نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا لمراسلتها لينغلي وي أن وزير الخارجية الصيني تشين غانغ قد عزل من منصبه بعد تحقيق داخلي أجراه الحزب الشيوعي الصيني لإقامته علاقة غرامية.
وأضاف نفس المصدر أن لينغلي وي لا يزال رهن التحقيق بشبهة خرق الأمن القومي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين صينيين بارزين اطلعوا على نتائج التحقيق بشأن غانغ أنه أقام علاقة غرامية استمرت طوال فترته كمبعوث للصين في واشنطن.
وطالما نظر للوزير السابق بأنه مقرب ومحل ثقة الرئيس الصيني شي جينبينغ، لكنه جرد من منصبه كوزير للخارجية في تموز/يوليو بدون تقديم أي إيضاحات، وبعد اختفائه من المشهد السياسي قبل شهر من عزله.
وفي مرحلة من اختفائه قالت وزارة الخارجية إن تغيب تشين غانغ (57 عاما) يرجع لأسباب صحية.
واطلع المسؤولون الصينيون البارزون بمن فيها وزراء وقادة إقليميون على إحاطة، الشهر الماضي، تتضمن تحقيق الحزب الشيوعي في بخصوص تشين، الذي عمل سفيرا للصين في واشنطن في الفترة ما بين تموز/يوليو 2021 وحتى هذا العام. وأخبر المسؤولون بأن سبب عزله راجع ل“قضايا تتعلق بأسلوب حياته”، وهي كناية شائعة في الحزب عن ممارسات جنسية غير لائقة، حسبما قال أشخاص.
وأخبر المسؤولون أيضا أن تشين تورط في علاقة غرامية أدت لولادة طفل في الولايات المتحدة، حسبما قال شخصان.
إلا أن الحزب لم يكشف للمسؤولين أثناء تقديم نتائج التحقيق حول الوزير السابق، عن اسم المرأة والطفل، ولم تستطع الصحيفة التأكد من هوية الأم والطفل.
ولا زالت التحقيقات مستمرة بالتعاون من تشين، وتركز الآن حول أثر العلاقة العاطفية وتصرفات أخرى على الأمن القومي الصيني. فيما يستمر مجلس الدولة في الصين بإدراج اسم الوزير السابق ضمن خمسة مستشارين، حيث لم ترد وزارة الخارجية ولا مكتب مجلس معلومات الدولة على أسئلة الصحيفة.
وجاء عزل تشين الذي لم يخدم بالمنصب سوى سبعة أشهر وسط محاولات الصين التغلب على مكامن الضعف الأمني، حيث تزيد القيادة الصينية من التنافس مع الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال مطلعون إن القادة البارزين في الحزب يركزون على المسؤولين الذين لهم علاقة بالأجانب والقيادة العسكرية البارزة المكلفة بمهمة تحضير الجيش للقتال.
وكان وزير الدفاع، لي شانغفو، وهو الشخص المسؤول عن علاقات الصين مع الدول الأخرى، قد اختفى، في وقت سابق، وقيل إنه اعتقل للتحقيق معه.
وفي تموز/يوليو، تم عزل كل من قائد ومفوض قوة الصواريخ في جيش التحرير الشعبي من منصبيهما بدون أية توضيحات أو أسباب.
وقال عارفون إن رجال الأعمال والاقتصاديين الذين سمح لهم في الماضي بالتحاور والتواصل مع الأجانب يجدون أنفسهم مجبرين على تقديم تفاصيل أكثر عن اللقاءات نتيجة للتدقيق المتزايد.
في السياق ذاته قال محللون سياسيون إن المشاكل التي تورط فيها أهم دبلوماسي ومسؤولين عسكريين وكلهم صادق على تعيينهم الرئيس شي، تعتبر ضربة للزعيم الصيني وأسلوبه في الحكم الذي يقدمه كبديل عن أسلوب الغرب.
ويعاني الاقتصاد الصيني في نفس الوقت من مشكلة ثقة، لم يشهد مثلها منذ عصر الانفتاح في السبعينيات من القرن الماضي.
وقال يون سون، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون بواشنطن، إن الاضطرابات في المستويات العليا بالحكومة والجيش “قد تقترح عدم استقرار سياسي في الصين، في وقت تحتاج فيه للاستقرار نظرا للتباطؤ في الاقتصاد”، مضيفا أن “هذا يثير التساؤلات حول سيطرة شي على الوضع بشكل كامل”.
ويأتي العزل المفاجئ لتشين وسط جهود حثيثة من بيجين وواشنطن منذ أشهر من أجل التحضير لمشاركة شي في القمة الآسيوية- الباسيفيكية في سان فرانسيسكو التي ستقام خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، إضافة إلى قمة محتملة مع بايدن، بحيث تكون دعما للجهود الحذرة لتحقيق استقرار في العلاقات.
وعين شي وانغ يي، العضو في مكتب الحزب محل تشين. والتقى وانغ، نهاية الأسبوع الماضي، الذي التقى بمستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، بمالطة، والذي طمأن واشنطن بأن ذوبان الجليد على المستويات العليا سيستمر.
وعرف تشين كدبلوماسي هادئ وبأسلوبه المهذب في التعامل، واختاره شي ليكون وزير خارجية البلاد، وبعد أقل من عامين تم اختياره سفيرا للصين في واشنطن؛ وهو ما نظر إليه كترفيع سريع في نظام يركز على الخبرة إلى جانب الصلات السياسية. وقبل تعيينه سفيرا عمل كنائب وزير كلف بتخطيط المناسبات لشي ورافقه في العديد من رحلاته الخارجية؛ ولهذا كان سقوط تشين السريع محلا لتساؤلات بسبب قربه من الزعيم الصيني، وفي غياب المعلومات انتشرت الشائعات عبر منصات التواصل الإجتماعي بما فيها علاقة غرامية.
وفي النظام الصيني الغامض فإن العلاقات الجنسية غير المشروعة تستخدم أداة لتشويه المسؤولين الذين يعتبرون غير موالين للنظام، وفي حالة تشين، فإن المولود في أمريكا نتيجة للعلاقة المحرمة، يمكن أن يحد من قدرته على التعامل مع الأمريكيين، وهو ما كان سببا في سقوطه، حسبما تم إخبار مسؤولي الحزب.
وشدد شي في الفترة الماضية الشروط المفروضة على المسؤولين الذين يملكون أرصدة مالية في الخارج أو عقارات، وذلك بهدف التقليل من المخاطر الجيوسياسية وسط مخاوف من تحول مسؤولين بأرصدة في الخارج لتهمة لو أرادت الولايات المتحدة والقوى الغربية فرض عقوبات ضدهم، تماما كما حدث مع موسكو بعد غزوها لأوكرانيا.
إضافة لهذا، فقد ركز شي خلال أكثر من عقد من الحكم على مكافحة الفساد وانتشار قصص عن الحياة الباذخة للمسؤولين والنساء والعشيقات، بشكل أثار السخرية من قيادة الحزب.
وفي هذا الشأن قال شي في لقاء مع مسؤولين بارزين في بداية حكمه “أيها الناس، إما أن تضيعوا أنفسكم في الأكل والشرب حتى القبر أو بين الشراشف”.