في ظل الدينامية المتسارعة التي تعرفها القارة الإفريقية على مستوى تطوير شبكاتها التجارية والبنيات اللوجستية، برز منتدى “الداخلة إفريقيا لوجستيك” كفضاء يحمل رؤية قارية لربط إفريقيا ببنياتها وتثمين مواردها.
وقد شكلت هذه النسخة الأولى التزاما جماعيا من أجل قارة إفريقية أقوى، أكثر اتحاداً وتنافسية، مخلصة للرؤية الملكية ومفتوحة على مستقبلها الأطلسي الإفريقي.
إفريقيا هي قلب الاقتصاد
في هذا الصدد، قال محمد ميشان حبت، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الداخلة وادي-الذهب، في مداخلته ضمن فعاليات المنتدى إن الداخلة تشهد دينامية وزخما اقتصاديا كبيرا، وهذا الحدث يعتبر تاريخيا كونه يجمع بين المملكة المغربية والدول الإفريقية، فإفريقيا هي قلب الاقتصاد، وما يخص اللوجستيك هو القلب النابض لهذا الاقتصاد.
وأبرز رئيس غرفة التجارة أن المغرب استطاع، على مدى سنوات، أن يبني بنية لوجستية عالمية المستوى: فميناء طنجة المتوسط، أول منصة ملاحية في إفريقيا وأول واجهة بحرية في المتوسط، أعاد تموقع البلاد على خريطة التجارة العالمية.
وأوضح أن هذا النموذج يستمر في الداخلة، فميناء الداخلة الأطلسي المستقبلي، بطاقة تقديرية تفوق 35 مليون طن سنويًا، سيربط غرب إفريقيا مباشرة بالأسواق الأوروبية والأمريكية، وسيُوفر في الوقت نفسه محورًا لوجستيًا يخدم التجارة البينية الإفريقية. مشيرا إلى أن الميناء سيرتكز على منطقة صناعية ولوجستية متكاملة تتجاوز 1300 هكتار، مخصصة لاستقبال الصناعات التحويلية والخدمات البحرية، بالإضافة إلى قطب للتكوين والابتكار في مهن النقل واللوجستيك.
وكشف ميشان أن هذه البنيات ليست رموزًا معزولة بل تجسد توجها استراتيجيا: توجه المغرب الذي يجعل من أقاليمه الجنوبية محاور للتجارة الأفرومحيطية، ومن اللوجستيك أداة لتحقيق التوازن الترابي وخلق فرص الشغل.
الممر الأطلسي
أشار رئيس غرفة التجارة إلى أن متوسط التكلفة اللوجستية في قارة ما يزال يمثل نحو 40 في المائة من قيمة السلع المتبادلة، يتضح الرهان: تخفيض هذه التكاليف، تحسين الربط، توحيد الكفاءات، وبناء ممرات فعّالة تربط مناطق الإنتاج بالموانئ وبالأسواق.
وفي سياق متصل، قال ميشان حبت إن الداخلة تملك اليوم دورًا فريدًا في هذا التحول. فهي تبعد بأقل من 1500 كلم عن أبرز عواصم غرب إفريقيا، ومتصلة بمحور طنجة – لاغوس، ما يجعلها حلقة وصل بين شمال إفريقيا وغربها والمحيط الأطلسي.
ولفت الانتباه إلى أن الممر الأطلسي الداخلة – نواذيبو – داكار، الذي يجري هيكلته، سيعزز هذه الوظيفة، إضافة إلى المشاريع الطرقية والمطارية الكبرى. وغدا، ستصبح الداخلة نقطة عبور للسلع والأفكار والفرص التي تربط الأسواق الإفريقية بسلاسل القيمة العالمية.
وخلص إلى أن هذا المنتدى دعوة للتفكير الكبير، ولربط أفكارنا كما نربط مجالاتنا. من طنجة إلى الداخلة، ومن داكار إلى لاغوس، ومن الدار البيضاء إلى كوناكري، تحركنا قناعة واحدة: إفريقيا قادرة على أن تصبح المحرك اللوجستي لتنميتها الخاصة. وهنا، في الداخلة، يتجسد هذا الإيمان.
يذكر أن النسخة الأولى للمنتدى نظمت يومي 20 و21 نونبر 2025 من طرف غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الداخلة–وادي الذهب، بشراكة مع المجلس الجهوي،