مفتشية الشغل بالمغرب بين القانون المنظم والتنزيل
مجلة اصوات
يتكون نظام تفتيش الشغل بالمغرب من جهاز تابع للوزارة المكلفة بالشغل، و أجهزة أخرى للتفتيش تابعة لقطاعات وزارية أخرى خصوصا الأعوان التابعين للإدارة المكلفة بالمعادن والأعوان التابعين للملاحة التجارية وكل الأعوان المكلفين بنفس المهمة من طرف باقي الإدارات.
يتكون جهاز تفتيش الشغل من:
مفتشي الشغل في قطاعات الصناعة و التجارة والخدمات ومفتشي القوانين الاجتماعية في الفلاحة.
الأطباء والمهندسين المكلفين بتفتيش الشغل ( كل في نطاق اختصاصاته).
يعتبر مفتشو الشغل موظفين عموميين خاضعين لنظام خاص ( مرسوم 02.08.69 بتاريخ 09 يوليوز 2008).
مهام، اختصاصات و سلطات أعوان تفتيش الشغل التابعين للوزارة المكلفة بالشغل
لقد تم تحديد مهمة تفتيش الشغل في الاتفاقية رقم 81 المتعلقة بتفتيش الشغل، والاتفاقية رقم 129 حول تفتيش الشغل بالقطاع الفلاحي، وخصوصا في الكتاب الخامس من مدونة الشغل ( المواد من 530 إلى 548).
ويكلف أعوان تفتيش الشغل ب:
السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل.
إعطاء المشغلين والأجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية.
إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها.
إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية و الجماعية.
و في هذا الصدد، يمكن لأعوان تفتيش الشغل خاصة:
أن يدخلوا بكل حرية للمؤسسات الخاضعة لمراقبتهم.
أن يستفسروا جميع الأجراء وكذا المشغل.
أن يطلبوا الاطلاع على جميع الدفاتر و السجلات و الوثائق التي أوجب التشريع المتعلق بالشغل مسكها، ليتحققوا من مدى مطابقتها للمقتضيات التشريعية، ولهم أن يستنسخونها أو يأخذوا ملخصات منها، وتوجيه ملاحظات وإنذارات للمشغلين مقرونة بأجل في حال خرق المقتضيات التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالصحة و السلامة.
ومن أجل تمكينهم من السهر على تطبيق التشريع الاجتماعي، خول المشرع للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل بعض الآليات القانونية. حيث يمكن لهؤلاء المفتشين إنجاز زيارات التفتيش، و توجيه ملاحظات، وعند الاقتضاء، توجيه تنبيهات مقرونة بأجل أو بدونه، وتحرير محاضر ضد المشغلين المخالفين.
تنظيم و هيكلة مفتشية الشغل
تدخل مفتشية الشغل في إطار التنظيم الإداري اللامتمركز والممركز لوزارة التشغيل والتكوين المهني للمصالح. وتمارس الوزارة المكلفة بالشغل صلاحية السلطة المركزية في الإشراف ومراقبة مفتشية الشغل.
وتتوفر الوزارة على مصالح مركزية وخارجية تتكون من مندوبيات التشغيل التي يبلغ عددها حاليا 53 مديرية منها 9 مديرية جهوية، وعدد الدوائر 94 في الصناعة والتجارة والخدمات و28 في الفلاحة.
– أزمة مفتشي الشغل تصل البرلمان
وصلت قضية مفتشي الشغل بالمغرب إلى. برلمان الأمة ، مؤخرًا، من اجل. انكباب الحكومة على قضايا هذه الفئة الاجتماعية المهمة في كل إصلاح ، بل ان هؤلاء صمام الامان في الحماية الاجتماعية والاقتصاد ، ومساهم كبير في السلم إلاجتماعي بالبلاد.
كان فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، قد وضع هذا الملف الحساس للنقاش في البرلمان ، امام وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، حول مطالب وانتظارات موظفي هذا قطاع المهم في الاقتصاد الوطني .
– اشكالية قديمة لم تتجاوزها الحكومات المتعاقبة
كشفت مرحلة جائحة كورونا بالمغرب عن اختلالات كبيرة في منظومة الشغل، اغلب الأجراء غير مسجلين في صناديق الضمان الاجتماعي، كما انكشف ان الأجور ضعيفة جدا ، وهو ما اتضح ان هذه الفىة تحتاج للحماية الاجتماعية.
ومن خلال ارقام رسمية فلا يتجاوز عدد مفتشي الشغل بالمغرب سوى 589، منهم 415 ممارس فعلي، و343 فقط بالمصالح اللاممركزة، وذلك ما يعني تغطيةً لا تتجاوز مفتشَ شُغل وحيد لكل 560 مشغِّل خاضع لقانون الشغل”.
هذا العدد الضئيل من مفتشي الشغل بالمغرب كانوا قد تكفلوا في التسعة أشهر الأولى من 2023، بتدبير أزيد من 90 ألف نزاع شغل فردي وأزيد من 700 نزاع شغل جماعي، كما يتكلفون بمراقبة شروط العمل اللائق (تشغيل الأطفال، حقوق المرأة، حقوق الأجانب، الحماية الاجتماعية، الأجور، والصحة والسلامة المهنية، مدة العمل)، وذلك من خلال إنجاز الزيارات وتحرير المحاضر وتقديم الملاحظات وغير ذلك”.
ويتضح ان هؤلاء الموظفين العموميين يقومون بأدوارهم في ظل أوضاع اجتماعية ومهنية صعبة، وفي ظل ضعف الاهتمام بما آلت إليه هذه الأوضاع، كما يُلاحظ نزوع حكومي نحو ربط مراجعة النظام الأساسي الخاص بهم بتعديل مدونة الشغل”.كما ان هناك مطالب لهم بتسريع إخراج نظام أساسي منصف وبتحفيزات مادية ومهنية تتناسب والمهام المنوطة بكافة الهيئات والفئات، فضلا عن ضرورة تسوية أوضاع المهندسين والأطباء المكلفين بتفتيش الشغل، ومعالجة باقي الملفات المشروعة والعادلة، من قبيل وضعية غير المرسمين، وإعادة الترتيب، وتدبير ملف التكوين المستمر، والحركة الانتقالية بناءً على طلب، وتعويضات التنقل”.
– تنسيق نقابي يعلن2024 سنة للنضال
سبق لتنسيق مكون من ثلاث نقابات خوض احتجاجات متتالية ضد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات ، متهمين إياه بـ”انتهاج أسلوب الآذان الصماء وسياسة الهروب إلى الأمام والتغاضي المطلق وعدم الاكتراث بما آلت إليه الأوضاع”.
التنسيق النقابي المكون من النقابة الديمقراطية للتشغيل، والاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة بقطاع التشغيل، النقابة الوطنية المستقلة لهينة تفتيش الشغل،اعلن جعل سنة2024عاما للنضال، بعد إعلان رفضه “بشكل مطلق لمقاربة الوزير القاضية بربط مراجعة النظام الأساسي بتعديل مدونة الشغل”، ودعا إلى “الإسراع بتنزيل التزامات الوزارة في عهد الوزير السابق وما تم تسطيره في مخطط مديرية الموارد البشرية والميزانية والشؤون العامة خلال شهر نونبر من سنة 2022 بشأن إخراج نظام أساسي للهينة بتحفيزات مادية ومهنية مهمة مع تعديل مرسوم التعويض عن الجولات موازاة مع ذلك”.
وطالب التنسيق كذلك بـ”استحضار تسوية وضعية المهندسين والأطباء المكلفين بتفتيش الشغل بأثر رجعي جبرا للضرر، وتسوية باقي الملفات المطلبية العالقة: وضعية غير المرسمين، إعادة الترتيب، تدبير ملف التكوين المستمر، الحركة الانتقالية بناء على طلب، تعويضات التنقل”.
وشدد على ضرورة “القطع مع الوضع الحالي الموسوم بتبخيس حقيقي للرأسمال البشري بقطاع وإفراغ مؤسسة الحوار الاجتماعي القطاعي من أي مضمون بوصفها فضاء قادرا على بلورة اتفاق اجتماعي قطاعي مثمر يضمن تحقيق أجواء السلم الاجتماعي .
وقال التنسيق النقابي الموحد إنه “وقف في اجتماع 23 دجنبر 2023 على تعاظم المخاطر المهنية لدى عموم مكونات هينة تفتيش الشغل، وارتفاع منسوب التذمر والسخط والغضب في الوسط المهني بشكل عام، في ظل انتهاج أسلوب الآذان الصماء وسياسة الهروب إلى الأمام، وكذا التغاضي المطلق وعدم الاكتراث بما آلت إليه الأوضاع”.
وأعلن “سنة 2024 سنة للنضال والاحتجاج إلى حين الاستجابة لمطالبنا المشروعة”، وأفاد أنه “قرر خوض إضراب وطني بقطاع التشغيل يومي 16 و17 يناير “2024، مع “تنظيم وقفة احتجاجية أمام مبنى الوزارة خلال شهر فبراير المقبل، مع شن سلسلة من الإضرابات الموازية”، ثم “تنظيم ندوة صحفية موازاة مع الحراك القطاعي لتسليط الضوء على تنكر الحكومة لالتزاماتها الدولية والإقليمية والوطنية مطالب هينة تفتيش الشغل وعموم مهنيي القطاع”.
– سبل إصلاح التفتيش بالمغرب
جهاز تفتيش الشغل في المغرب أو ما كان يسمى بمفتشية الشغل لم يعرف تطورا إيجابيا يذكر سواء على مستوى بنيته أو طريقة عمله، اللهم بعض الإجراءات التحفيزية الناذرة التي قامت بها الوزارة الوصية كالرفع من قيمة التعويض عن التنقل الذي يمنح للمفتشين والقيام ببعض الإصلاح الضرورية للارتقاء بالجهاز وتطويره بما يسمح بالرفع من مردوديته وتحسين ظروف العاملين فيه والعاملين من حوله.
ومن خلال مشروع الحماية التي اطلقه الملك محمد السادس والذي يعتبر مفتش الشغل ركن أساسي فيه ، فإن قطاع التفتيش الشغل يحتاج إلى مبادرات جريئة من طرف المسؤولين عن القطاع مثلما يحتاج إلى تكثيف الجهود وتقديم اقتراحات فعالة من طرف المفتشين أنفسهم وكذا الباحثين الأكاديميين والأطر المعنية. وذلك بغية الخروج من رتابة الانتظارية والعمل الروتيني التقريري إلى أفق يشوبه الحوار والشراكة ومن ضمن الاقتراحات الممكنة هو تعزيز جهاز تفتيش الشغل بموارد بشرية كافية ومؤهلة من أجل تدارك النقص الحاصل ومواجهة ظاهرة اللاقانون التي تتراكم بتراكم القطاع الغير مهيكل.
تم إخراج النظام الأساسي لمفتشي الشغل إلى حيز الوجود بشكل يساهم في الرفع من مستواهم المادي والمعنوي ويمنحهم الحماية القانونية اللازمة باعتبارهم يمارسون مهام الضابطة القضائية.
وكذلك الفصل بين مهمتي المراقبة والصلح تفاديا لكل تداخل أو تناقض بين أسلوب عمل اجتماعي وتحسيسي وآخر زجري وتبليغي. وفي هذا الإطار، أوصي بخلق جهاز آخر يتكفل بالصلح والتشجيع على المفاوضة الجماعية وحصر مهمة الجهاز الحالي في المراقبة وإبلاغ السلطة المختصة بمكامن الخلل والضعف في تطبيق القانون.
تم التنسيق بين وزارة الشغل ووزارتي الداخلية والعدل من أجل خلق لجان خاصة على المستوى المحلي تهدف إلى تبادل المعلومات والتعاون لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها كل مصلحة على حسب اختصاصاتها.
التركيز على العنصر البشري المؤهل عبرتكوين المفتشين بشكل مستمر خاصة في تقنيات المعلوميات والقانون والتواصل والصحة والسلامة المهنية وإتمام الإجراءات المسطرية لإطار مهندسي الصحة والسلامة الذين تم إلحاقهم بالجهاز مؤخرا مع الحاجة إلى تكوينهم تكوينا غنيا ومدققا.
البحث عن موارد مالية جديدة من خلال إخراج قوانين جديدة تسمح باختصام الرسوم من محاضر المخالفات والجنح لفائدة وزارة الشغل. ويمكن في هذه الحالة تحفيز المفتشين بمنح متعلقة بالمردودية في إبلاغ المحاكم بالمخالفات والجنح التي يقومون بضبطها.
توحيد مساطر التفتيش أو ما يمكن أن نسميه منهجية عمل التفتيش دون التأثير على استقلالية المفتشين في أداء وظيفتهم وتجويد الإدارة المكلفة بتفتيش الشغل وتزويدها بجميع الإمكانيات اللازمة كوسائل النقل والتجهيزات المكتبية وغيرها.