دعا المشاركون في أشغال ندوة “دور الإعلام في دعم الهوية الحضارية للقدس”، أمس الثلاثاء بالرباط، إلى مواجهة آلة التحريض الإعلامية ضد المقدسيين، باستحضار “نداء القدس” التاريخي الذي وقعه في 2019 أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وقداسة البابا فرانسيس.
ويروم ” نداء القدس” المحافظة والنهوض بالطابع الخاص للقدس لتبقى مدينة متعددة الأديان، وبالبعد الروحي والهوية الفريدة للمدينة المقدسة باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، وبوصفها، قبل كل شيء، أرضا للقاء ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث، ومركزا لقيم الاحترام المتبادل والحوار.
وأشاد المشاركون في الندوة المنظمة بشراكة ما بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووكالة بيت مال القدس الشريف، على هامش اجتماعات وزراء الإعلام العرب التي تستضيفها المملكة المغربية ما بين 19 و21 يونيو الجاري، بالمنهجية الواقعية التي يوجه بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عمل لجنة القدس، من خلال المسار السياسي والقانوني، الذي تضطلع فيه الدبلوماسية المغربية بدور مقدر، ومن خلال المسار الاجتماعي الميداني، الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف بمجهود مؤثر بشهادة أهل القدس ومؤسساتهم.
وحسب التقرير الختامي للندوة فقد شدد المشاركون على أهمية بلورة وثيقة عربية مرجعية للتحكم في الرسائل والمصطلحات العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية، يمكن اعتمادها، بالتعاون بين الهيئات ذات الصلة في مجلس الجامعة العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي، وتتبناها الاتحادات المختصة، والمنظمات ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام في الدول الأعضاء.
كما نبه المشاركون، حسب المصدر نفسه “إلى الخطورة التي تكتسيها حملات التضليل والتغرير التي تنهجها الآلة الإعلامية المتمرسة للترويج للرواية الإسرائيلية، ومحاربة الحق الفلسطيني في حماية مقدساته الدينية والحضارية، وصيانتها والحفاظ عليها، وهي الرواية التي باتت أكثر انتشارا في الأوساط الغربية، على الرغم من الجهود التي تبذلها بعض وسائل الإعلام العربية لدحض مزاعمها”.
وفي هذا السياق، تم التشديد على أن دفاع الإعلام العربي عن القدس، باعتبارها إرثا مشتركا للإنسانية، يتعين أن يقوم على خطاب يفهمه المتتبع الغربي ومؤسساته، ينتقل من مربع الدفاع المجرد، رغم التضحيات الجسام التي يتكبدها الجسد الفلسطيني، إلى المبادرة المقدامة التي تقوم على الترويج لقصص صمود هذا الشعب الأعزل أمام آلة الدعاية التي لم تنل من الوجود العربي والإسلامي على هذه الأرض المباركة.
وعلى هذا الصعيد أيضا أكد المشاركون على أهمية العناية بمنصات التواصل الاجتماعي لدعم مقومات الترافع الإعلامي عن القدس، باعتبارها مهدا للتعايش الديني والحضاري، وتحصين المدركات الجماعية الإنسانية، التي تعزز التفاف المجتمع الدولي حول الحق الفلسطيني، “دون التنازل عما يؤمن به إعلامنا العربي من ثوابت لا تراجع عنها”.
وسجلوا أنه لا مناص من تدخل حاسم من قِبل السلطات الإعلامية في الوطن العربي لتجويد المحتوى الإعلامي الموجه للخارج حول القضايا العربية ذات الأولوية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية وقضية القدس، وجعله أكثر قابلية للترويج على منصات شركات الإعلام الدولية نظير “غوغل” و”فيسبوك” و”أمازون” و”نتفليكس”، التي يجد فيها الخطاب المضاد رواجا كبيرا، يجعله أكثر انتشارا من غيره.
واعتبروا أن فكرة إحداث منصة عربية موحدة للإعلام “تبدو مناسبة” لتشكل قوة اقتراحية، ومصدرا جادا للمؤشرات والأرقام والدراسات الخاصة بحضور الإعلام العربي ومدى انتشاره وأثره على المتلقي الغربي خصوصا في المعالجات الإعلامية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وبقضية القدس.
ومن أبرز مخرجات الندوة أيضا الدعوة إلى استثمار البعد الروحي والحضاري لمدينة القدس كموضوع للمرافعة الإعلامية الموجهة للأوساط المتدينة في العالم الغربي، والعمل على توفير الإمكانيات المالية لإنتاج قصص إعلامية، مكتوبة ومرئية ومسموعة، موجهة للكبار ولليافعين، على كل الحوامل المتاحة، عن إقبال الفلسطينيين على الحياة في القدس، والانفتاح على شركات الإعلام الدولية للترويج لهذه القصص.
ويأتي تنظيم هذه الندوة، التي حضرها وزراء ومسؤولون في وزارات الإعلام في البلدان العربية المشاركة في أشغال الدورة 53 لمجلس وزراء الإعلام العرب في الرباط، وممثلو البعثات الدبلوماسية العربية المعتمدة لدى المملكة، في سياق التقدير العربي للدور الذي يضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، في الدفاع عن المدينة المقدسة وحماية مقدساتها العربية والإسلامية ودعم صمود أهلها المرابطين.
كما تأتي الندوة، التي حضرها كذلك إعلاميون، وأكاديميون، وصحافيون، وصناع محتوى فلسطينيون من القدس، تجسيدا عمليا لالتزام المملكة المغربية، بتنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة عن الدورات السابقة لمجلس وزراء الإعلام العرب ذات الصلة بالأدوار التي يتعين أن تسند للإعلام العربي لنصرة القدس والمقدسات، وتجاوبا مع الرغبة الفلسطينية، المعبر عنها، على أعلى مستوى، لتعزيز العمل العربي في المجال الإعلامي.