من الزلزال …ضحايا تعوضوا وأسر أخرى تحايلت…

وقفات احتجاجية أمام عمالة إقليم تارودانت

هو زلزال المغرب إذن، الذي كشف عن معادن الرجال في أوج الأزمات، أبان عن الحس الوطني التضامني لدى المغاربة ملكا وشعبا..نعم لقد قادوا القوافل التضامنية، تبرعوا بدمائهم الزكية، واسَوْا بَكوْا مسحوا دموع الأرامل وتكفلوا باليتامى، بل حتى أطفال الضحايا أكرمتهم الدولة ومنحتهم صفة ” مكفولي الأمة”…

 

 

 

 

* الدولة دارت خدمتها

لا يختلف اثنان، عن كون أن الدولة المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس، حركت وجندت كافة امكاناتها البشرية واللوجيستيكية، لا يختلف اثنان عن كون أن العالم أجمع رأى على كبريات القنوات العالمية، كيف وقف رجال ونساء جبال الأطلس الكبير ومعهم جنود البلد عسكريين وأمنيين وأطباء ومهندسين …..وهم يلملمون الجراح وينقذون الأرواح، ويشيعون الموتى بعزة وأنفة، وعيونهم على المستقبل لا تتزحزح، كلهم اصرار على ترميم مافات وتشييد ما هُدم….

 

فعلا، لقد نفض زلزال الحوز الغبار، وكشف الأسرار، نعم نفض الغبار عن منطقة جبلية أضحت قبلة للباحثين عن الخبر من كل حذب وصوب، تقاسمنا معهم العيش والملح وقساوة الظروف المناخية والمسالك الوعرة…

 

نفض الغبار عن واقع البنيات التحتية الهشة التي لامحالة سوف تُسائل منتخبي المناطق المتضررة وصناع القرار بها من ممثلي الأمة وتنزل الجزاء تماشيا ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كما نص على ذلك الدستور المغربي…نفض الغبار عن كيفية تنقلات ساكنة المنطقة لقضاء مآربهم الشخصية في ظل ظروف قاسية، وكيف ظلوا لعقود صامدين معمرين الارض وزارعين بذور الأمل…

 

 

* حكايات وروايات…أسر استفادت وأخرى تحايلت وفئة لها الله

هنا بدائرة اولاد برحيل قيادة تافنكولت اقليم تارودانت، وبالضبط بدواوير اشبارو المغزن، توزمطان، أيت يوسف، اكروفلا، تيبط، ادوبلال، إݣضاشن، هنا تنوعت الحكايات والروايات، لكن في المحصلة، الكل أجمع على حجم الألم والمعاناة…

 

هم رجال ونساء ساكنة الجبال، الذين اعتادوا على العيش بهدوء تطبعه المحبة والكرم، لم يعايشوا قط الخلاف والأزمات ولم يتخذوه رفيقا لدربهم، بل ظلوا لعقود مسالمين متسامحين متعايشين بطابع البساطة، منهم من ارتبط بالأرض والجبل وعاهد الله على البقاء هناك ولو كلفه ذلك روحه، ومنهم من اختار الهجرة صوب المدن للبحث عن فرص للعمل، هكذا هي حياتهم وهكذا هي نظراتهم للدنيا بمافيها…

 

 

ظلوا ملتصقين بالجبل والمسالك الوعرة، يتقاسمون فيما بينهم قطعة رغيف يابس، يجتمعون في المناسبات والمجالس على مائدة طاجين لحم صغير طُبخ على نار هادئة، قبلها يستقبلونك بكأس شاي يجسد الأصالة والتقاليد العريقة…هكذا عاشوا ولازالوا يعيشون، لم تنل منهم آلام الزلزال ولو قيد أُنملة، بل أبانوا عن تشبتهم بأرضهم وأرض أجدادهم رافعين رؤوسهم شامخين…

 

لكن وما أن انقشعت سحابة الأزمة، وبعد أن تدخلت الدولة بكافة امكاناتها لإحصاء الأضرار واطلاق مبادرات الايواء في انتظار تعويض المتضررين، بين هذا وذاك، اختلفت الآراء وتباينت ردود الأفعال، فمن الناس من استفادوا وسُجلت أسماءهم وتم التواصل معهم بعد زيارات لجان المراقبة، ومن الناس من تحايلوا من أجل الاستفادة، إذ وما أن سمعوا بالخبر، حتى انتقلوا من مدن أخرى في محاولة لوضع ملفاتهم، وهم أنفسهم ظلوا لسنوات من المقاطعين حتى لصلة الرحم مع أقاربهم هنا بالجبل…

 

 

 

نعم، منهم من سارع وحط الرحال بالمنطقة المنكوبة، متحججا بحجج كونه ابن المنطقة أصلا وفصلا، وله من الجذور ما تمنحه الشرعية، وهو في الأصل اختار منطق الهجرة منذ وقت بعيد، هجر حينها منطقته وأهلها وتنكر لهم لسنوات، لكن بعد أن لاحت في الأفق بوادر منح المساعدات وتعويض المتضررين والمتضررات، حتى سارع الخطى لتسجيل نفسه مع الضحايا يا للغرابة….

 

من وراء هذه الفئة، وقفت فئة أخرى، تنتظر رحمة الرحيم، بعد أن تم اقصاؤها لأسباب لا يعلمها سوى هو كما حكت ولازالت تحكي، لكن في المقابل ظل أملها كبير في القدير وفي الدولة مناشدة ملك البلاد محمد السادس حفظه الله بالتدخل الفوري للملمة الجراح وتخفيف الآلام ومسح الدموع وايواء المتضررين وتخصيص المبالغ التعويضية التي وعدت بها الدولة…

 

 

احتجاجات…وعامل الإقليم يحاور ويتعهد

نظم المحتجون والمحتجات من المتضررين والمتضررات، وقفات احتجاجية أمام عمالة إقليم تارودانت، للمطالبة بحقوقهم، كما وعدت بذلك الدولة، مطالبين بالكشف عن تقارير اللجان التي زارت المنطقة وعاينت حجم الأضرار…

 

عامل الإقليم، فتح باب الحوار على مصراعيه، واجتمع مع المحتجين، وقدم لهم شروحات في الموضوع مع تحديد طبيعة وحجم الأضرار، والكيفية التي سيتم بها اطلاق مشروع التعويض…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.