بقلم الأستاذ محمد عيدني
أدرك المغرب بعمقه أنه أمام مرحلة جديدة تتطلب تكثيف الجهود وتوحيد الرؤى لخلق مستقبل مزدهر يُرضي تطلعات الشعب ويساهم في استدامة تنميته. منذ سنوات، شهدت البلاد تغيرات جذرية على مختلف المستويات، من تحولات سكانية إلى تطور اقتصادي واجتماعي، الأمر الذي يفرض على المسؤولين والمجتمع المدني العمل بشكل متواصل على رسم ملامح سياسة وطنية مرنة وفعالة.
شهدت العقود الأخيرة تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية، وُضعت استراتيجيات واضحة لتعزيز قدرات القطاع الخاص، وزادت الاستثمارات في قطاعات التقنية والطاقة المتجددة، الأمر الذي أرسل رسائل إيجابية حول نية المغرب اللحاق بركب الدول المتقدمة. لكن الطريق نحو التنمية الشاملة لا يخلو من العقبات، أبرزها الحاجة إلى إعادة هيكلة منظومة التعليم لتكون أكثر اتصالًا بمتطلبات سوق العمل، مع ضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية.
يسير المغرب نحو تفاعل متزايد مع المستجدات الدولية، خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي، مع الحفاظ على هويته الثقافية والدينية. العلاقات مع شركائه الإقليميين والدوليين تفتح آفاقًا جديدة لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير مناخ استثماري جاذب يضمن استقطاب رؤوس الأموال والمشاريع الكبرى. تعزيز التعاون في مجالات البيئة والطاقة النظيفة يعكس مدى قدرته على التفاعل مع التحديات العالمية، وعلى رأسها التغير المناخي.
يمتلك الشباب المغربي طاقة لا يستهان بها، ويشهد اليوم تطورًا ملحوظًا على مستوى المبادرات الذاتية والابتكار، وهو ما يمثل ركيزة أساسية للتحول المستدام. دعم هذه الطاقات من خلال السياسات الحكومية، وتوفير برامج تكوين وتدريب عالية الجودة، يرمز إلى رؤية مستقبلية تسعى لدمج الشباب بشكل فعّال في بناء المغرب الجديد.
تنطوي التحديات على فرص لا تُعد ولا تُحصى، وتتطلب نظرة مستقبلية تعتمد على الابتكار، والرقمنة، والتحول الاقتصادي المستدام. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع، من القيادة السياسية، إلى المجتمع المدني، إلى كل مواطن يطمح لمستقبل أفضل. إذن، يبقى الأمل هو المحفز الرئيسي، والطموح هو الدافع الأهم لتحقيق أحلام تنمية المغرب، ليكون بلدًا يفاخر بأصالته، ومبتكرًا لفرصه، ومتفاعلًا مع العالم بشكل يليق بتاريخ إنجازه وحاضره.
ختامًا، أن المستقبل يُصنع اليوم، وجميع الجهود تتمازج لتُعِد المغرب لمواجهة تحدياته، والاستفادة من الفرص التي تنتظره في زمن التغيرات الكبرى.