إعداد مبارك أجروض
يحرص النباتيون على عدم تناول اللحوم والدجاج والأسماك في نظامهم الغذائي، حيث يكتفون فقط بالأطعمة النباتية، مثل الحبوب والبقوليات والمكسرات والفواكه والخضار، فلقد بلغت نسبة النباتيين في العالم الغربي ما بين 1.5% إلى 2.5% بينما تبلغ النسبة في الهند ما يقارب 40%. غالبا ما تكون أسباب النباتيين أخلاقية في أصلها وإن كانت توجد نسبة منهم أيضا تفعل ذلك لأسباب صحية، من المشوق الذكر هنا أن سلوك استهلاك الطعام النباتي يقلل من الآثار السلبية على البيئة لأن عدم تربية الحيوانات يساهم إلى حد كبير في الحد من التأثيرات الضارة على البيئة.
أما في ما يخص الصحة العامة فتوجد دراسات متباينة قسم منها يشير إلى أن النباتيين يتمتعون بصحة أفضل من آكلي اللحوم وقسم آخر يشير لعكس ذلك، ولكن النباتيين يختلفون في تصنيفاتهم الفرعية أيضا فمنهم من لا يرفض تناول البيض أو منتجات الحليب أو العسل ومنهم من يرفض ذلك، ويوجد قسم من النباتيين يسمى بالنباتية الصرفة لا يرفض فقط تناول منتجات الحيوانات في التغذية بل يرفضها في كل الأغراض الحياتية الأخرى مثل الأغطية أو الألبسة إلخ.. وهكذا ازداد تحول الكثيرين نحو خيارات الطعام النباتية في السنوات الأخيرة لما توفره من عناصر غذائية مفيدة تساعد في الوقاية من الأمراض. إلا أن الأنظمة الغذائية النباتية التي يتجنب متبعوها تناول جميع المنتجات الحيوانية، بما في ذلك اللحوم والأسماك والبيض والعسل ومنتجات الألبان، لا تزال تثير الكثير من الجدل، حول ما إذا كانت صحية بالفعل.
وأثارت دراسة نشرت هذا الأسبوع مزيداً من الجدل حول الحميات النباتية، بعد أن أظهرت أن اتباع نظام غذائي نباتي قد يزيد من خطر الإصابة بكسور في العظام. وقام باحثون من جامعتي أوكسفورد وبريستول بتتبع 65000 شخص تزيد أعمارهم عن 17 عاماً، ووجدوا أن النباتيين أكثر عرضة للإصابة بكسر في الفخذ أكثر من أولئك الذين يتناولون اللحوم، وبشكل عام، كان النباتيون أكثر عرضة بنسبة 43% للإصابة بكسور في العظام، وهو ما يعتقد الباحثون أنه بسبب استهلاك النباتيين نسبة أقل من الكالسيوم، وهو معدن يساعد في بناء العظام.
وتقول الدكتورة تامي تونج، أحد أعضاء فريق الدراسة، إن هذه النتائج تسلط الضوء على مخاطر استبعاد جميع المنتجات الحيوانية من النظام الغذائي، وقالت لموقع غود هيلث ” ما لم يختاروا الأطعمة المدعمة بشكل مناسب، فقد يكون من الصعب على النباتيين الحصول على كمية كافية من الكالسيوم من نظامهم الغذائي فقط”.
* كيف يختلف النظام الغذائي النباتي عن غيره ؟
يمتنع النباتيين عن تناول اللحم الحيواني ولكنهم يأكلون البيض ومنتجات الحليب، أما الخضريين فيمتنعون عن كل غذاء مصدره حيواني، بما في ذلك البيض، منتجات الحليب والعسل، ويشمل غذائهم الفاكهة، الخضراوات، البقوليات، الجذور، منتجات التوفو والجوز. أولئك الذين يقررون الانتقال للتغذية الخضرية، عادة ما يرتكزون على اعتبارات أخلاقية، بيئية أو صحية. الاعتبارات الصحية تعتمد على كون الغذاء النباتي يحتوي على كمية قليلة من الدهون، وخصيصا الدهون المشبعة، ولا يحتوي تماما على الكولسترول.
* هل النظام الغذائي النباتي صحي أكثر من النظام الغذائي القائم على اللحوم ؟
الحقيقة هي أن الأدلة المؤيدة والمعارضة للنظام الغذائي النباتي متنوعة، ففي أكتوبر عام 2019 قالت دراسة إن النظام الغذائي النباتي يمكن أن يحسن من خصوبة الرجال، في حين قالت دراسة أخرى نشرت في دجنبر 2019إن الوجبات الخالية من اللحوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 20%، وذلك نتيجة فقر النظام الغذائي النباتي بفيتامين B12 الموجود في اللحوم والأسماك والبيض. ويقول ريك ميللر، وهو اختصاصي تغذية مستقل في مستشفى الملك إدوارد السابع في لندن “نميل إلى الخلط بين الخيارات الأخلاقية والاختيارات الصحية عندما نتخذ قراراً بشأن النظم الغذائية الجيدة، وأفضل نظام غذائي هو الذي يلبي احتياجات الكيمياء الحيوية لدينا دون نقص في العناصر الأساسية”.
وفي دراسة أجريت على أكثر من150 بديلاً للحوم أجرتها جامعة كوين ماري بلندن العام الماضي، احتوى 28% على أكثر من المستويات الموصى بها من الملح، وقالت مهيري براون، أخصائية التغذية التي قادت الدراسة ” وجدنا أن البرغر النباتي، على سبيل المثال، يحتوي على مستويات أعلى من الملح مقارنة ببرغر اللحم في المتوسط”. ويمكن أن تحتوي بدائل الألبان أيضاً على مواد تحلية مخفية، وقد تفتقر إلى الفيتامينات والعناصر الغذائية الأخرى التي يوفرها حليب الأبقار.
* النظام الغذائي النباتي وخسارة الوزن
قد يساعد النظام الغذائي النباتي في منع اكتساب الوزن الزائد، لأنه يُعتقد أنه يعزز هرمونات الأمعاء المفيدة التي تنظم الشهية ومستويات السكر في الدم، وعندما حلل باحثون أمريكيون مستويات الهرمون لدى 60 رجلاً تناولوا عشوائياً وجبة من اللحوم مع الجبن أو وجبة نباتية، زادت الوجبة النباتية من إفراز الهرمونات المفيدة من البنكرياس والأمعاء، بما في ذلك تلك التي يعتقد أنها تلعب دوراً في تنظيم الشبع. ويمكن ربط هذا التأثير باحتواء النظام الغذائي النباتي على نسبة عالية من الألياف، وقد تكون منتجات اللحوم تحتوي أيضاً على أنواع أخرى من المواد الكيميائية أو هرمونات النمو التي تعزز زيادة الوزن. وتقول الدكتورة هانا كاهليوفا، المؤلفة الرئيسية للدراسة، التي نُشرت العام الماضي في مجلة Nutrients “تضيف هذه الدراسة إلى الأدلة المتزايدة على أن الأنظمة الغذائية النباتية يمكن أن تساعد في إدارة ومنع مرض السكري من النوع 2 والسمنة”.
* تأثير النظام الغذائي النباتي على الأسنان
يرى أطباء الأسنان المزيد من التجاويف وأمراض اللثة لدى الأشخاص الذين يتناولون نظاماً غذائياً نباتياً، وفقاً لدراسة نُشرت في يوليوز 2018 في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية. ويقول الدكتور ميرفين درويان، وهو طبيب أسنان في لندن إن نقص فيتامين B12 الموجود في المنتجات الحيوانية مثل اللحوم والبيض والحليب، يمكن أن يؤدي إلى أمراض اللثة وفقدان الأسنان.
* علاقة الرياضيين بتناول اللحوم
تم دعم الأنظمة الغذائية النباتية من قبل بعض الرياضيين، وقد اتبعت أسطورة التنس فينوس ويليامز نظاماً غذائياً نباتياً منذ عام 2011، بينما أصبح بطل الفورمولا1 لويس هاميلتون نباتياً في عام 2017 وقال في مقابلة العام الماضي “أنا بصحة أفضل وأسعد مما كنت عليه في أي وقت مضى”. وخلصت مراجعة نشرت في مجلة Nutrition في يناير 2019 إلى أن الأنظمة الغذائية النباتية يمكن أن تحسن تدفق الدم والأكسجين إلى العضلات والأنسجة، مما يساعد على تحسين الأداء لدى الرياضيين، بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية.
* النباتية وخطر السرطان
تظهر الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون اللحوم أقل عرضة لخطر الإصابة بسرطان البروستاتا وسرطان الجهاز الهضمي، للأسباب اتباع نظام غذائي غني بالألياف، الكاروتينات (توجد في الجزر والبطاطا الحلوة، والسبانخ)، الفيتامينات، المعادن، والايسوفلافون (توجد في الصويا والبقوليات) يحمي من عدة بما في ذلك السرطان، وهنالك علاقة وثيقة وجدت بين الاستهلاك اليومي من الفواكه والانخفاض بأكثر من 20% في الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأمراض الدماغية الوعائية وسرطان المعدة والرئة والبنكرياس والقولون والمستقيم. إن الغذاء النباتي يحتوي على كميات أقل من الدهون وخاصة الدهون المشبعة.