تُلقي العطلة الصيفية بظلالها على المواطنين، حاملين معها آمال الاستجمام والتنزه بعد عامٍ مليء بالعمل والدراسة، إلا أن هذه السنة، تختلف الصورة نوعًا ما، حيث تُضاف إلى مشاعر الفرح المعتادة هواجس اقتصادية تُثقل كاهل الكثيرين.
فمع ارتفاع الأسعار بشكلٍ ملحوظ، وغلاء مختلف الخدمات المقدمة، بات السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: “كيف ستؤثر هذه الظروف على تنقلات المواطنين خلال عطلتهم الصيفية؟”.وهل ستدفع الأسعار المرتفعة بعضهم إلى التخلي عن خطط السفر والتنزه؟، أم سيجدون حلولًا بديلة لقضاء عطلة ممتعة دون الإضرار بميزانياتهم؟.
في هذا السياق، أوضح الخبير والمحلل الاقتصادي، خالد بن علي، أن الحديث عن الاقتصاد الجزئي يستوجب الحديث عن المستهلك المتمتع بنوع من العقلانية فيما يتعلق بصرف النفقات المالية التي تشمل أيضا العطل الصيفية.
وأكد المتحدث أن ارتفاع الأسعار يؤثر بشكل مباشر على الاستهلاك الذي ينخفض بدوره، وفي حال حصول العكس وتجاوز الميزانية المخصصة، فإن الشخص يبحث عن مصادر إضافية لتلبية الاحتياجات، ما سيجعل الفرد يسقط في دوامة تسديد القروض لقضاء العطلة الصيفية.
واستغرب المحلل الاقتصادي من واقع المواطن المغربي، كون أن الاستهلاك لا يقل رغم ارتفاع الأسعار، ما يؤكد أن بعض المواطنين يلجؤون لعملية الاقتراض لتلبية حاجياتهم.
واستدرك بالقول: “بالمقارنة مع السنوات الماضية، فإن الاستهلاك من المحتمل أن يقل، خاصة وأن العطلة الصيفية تأتي مباشرة بعد عيد الأضحى من جهة، والدخول المدرسي من جهة أخرى”.
وأشار بن علي إلى أن الخدمات الفندقية مرتفعة، ما يؤكد أن وتيرة السفر رغم إمكانية عدم تأثرها إلا أن عدد الأيام من المنتظر أن يقل.
ولتقليل الكلفة، أوضح الخبير الاقتصادي، أنه من المنتظر اللجوء إلى ما يعرف بكراء الشقق بشكل تشاركي وتقاسم التكلفة.
وشدد الخبير الاقتصادي، على أن ارتفاع الأثمان ستكون له انعكاسات، إلا أن العقليات السائدة تشير إلى احتمالية اللجوء للاقتراض أو حلول بديلة لتقليل الكلفة.
وأضاف المتحدث أن السائح الأجنبي في الغالب يأتي في إطار برنامج تتعلق بوكالة الأسفار، ما يؤدي إلى خفض الكلفة المتعلق بالمصاريف الفندقية، ناهيك عن محاولة السائح تقليص المصاريف.
وحديثا عن السياحة الداخلية، أوضح المختص، أن أسعار الفنادق تؤشر على عدم وجود عروض جيدة مقدمة للمواطن المغربي على غرار السائح الأجنبي، وفي حال تساوي هذه العروض فإن الخدمات المقدمة أقل، ما يدل على عدم تفكير الفنادق بمنطق السائح الداخلي.
واعتبر أن السائح الأجنبي يستهدف مناطق مغايرة يسعى من خلاله لاستكشاف المغرب، عكس السائح المغربي الذي يتوجه بشكل عام. إلى المدن الكبرى كمراكش وطنجة وأكادير، ما يستوجب اشتغال الفاعلين السياحيين لخفض التكلفة والعمل على تسويق العديد من المناطق السياحية.
الخبير والمحلل الاقتصادي، عمر الكتاني، سلك بدوره نفس الاتجاه، موضحا أن المواطن المغربي سيكون أكثر احتياطا خلال هذه السنة، كون أن هذه الفترة مليئا بالالتزامات المالية، حيث أن الفرد مر قبل أسابيع بعيد الأضحى كما أنه مقبل بعد أسابيع على الدخول المدرسي.
وأشار المتحدث إلى انتشار السكن الساحلي بالمغرب كون أنه أضحى يشكل عنصر للاستقرار، ناهيك عن كونه يوفر مرتعا للاستجمام والترفيه، ما جعل منه اختيارا يقبل عليها الشباب المغاربة.
واعتبر الكتاني في تصريح لجريدة “العمق” أن تكلفة السفر أصبحت مرتفعة ما أضحى يؤثر على تنقلات المغاربة نحو الخارج، وهو ما يعزى بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وما إلى غير ذلك.
وأشار الكتاني إلى أن المواطن المغربي، أصبح يتخذ قرارات أكثر عقلانية على مستوى تدبير العطل، إذ أن اختياراته تتجه نحو المناطق ذات التكلفة المنخفضة ما يشير إلى تغير التوجهات.
وأكد المحلل أن العطلة الصيفية، تعود بالنفع على العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع المطاعم والفنادق والمقاهي، خاصة وأن العديد من المناطق عانت خلال فترة الجائحة، إلا أنها أضحت اليوم تستعيد عافيتها.
وخلص الكتاني، إلى التأكيد على أن المدة الزمنية التي يتم قضائها من المنتظر أن تنخفض بهدف خفض التكلفة، بالإضافة إلى ذلك فإن الظرفية الحالية تستدعي التفكير في عدم الدخول من العطلة تحت عامل الأزمة.