مرض تضخم القلب الأعراض ـ الأسباب ـ العلاج والوقاية

بقلم د. مبارك أجروض

يرتبط مرض تضخم القلب hypertrophie cardiaque بسماكة العضلة خاصة في الحاجز بين البطينين، الذي يؤدي إلى الضغط على جدران القلب والصمام التاجي مما يسبب خللا في وظيفة الصمام وإعاقة تدفق الدم، وهو كذلك عَرَضٌ لحالة مرضية أخرى، ويشير إلى زيادة حجم القلب الذي يظهر في الأشعة السينية على الصدر.

* أعراض تضخم القلب

تتمثل أعراض تضخم القلب ضيق التنفس وعدم انتظام ضربات القلب (اضطراب نبض القلب) والتورم (وذمة). ومن المعلوم أن تضخم القلب تسهل معالجته إذا تم اكتشافه مبكرًا، ولذا ينبغي التحدث إلى الطبيب عن المخاوف إزاء صحة القلب. وعلى الفرد طلب الرعاية الطبية العاجلة إذا ظهرت عليه أي من هذه العلامات والأعراض، والتي قد تعني الإصابة بأزمة قلبية؛ آلام الصدر، ضيق حاد في التنفس وحدوث إغماء.

* أسباب تضخم القلب

قد يكون السبب في تضخم القلب هو وجود حالات مرضية تتسبب في ضخ القلب للدم بقوة أكبر من المعتاد أو تتسبب في تلف عضلة القلب. وفي بعض الأحيان يتضخم القلب ويصبح ضعيفًا لأسباب غير معروفة. ويمكن لوجود عيوب قلبية خلقية، أو تلف ناجم عن أزمة قلبية أو عدم انتظام ضربات القلب أن يتسبب في تضخم القلب؛ وثمة حالات مرضية أخرى مرتبطة بتضخم القلب مثل ما يلي:

ـ ارتفاع ضغط الدم Hypertension

قد يُضطر القلب إلى الضخ بقوة أكبر لتوصيل الدم إلى بقية أجزاء الجسم، مما يؤدي إلى تضخم العضلة وسمكها. 

ـ مرض في صمام القلب valves cardiaques

تحافظ صمامات القلب الأربعة على تدفق الدم في الاتجاه الصحيح عبر القلب. وفي حالة تلف الصمامات بسبب حالات مرضية كالحمى الروماتيزمية أو عيب في القلب أو عدوى (التهاب بطانة القلب المعدي) أو اضطرابات النسيج الضام أو العلاج الإشعاعي للسرطان، فقد يتضخم القلب.

ـ مرض عضلة القلب muscle cardiaque

كلما ازداد سمك عضلة القلب وتصلبها، ازداد تضخم القلب كمحاولة لضخ مزيد من الدم إلى الجسم.

ـ ارتفاع ضغط الدم الرئوي Hypertension pulmonaire

قد يضطر القلب إلى بذل مجهود أكبر للضخ لكي يتمكن من نقل الدم بين الرئتين والقلب. نتيجة لذلك، قد يتضخم الجانب الأيمن من القلب.

ـ تراكم السوائل حول القلب Accumulation de liquide autour du cœur

قد يتسبب تراكم السوائل في غلاف القلب أن يظهر القلب متضخمًا في الأشعة السينية للصدر.

ـ فقر الدم Anémie

إن فقر الدم هو حالة مرضية لا يملك فيها الشخص المصاب ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة لنقل الأكسجين الكافي إلى الأنسجة. وفي حالة ترك فقر الدم المزمن بدون علاج، فقد يؤدي إلى سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، حيث يضطر القلب إلى ضخ مزيد من الدم لتعويض نقص الأكسجين في الدم لدى المصاب بفقر الدم.

ـ اضطرابات الغدة الدرقية Troubles thyroïdiens

قد يؤدي كل من قصور الغدة الدرقية وفرط نشاط الغدة الدرقية إلى حدوث مشكلات بالقلب، بما في ذلك تضخم القلب.

ـ ترسب الأصبغة الدموية dépôt d’hémochromatose

إن ترسب الأصبغة الدموية عبارة عن اضطراب لا يقوم فيه الجسم باستقلاب الحديد بشكل صحيح، مما يتسبب في تراكمه في العديد من الأعضاء، بما في ذلك القلب. وقد يتسبب هذا في تضخم البطين الأيسر بسبب ضعف عضلة القلب.

ـ الأمراض النادرة التي قد تؤثر في القلب، كداء النشواني  amylose

يعتبر الداء النشواني حالة مرضية تقوم فيه البروتينات الشاذة بالدوران في الدم وقد تترسب في القلب، مما يعوق أداء القلب لوظائفه ويتسبب في تضخمه، وقد تكون أكثر عرضة لخطر تضخم القلب إذا كنت تعاني من أي من عوامل الخطورة التالية؛ ارتفاع ضغط الدم، وجود تاريخ عائلي يشمل الإصابة بتضخم القلب أو اعتلال عضلة القلب، انسداد شرايين في القلب (مرض الشريان التاجي)، مرض القلب الخلقي، مرض القلب الصمامي والأزمة القلبية. 

* أسباب تضخم القلب في الأطفال

ـ يكون السبب الأكثر شيوعًا عند الأطفال هو شكل من أشكال عيب القلب الخلقي. على سبيل المثال، قد يسمح ثقب في القلب (أو بعض الاضطرابات الأخرى) للدم بالتحويل أو إعادة الدوران إلى الرئتين. تشمل الأمثلة على التحويلات عيب الحاجز البطيني، وعيب الحاجز الأذيني، والقناة الشريانية السالكة، وفي كل هذه الأمثلة، يوجد اتصال يسمح للدم بإعادة الدوران إلى الرئتين. ويؤدي هذا إلى إرسال دم أكثر من المعتاد إلى الرئتين؛ بعد ذلك يعود المزيد من الدم إلى القلب، ليتضخم القلب بعد ذلك بسبب الحجم الزائد الذي يتم توصيله إليه.

ـ تحدث بعض حالات تضخم القلب عند الأطفال بسبب مشاكل الصمام، حيث يمكن للصمامات التي لا تفتح بشكل صحيح أو الصمامات التي تتسرب أن تخلق ضغطًا إضافيًا على القلب، مما يؤدي إلى تضخم القلب. على سبيل المثال، قد يصاب العديد من الأطفال الذين يعانون من ارتجاع الصمام الإبهري Régurgitation valvulaire aortique بتضخم البطين الأيسر بمرور الوقت. وقد يستدعي هذا استبدال الصمام.

ـ السبب الأخير لتضخم القلب هو أي مشكلة في عضلة القلب من حيث الانقباض أو وظيفة الانضغاط. هذا عادة ما يكون سبب تضخم القلب عند البالغين. لكن، يمكن رؤيته أيضًا عند الأطفال ولكنه أقل شيوعًا. 

* مضاعفات تضخم القلب

ـ فشل القلب insuffisance cardiaque

يعد تضخم البطين الأيسر من القلب واحدًا من أخطر أنواع تضخم القلب، والذي يؤدي إلى زيادة خطورة الإصابة بفشل القلب. في حالات فشل القلب، تضعف عضلة القلب، وتتمدد البطينات (تتسع) لدرجة أن القلب لا يستطيع أن يضخ الدم بكفاءة في جميع أنحاء الجسم.

ـ الجلطات الدموية caillots sanguins

إن الإصابة بتضخم القلب تؤدي إلى أن يكون الشخص أكثر عرضة لتكوّن جلطات دموية في بطانة القلب. فإذا دخلت الجلطات مجرى الدم، فقد تمنع تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية، ثم قد يصل الأمر إلى الإصابة بنوبة قلبية أو سكتةوالجلطات التي تتكوّن على الجانب الأيمن من القلب قد تنتقل إلى الرئتين، وهي حالة مرضية خطيرة تعرف باسم الانصمام الرئوي.

ـ النفخة القلبية souffle au cœur

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من تضخم القلب، هناك صمامان من صمامات القلب الأربعة الصمام الميترالي وثلاثي الشرفات قد لا يغلقان بشكل صحيح بسبب اتساعهما، مما يؤدي إلى ارتداد الدم المتدفق. ويؤدي هذا التدفق إلى حدوث أصوات تسمى النفخات القلبيةوعلى الرغم من أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه النفخات ضارة، إلا أنه ينبغي مراقبتها بواسطة الطبيب.

ـ توقف القلب أو الموت الفجائي mort subite

قد تؤدي بعض أشكال تضخم القلب إلى اضطراب نظم القلب. فإذا كان نظم القلب بطيئًا للغاية لدرجة عدم قدرته على نقل الدم أو سريعًا للغاية لدرجة عدم قدرته على السماح بانتظام نبض القلب بشكل صحيح، فقد يؤدي هذا إلى الإغماء، أو إلى توقف القلب أو الموت الفجائي، في بعض الحالات.

* تشخيص تضخم القلب

ـ تصوير الصدر بالأشعة السينية

يفيد التصوير بالأشعة السينية الطبيب في رؤية الرئتين والقلب. فإذا ظهر القلب متضخمًا في صور الأشعة السينية، فعادة ما تكون هناك حاجة لإجراء اختبارات أخرى للكشف عن السبب.

ـ مخطط كهربية القلب

يساعد هذا الاختبار الطبيب في تشخيص مشكلات النظم القلبي والتلف الذي يصيب القلب من الأزمات القلبية.

ـ رسم القلب بالموجات فوق الصوتية

يستخدم الطبيب النتائج للتعرف على مدى كفاءة ضخ القلب للدم، وتحديد أي غرف القلب التي تضخمت، والبحث عن دليل للإصابة مسبقًا بأزمات قلبية وتحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بمرض القلب الخَلقي.

ـ اختبار الجهد

يسمى اختبار الجهد أيضًا باسم اختبار ضغط الجهد، وهذا الاختبار يُستخدم لجمع المعلومات حول مدى سلامة عمل القلب أثناء النشاط الجسدي. ويشمل اختبار ضغط الجهد عادة المشي على جهاز المشي أو ركوب دراجة ثابتة بينما تتم مراقبة نظم القلب وضغط الدم والتنفس. والتصوير المقطعي المحوسب للقلب أو التصوير بالرنين المغناطيسي.

ـ اختبارات الدم

قد يطلب الطبيب إجراء اختبارات الدم للتحقق من مستويات بعض المواد في الدم والتي قد تشير إلى وجود مشكلة بالقلب. وقد تساعد هذه الاختبارات الطبيب أيضًا في استبعاد الحالات المرضية الأخرى التي قد تكون سببًا للأعراض.

ـ قسطرة القلب والخزعة

في هذا الإجراء، يتم إدخال أنبوب دقيق إلى الأُرْبِيَّة من خلال الأوعية الدموية إلى القلب، حيث يمكن أخذ عينة صغيرة من القلب، لتحليلها في المختبر. ويمكن قياس الضغط داخل غرف القلب لمعرفة مدى قوة ضخ الدم من خلال القلب. كما يمكن التقاط صور لشرايين القلب أثناء الإجراء (تصوير الوعاء التاجي) للتأكد من عدم وجود أي انسداد.

* علاج تضخم القلب

تركز علاجات تضخم القلب على معالجة السبب:

ـ الأدوية

إذا كان اعتلال عضلة القلب أو غيره من أنواع أمراض القلب هو السبب وراء الإصابة بتضخم القلب، فقد يوصي الطبيب بتناول أدوية. وقد تتضمن ما يلي؛ مدرات البول لخفض كمية الصوديوم والماء في الجسم، مما قد يساعد على خفض الضغط في الشرايين والقلب، مثبطات الإنزيم المحول للأنغيوتنسين لخفض ضغط الدم وتحسين قدرة القلب على ضخ الدم، حاصرات مستقبلات أنغيوتنسين (ARB) لتوفير مزايا مثبطات الإنزيم المحول للأنغيوتنسين للأشخاص الذين لا يستطيعون تناول مثبطات الإنزيم المحول للأنغيوتنسين، حاصرات بيتا لخفض ضغط الدم وتحسين وظائف القلب، ديغوكسين للمساعدة على تحسين وظيفة ضخ القلب للدم وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفى للعلاج من فشل القلب، مضادات التجلط لتقليل خطورة التعرّض لجلطات دموية قد تتسبب في الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة ومضادات اضطراب النظم القلبي للحفاظ على ضربات القلب في نطاق معدلاتها الطبيعية.

ـ إجراءات طبية وجراحية

إذا لم تكن الأدوية كافية لعلاج تضخم القلب، فقد يكون من الضروري استخدام إجراءات طبية أخرى أو الجراحة، مثل:

الأجهزة الطبية المستخدمة لتنظيم ضربات القلب: في بعض أنواع تضخم القلب (اعتلال عضلة القلب التوسعي)، قد يكون من الضروري استخدام منظم نبضات القلب ليقوم بتنسيق الانقباضات بين البطينين الأيمن والأيسر. أما بالنسبة للأشخاص المعرضين لخطر اضطراب شديد في نظم القلب، فإن خيارات العلاج المتوفرة تشمل العلاج بالأدوية أو مزيل الرجفان ومُقوِّم نظم القلب القابل للزرع.

جراحة صمامات القلب: إذا كان تضخم القلب ناتجًا من وجود مشكلة في أحد صمامات القلب، فقد تجرى لك جراحة لاستئصال الصمام واستبداله بصمام صناعي أو صمام نسيجي مستخرج من بقرة أو من إنسان متوفى متبرع. وإذا كان الفرد يعاني من تسرب الدم للخلف مرة أخرى عبر الصمام (قلس الصمام)، فيمكن إصلاح تسرب الصمام جراحيًا أو استبدال الصمام.

جراحة تحويل مسار الشريان التاجيإذا كان تضخم القلب مرتبطًا بمرض الشريان التاجي، فقد يوصي الطبيب بإجراء جراحة لتحويل مسار الشريان التاجي.

ـ الجهاز المساعد للبطين الأيسر

إذا كان الفرد يعاني من فشل القلب، فقد يحتاج إلى هذه المضخة الميكانيكية القابلة للزرع لمساعدته على أن يقوم القلب الضعيف بضخ الدم. وقد يتم زرع جهاز مساعد للبطين الأيسر للفرد أثناء انتظاره لزرع القلب أو لاستخدامه كعلاج طويل الأمد لفشل القلب؛ إن لم تكن مؤهلاً لزرع قلب.

ـ زرع القلب

إذا لم تتم السيطرة على الأعراض باستخدام الأدوية، فقد يكون زرع القلب هو الخيار الأخير. ونظرًا لقلة عدد القلوب المتبرع بها، يضطر حتى الأشخاص المرضى بشدة إلى الانتظار مدة طويلة حتى يتسنى لهم زراعة القلب.

ـ نمط الحياة والعلاجات المنزلية

هناك طرق لتحسين حالتك الصحية، حتى إذا لم تكن سبيلاً للشفاء التام. وقد يوصي الطبيب بإجراء تغييرات أنماط الحياة التالية؛ الإقلاع عن التدخين، فقد الوزن الزائد، التقليل من استخدام الملح في النظام الغذائي لديك، السيطرة على داء السكري، مراقبة ضغط الدم، القيام بتمرينات متوسطة بعد مناقشة أفضل البرامج المناسبة مع الطبيب فيما يخص النشاط البدني، الامتناع عن شرب الكحول وتجنب الكافيين ومحاولة النوم لمدة ثماني ساعات بالليل.

* الوقاية من تضخم القلب

من الواجب إخبار الطبيب إذا كان لدى الفرد تاريخ عائلي من الإصابة بحالات مرضية قد تتسبب في تضخم القلب، مثل اعتلال عضلة القلب، لأنه في حالة تشخيص اعتلال عضلة القلب أو غيره من الحالات المرضية الخاصة بالقلب مبكرًا، فقد تفيد العلاجات في الوقاية من تفاقم المرض. كما أن السيطرة على عوامل خطورة الإصابة بمرض الشريان التاجي كتعاطي التبغ وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكوليسترول وداء السكري تساعد على تقليل خطورة تضخم القلب والإصابة بفشل القلب من خلال تقليل خطورة الإصابة بأزمة قلبية. ويمكن للفرد تقليل فرص الإصابة بفشل القلب عن طريق اتباع نظام غذائي صحي والإقلاع عن الكحوليات أو تعاطي الكوكايين والمخدرات عمومًا. كما يمكن لكثير من الأشخاص المصابين بتضخم القلب أن يقوا أنفسهم من الإصابة بفشل القلب من خلال السيطرة على ارتفاع ضغط الدم بالنظام الغذائي وممارسة الرياضة وتناول الأدوية قدر الإمكان.

في الأخير نستنتج أن تضخم القلب قد يكون مؤقتا ويمكن أن يزول، لكن في حالات وأمراض أخرى قد يكون دائما ويؤدي لمضاعفات عديدة مهددة للحياة. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.