أكدت، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد،نبيلة منيب، على إنصاف شغيلة قطاع التعليم، مشيرة إلى أنه رغم توالي “مسلسلات الإصلاح” في التعليم بالتزامن مع النمو الديمغرافي والاختيارات اللاديمقراطية استمرت الأزمة وفشلت المنظومة التربوية كما وكيفا، داعية إلى الرفع من الأجور والتعويضات مع ضمان إمكانية الترقية وتوفير شروط العمل المحفزة.
وأضافت نبيلة منيب، خلال يوم دراسي نظم برحاب مجلس النواب حول “إمكانية تجاوز أزمة التعليم بالمغرب” أنه “منذ بداية الاستقلال إلى اليوم وقضية التعليم توجد في قلب التجاذبات السياسية والفكرية، نظرا للدور المركزي والجوهري الذي يحتله هذا القطاع في تصور الفاعل السياسي والتربوي والمهتمين والخبراء”.
وأوضحت منيب، أن التعليم خضع للعديد من الإصلاحات عبر برامج وضعت من طرف لجن وطنية أو بواسطة مخططات حكومية أو حتى بواسطة تصورات الوزراء المتعاقبين على تدبير القطاع وحتى بتدخل جهات تتوفر على سلك ما فوق وطنية، خاصة نهاية الثمانينات مع المحافظين الجدد عبر مؤسسات النظام النيوليبرالي وعلى رأسها المنظمة العالمية للتجارة وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنح القروض المشروكة بسياسات التقويم الهيكلي واعتبار التعليم قطاعا غير منتج وفرض توجهاتها من أجل تقليص كثلة الأجور وتشجيع المغادرة الطوعية والتقاعد النسبي وفرض التعاقد في التوظيف وضرب الوظيفة العمومية والخدمات الاجتماعية، وهي بذلك تسلب الدول استقلال قرارها في هذا القطاع الحيوي ألا وهو قطاع التعليم.
مضيفة، أنه “من البديهي أن تشمل الأزمة المنظومة بكاملها بمن فيها العمود الفقرى ألا وهو نساء ورجال التعليم بكل فئاتهم وهو ما يمكن ملامسته في الأنظمة الأساسية المؤطرة لمجال عملهم ولمسارهم المهني حيث لا يلتفت لها الأنظمة الأساسية إلا قليلا، فلا تغير إلا بعد مرور عقدين من الزمن تقريبا، مبرزة “مرسوم 742-5-2 الصادر في 4 أكتوبر 1985، ومرسوم 854-02-2 الصادر في 10 فبراير 2003، والمرسوم المرفوض رقم 2.23.819 الصادر في 6 أكتوبر 2023”.
وفي السياق ذاته، سجلت النائبة البرلمانية “أن كل هذه الإصلاحات لم تنصف نساء ورجال التعليم بمختلف فئاتهم ومجالات اشتغالهم، فبعد كل تغيير يظهر ضحايا جدد، وحجتنا على ذلك أن مفجر الأزمة الحالية لم يكن سوى النظام الأساسي الذي تعتبره الحكومة جيدا ومنصفا، وظلت الشغيلة التعليمية تعتبره لا عادلا ولا منصفا ولا محفزا”.
مضيفة، “كما أنه من المعلوم أن إنصاف هيئة التدريس والرفع من الأجور والتعويضات مع ضمان إمكانية الترقية وتوفير شروط العمل المحفزة يعتبر المدخل الأساسي لخلق شروط نهضة المنظومة التعليمية المنشودة وتحقيق إصلاح شامل للتعليم العمومي في إطار الوظيفة العمومية، انطلاقا من التعليم الأولي والإبتدائي إلى التعليم العالي والبحث العلمي وكضرورة لبناء مجتمع الوعي الحقيقي من خلال مجتمع المدرسة، مجتمع العلم والوعي والمواطنة”.
وقالت إنه اليوم مع استمرار الأزمة، بعد مسلسل الاقتطاعات التعسفية بدون سند قانوني وتفقير الأساتذة والتضييق عليهم وعدم احترام الحق في الإضراب الذي يضمنه الدستور، تم اللجوء إلى التوقيفات انطلاقا من تأويل خاصي للفصل 73 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، ونشر ثقافة التخويف وسياسة “فرق تسد” في الوقت الذي تفرض الوزارة طرقها للحفاظ على المرفق العام وتطالب بعودة الأساتذة للأقسام المطلوب هو استمرار الحوار الديمقراطي الموسع لإيجاد الحلول والاستعداد لإنقاذ المدرسة العمومية ووضعها على سكة النهضة “مدرسة الشعب التي تسلح بالمعارف والقيم والحس النقدي والمواطناتي وتحقق تكافؤ الفرص وصيانة كرامة هيئة التدريس ماديا ومعنويا، كي نتمكن من وضع البلاد على سكة التنمية والتوزيع العادل للثروة التي أهمها ثروة العلم والمعرفة.
وعدّت أن هذا ما يفرض الانخراط إعمال الذكاء الجمعي لإعادة بناء الثقة المفقودة وتقديم الحلول المنصفة وفتح الأفلق الواعدة الضرورية لإلتحاق الأساتذة بالأقسام وانخراطهم في نهضة المنظومة التعليمية ببلادنا والسماح للتلاميذ بالعودة للمدرسة وللأسر المغربية بالإطمئنان على المسار التعلمي لأبنائهم وبناتهم وتوفير شروط الأمن والسلم الاجتماعي الذي نحن في أمس الحاجة إليه في ظل الهزات الجيو استراتيجية وزمن اللايقينيات التي يعرفها العالم والتحديات الكبرى والإشكاليات التي يجب أن نعمل على تأهيل بلا اذا للمساهمة في رفعها.
وقالت إنه أمام “تراجع الوزارة عن كل الإجراءات التعسفية وضمان مكتسبات حقيقية لوضع حد للاحتقان وضمان حق المتعلمات والمتعلمين في التمدرس يفرض علينا جميعا التفكير بجدية وبروح وطنية ومواطنة في إيجاد حلول مرضية للجميع دعما للمدرسة العمومية وروادها”، متسائلة عن رأي الأطراف المعنية في الوضع الحالي للمدرسة العمومية وإمكانية خلق نهضة تعليمية، والحلول المقترحة والممكنة لتجاوز هذه المرحلة العصيبة.
وذكرت منيب خلال هذه الندوة بكرونولوجية التفاوض، قائلة: “انطلق التفاوض حول النظام الأساسي الحالي منذ أزيد من تسع سنوات، فالانطلاقة الأولى كانت في شهر نونير 2015، في عهد الوزير رشيد بلمختار، لكن بخطى متثاقلة، توقفت في ماي 2016، ولم ينطلق التفاوض من جديد إلا في أكتوبر 2018 في عهد الوزير سعيد أمزازي حيث استمرت بنفس الإيقاع المتثاقل وقد وُصِفَت تلك المرحلة من طرف الطاقم الوزاري المكلف آنذاك بالتفاوض بمرحلة تجميع المعطيات وتكوين صورة موسعة عن المطالب ومقارنتها بالإمكانيات المتاحة، لكن توقف التفاوض من جديد، ولم ينطلق إلا يوم 15 أكتوبر 2021، مع الوزير الحالي شكيب بنموسى، ليتم التوصل مع النقابات إلى اتفاق 18 يناير 2022”.
وواصلت كلامها في السياق ذاته قائلة: “لكن هذه المرة بسرعة مقبولة وسرية تامة بين أطراف التفاوض ورغم بعض التناقضات الواردة فيه الاتفاق فقد صادق عليه الطرفان،أي النقابات والوزارة، فالنقطة الأخيرة في محور التزامات النقابات التعليمية نجد مثلا “التعبئة الشاملة والتواصل البناء مع الشغيلة التعليمية بخصوص مسار الحوار المفتوح مع الوزارة وإخبارها بمختلف تطوره ومستجداته، ولكن في تناقض مع النقطة الأولى من محور مقتضيات عامة التي تفيد بأن “التزام الطرفين بواجب التحفظ اتجاه مداولات اللجن الموضوعاتية إلى حين التوصل إلى الاتفاق النهائي”، مستحضرة مسألة السرية لأنها كانت من بين الأسباب المشوشة على مضمون الاتفاق”.
وأضافت أن “التفاوض استمر بسرعة وبالتزام بين الطرفين وبعد 25 اجتماعا سريا بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأول والرياضة وأربع نقابات تحت إشراف رئيس الحكومة عزيز أخنوش وبحضور مجموعة من الوزراء تم توقيع محضر اتفاق 14 يناير 2023 بشأن المبادئ المؤطرة للنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية من صرف 3 نقابات من أصل الأربع “الأكثر تمثيلية”، وقد تضمن هذا الاتفاق جزأين أساسيين الأول يتعلق بالملفات والقضايا المتوافق بشأنها، والثاني يخص التزامات الأطراف”.
وتابعت: “استمر التفاوض بين الوزارة والنقابات الثلاث ليصدر النظام الأساسي رقم 2.23.819 صادر في 6 أكتوبر 2023، بالجريدة الرسمية، فانتفضت الشغيلة التعليمية ضد الحكومة وضد النقابات لتبرز في ساحة النضال 25 تنسيقية، واستمرت الإضرابات رغم تجديد التفاوض مع النقابات، ورغم تسريب بعض الأخبار على أن الأمور تسير وفق ما تطالب به التنسيقيات، فجاء اتفاق 26 دجنبر 2023 الذي أكد على أن الحكومة ستغير مرسوم 6 أكتوبر 2023، وستراجع التعويضات والترقي ورد الاعتبار النساء ورجال التعليم بكل فئاتهم، وإدماج المفروض عليهم التعاقد في النظام الأساسي وحل مشكل الملفات الفئوية”.
واسترسلت: “لكن بعد إضرابات دامت ثلاثة أشهر، لازالت التنسيقيات تهدد بالنزول للشارع، رغم تعليق الإضراب، لإعطاء فرصة من أجل نظام أساسي منصف، في إطار الوظيفة العمومية، يدمج كل الفئات المقصية وحاملي الشهادات والذين فرض عليهم التعاقد”.