اميمة انجيمو
هنالك عدة عادات مزعجة في بعض الناس، مثل عادات الأكل؛ و من ضمنها القيام بأصوات مقززة و غير قابلة للتحمل خلال شرب حساء ما ، كما أن هناك أناس تتجاوز ثقتهم بأنفسهم عنان السموات حيث يتكلمون و هم يمضغون أطعمتهم المختلفة!
مع العلم أن العادات المزعجة في بعض بني البشر كثيرة إلا أنني لم أفكر يوما أن أبتعد كليا عن الناس بسببها أو أعزل حياتي الاجتماعية. و هذا صادر من شخص جلس بجانب أحد أغرب الناس كالذين يلعقون صحونهم أمام عينيك!
لكن، رجلا أمريكيا واحدا، رأى أن لديه مشكلة كبيرة مع أصوات المضغ تلك حيث أثرت على حياته العاطفية كما العائلية مما سبب ابتعاد عنهم للأبد.
ديرول مورفي ذي الواحد و الأربعين سنة، و القاطن بسان دييغو، يعاني من حالة نادرة تسمى الميسوفونيا، حيث أن بعض الأصوات، التي قد تكون عادية عند الآخرين، قد تولد ردود فعل حساسة و مؤثرة عند ديرول.
حتى إن ردود أفعاله عند سماع أصوات مضغ عالية تكون بالغضب الشديد من طرفه، و ذلك ما تسبب للمصمم الغرافيكي ديرول في عدم رؤية أقربائه لسنوات عدة.
عاش ديرول في حيرة محاولا معرفة ما خطبه! حيث تم تشخيص إصابته بالميسوفينيا حتى بلوغه الثلاثين من عمره.
يقول السيد مورفي: “ظننت أنني مجنون لعدة سنين. أصوات صغيرة كانت تثير غضبي و حنقتي”.
الناس لا يفهمون حالتي و أنا لا أستطيع شرحها. و هكذا تتأثر العلاقات المحيطة بي، بالخصوص عند مواعدتي لإحداهن أو مع أفراد عائلتي، فبكل بساطة أفكر أن عليهم فهم حالتي فينتهي بي المطاف بصب جام غضبي على أقرب الناس إلي و هم في جهل تام عما أمر به.
لست شخصا عنيفا بطبعي لكن ضجات صغيرة يمكن أن تقودني إلى الجنون.
اضطررت للرحيل من مواعيد في السابق إذا ما كان مضغها للطعام مسموعا، فوجهي يعطي انطباعا بالتقزز و لا أستطيع منع ذلك من الظهور مهما حاولت.
صوت مضغ الطعام هو مشكلتي الأكبر. أسمع كل شيء في آن واحد. و صوت واحد يمكن أن يكون بارزا كثيرا بدماغي، مثلا إن كنت بمطعم ما و سمعت صوت شخص واحد يمضغ بصوت مرفوع أصاب بالجنون!
خشخشة الحاويات البلاستيكية تثير حنقتي بشكل لا يوصف، و لأكثر من عشر سنوات لم أدخل فيها قاعة سينما لما أسمعه حين يفتحون علب أكلهم المزعجة.
للأسف كان للميسوفونيا تأثير سيء على حياة ديرول العاطفية و سببا في نهاية علاقته. لكن منذ ذلك الحين وجد ديرول شريكا يسانده، مع أنه و بشكل عجيب، شخص يثير أصواتا عند الأكل!
يقول ديرول؛ عندما بدأت مواعدة كورت، لم أظن أبدا أنها سوف تكون علاقة ناجحة، فكرت في أننا لن ننجح شرعت في إخباره حالا.
لكن كورت كان متفهما للغاية، و لأن الميسوفونيا كانت السبب في انهيار علاقتي السابقة، فإنه لكن الجيد أن أجد شريكا يعرف احتياجاتي و ما يساعدني في حياتي اليومية.
معظم الناس يخبرونني أنهم يتفهمون وضعي، لكن كورت و بنظرة واحدة، يعلم إذا ما كان صوت ما يزعجني.
لو أن هناك حلا أو طريقة لأولد من جديد دون الميسوفونيا اللعينة هاته لفعلته دون تفكير. إنها سبب في دمار حياتي و تجعلني شخصا مختلفا للغاية.
حبذا لو أمكن للناس أن يكونوا متفهمين أكثر لهذا البلاء، و أن يعلموا أنه ليس فقط لأنك لا تراه يعني أنه ليس موجودا! إنه وباء يأكل دماغ الإنسان و يضعف قدرة تحمله للآخرين إلى أبعد الحدود. إن تسبب في ابتعاد شخص عن عائلته فإن ذلك يرسم صورة عن جديته و سوء تفاقمه.
لذلك على الكل تفهم المصابين به و اتخاذ الصبر كمفتاح للتعامل معهم، فذلك أفضل من أن يحسوا بأنهم منبوذون أو غير مرغوب في وجودهم.