيات خطيرة على المنطقة.

 

وفي السياق نفسه، تواصلت سياسة الاغتيالات لتطال قيادات أخرى في بؤر الصراع، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي في الثالث من أكتوبر عن اغتيال روحي مشتهى،

رئيس حكومة حركة حماس في قطاع غزة، والذي كان يُنظر إليه بوصفه الخليفة المحتمل ليحيى السنوار. وجاء الإعلان بعد أشهر من تسريبات إعلامية،

لتتضح لاحقًا تفاصيل العملية التي نُفذت عبر غارة جوية استهدفت نفقًا في مدينة غزة.

وامتدت هذه العمليات إلى اليمن، حيث أسفرت غارة جوية إسرائيلية عن مقتل أحمد غالب ناصر الرحوي، رئيس الوزراء في حكومة الحوثيين، خلال استهداف اجتماع حكومي في صنعاء، إلى جانب عدد من المسؤولين، من بينهم وزير الخارجية جمال عامر.

 

ومن ساحات الشرق الأوسط المشتعلة إلى واشنطن، شهد عام 2025 أيضًا رحيل ديك تشيني، أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السياسة الأمريكية،

والذي شغل منصب وزير الدفاع خلال حرب الخليج الأولى، ثم نائبًا للرئيس في عهد جورج بوش الابن، وكان من أبرز مهندسي غزوي أفغانستان والعراق.

 

توفي ديك تشيني في الثالث من نوفمبر عن عمر 84 عامًا، متأثرًا بمضاعفات التهاب رئوي وأمراض قلبية وعائية، بعد مسيرة سياسية وُصف خلالها بأنه أحد أكثر نواب الرؤساء نفوذًا في التاريخ الأمريكي.

وكان قد عانى من أمراض قلبية مزمنة منذ إصابته بأول نوبة قلبية عام 1978، تلتها عدة نوبات وعمليات جراحية كبرى.

أما الحادث المأساوي الأخير في عام 2025، فتمثّل في وفاة رئيس أركان القوات المسلحة الليبية، اللواء محمد علي أحمد الحداد، في الثالث والعشرين من ديسمبر، إثر تحطم طائرته العسكرية من طراز “داسو فالكون 50” قرب أنقرة أثناء عودته من زيارة رسمية إلى تركيا.

وأسفر الحادث عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة، وعددهم ثمانية أشخاص، بعد عطل كهربائي اضطر الطاقم لطلب هبوط اضطراري قبل التحطم.

وأعلنت السلطات التركية العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة، مؤكدة فتح تحقيق شامل لكشف ملابسات الحادث، مع استبعاد فرضية التخريب في مراحله الأولية.

وكان اللواء محمد علي أحمد الحداد يُعد من أبرز الشخصيات العسكرية الليبية، إذ لعب دورًا محوريًا في مساعي توحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة، ليُمنح بعد وفاته رتبة مشير تقديرًا لإسهاماته.

وبذلك، بدا عام 2025 صفحة قاتمة في سجل التاريخ المعاصر؛ عامٌ تداخلت فيه صور الزهد الديني مع تحولات السياسة، وامتزجت فيه ساحات القتال بحوادث مأساوية أنهت حياة قادة ومسؤولين تركوا أثرًا عميقًا في بلدانهم وخارجها.

رحلوا تاركين فراغًا ثقيلًا وأسئلة مفتوحة حول ما يحمله المستقبل، في عالم تتراجع فيه حصانة الحدود، وتتسارع فيه الأسلحة الجديدة، وتزداد فيه هشاشة الاستقرار مع تقلبات منتصف العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.