نظمت الرابطة الحركية لأطر التريبة التعليم ، المؤتمر التأسيسي تحت شعار ” البديل الحركي لإصلاح منظومة التربية والتعليم” يوم الأحد 2024 بسلا .
وقد افتتح السيد محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية مداخلته بالترحيب والشكر لكافة الأعضاء الموجودة، داعيا لتوفير الظروف الملائمة لميلاد هذا الإطار التنظيمي الجديد .
وقبل الدخول لصلب الموضوع أضاف قائلا ” أود التذكير بأن قرار حزبنا تأسيس روابط مهنية لم يكن الدافع إليه ولا الغايات والمقاصد منه، مجرد تأثيث للفضاء الحزبي، بل اعتبرنا ولا نزال نعتبر وجود هذه الروابط، كما هو الشأن للمنظمات الموازية والمنتدى الجامعي، ضرورة يقتضيها التأطير السياسي الحقيقي، كما تستلزمها حاجة بلادنا إلى إسهام كل بناته وأبنائه بقوة الاقتراح في مجالات تخصصاتهم.”
حيت أبدى إعجباه الكبير بالشعار الذي تم التوافق عليه ، وأن هذا البديل لن يصاغ ويتبلور إلا بأعضائها ومجهوداتهم..
ثم أوضح قائلا فيما يخص الدور الكبير التي تضطلع بها النقابات “فبانتظامكم في إطار الرابطة، ولست في حاجة إلى التذكير بالتراجع الكبير للأدوار التي كانت تضطلع بها النقابات في سالف السنوات، شرعتم فعلا في تدشين البديل، بديل لا يصنفكم في خانة أصحاب المطالب الفئوية والخبزية (على الرغم من أهمية الخبز)، بل أعلنتم بصوت عال أنكم حملة مشروع بناء مستقبل أمة من خلال تنوير المجتمع وتحصينه بلقاح المعرفة.”
وقد بين السيد محمد أوزين أيضا أن الأمر لن يخلو من تحديات كبرى التي قد يوجهنها ،من أبرزها رد الاعتبار إلى قيمنا الأصيلة التي تكاد تندثر كريشة في مهب الريح طائشة، وكذا تفنيد ودحض الصور النمطية والباراديغمات..
وقد أضاف قائلا “إن آفتنا الكبرى تكمن في محاولات القتل الرمزي والمعنوي لمكونات النخب المغربية. فقد تم اختزال السياسي في مجرد “شفار”، والشرطي والقاضي والدركي ورجل السلطة في مجرد “رشايوية”، والمحامي “سمسار”، والصحافي “مرايقي”، كما تمت بهدلة صورة المعلم المربي الذي كاد أن يكون رسولا. فماذا تركنا للأجيال الحالية والقادمة من قدوة؟ سؤال عريض هو فيض من غيض من معضلاتنا الكبرى.”
وقد دعا أيضا للإستفادة من تجارب بلدان أوربية عدة في آسيا وإفريقيا ، من أجل الخروج من قوقعة التخلف والفقر..مع تبيانه أن ذلك تم من خلال الإهتمام بقطاعات حيوية أهمها التعليم.
وأعطى مثال سنغافورة قائلا “فسنغافورة مثلا احتلت المراتب الأولى في مؤشرات التصنيف العالمي للتربية والتعليم، لكونها اعتبرت التعليم محددا أساسيا في تأهيل القوى العاملة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، إذ تم اعتبار الاقتصاد محددا جوهريا في تحديد معالم سياسة التعليم. وأطلقت سنغافورة مبادرة “مدارس التفكير تعلم الامة “.
بحيت أن التعليم يحتاج عناية كبيرة وليس حسب قوله إعادة تجارب غربية من باب التبعية لا تتوافق مع طبيعة مجتمعنا ومع مستوى حاجياته وتطلعاته “لأن التعليم يحتاج إلى عقول مكونة، فقد أولت هذه البلدان عناية خاصة بالمعلم ومنحته أسمى المقامات وأعلى التشريفات، في حين يتم اعتبار المعلم في بلادنا هو الحلقة الأضعف le maillon faible، من خلالها السعي إلى تحميله المسؤولية كل المسؤولية عن الإخفاقات المتتالية والمزمنة للمنظومة التعليمية. بل أكثر من ذلك، يتم التعامل معه كلما جهر بصوته طلبا للإنصاف بمنطق العصا والجزرة: تارة وعودا عرقوبية بزيادة تخلف موعدها، وتارة أخرى بالتوقيف والاقتطاع أو محاولة إثارة سخط آباء وأولياء الأمور عليه.”
ومن أهم العراقيل التي تواجهها المدرسة المغربية حسب محمد أوزين “- 64 في المائة من التلاميذ دون 10 سنوات عاجزون عن قراءة نص مكتوب وفهمه؛ انتشار ظاهرة الهدر المدرسي لأسباب وعوامل مختلفة، وخاصة في الوسط القروي، حيث تمس هذه الظاهرة الفتيات على الخصوص، بسبب صعوبة تنقلهن خارج الدوار لمتابعة الدراسة، أو لتدهور البنيات المدرسية مثل غياب المراحيض ومرافق النظافة؛ وللتذكير، ربط حزبنا في المذكرة التي قدمها إلى اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، محاربة تزويج القاصرات بالعمل بإجبارية تعليمهن حتى مستوى الباكالوريا كحد أدنى.”وقد صنف التعليم العالي المغرب في المرتبة 154 من مجموع 199 دولة، وهو مؤشر مخجل بالنسبة للمنظومة التعليمية ككل.”مؤشرات مقلقة في جميع الميادين يؤكدها الواقع، لكن على ما يبدو تمتلك الحكومة نظارات وردية ترى بها مدينة فاضلة، لا يراها غيرها.”
أردف قوله “لقد حان الآوان، لتجاوز منطق المزايدات السياسية وركوب الرأس اعتدادا بأغلبية عددية من أجل تعميق الأزمات بما فيها أزمة التعليم، التي طالت وتفاقمت بفعل سلسلة من الإصلاحات والمخططات استهلكت الملايير بشكل ليس له نظير، دون أن تراوح الأزمة مكانها بل زادت استفحالا، ولعل في شد الحيل مع طلبة كليات الطب الدليل والبرهان على قمة الاستهتار بمصالح بلد جعل من إنجاح تعميم الحماية الاجتماعية رهانا كبيرا، فكفى من التعامل مع التعليم كمختبر للتجارب الفاشلة .”
وفي الأخير قال “في ختام هذه المداخلة، أولا: أعيد طرح السؤال حول واقع تدريس اللغة الأمازيغية، الذي لا نريده أن يختزل في مراسيم احتفالية لجبر الخواطر أو شعارا بدون تنزيل، ولا نرضى أن يظل تدريس لغة رسمية في مرحلة التجريب بعد 13 سنة من المصادقة على الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011 ، ثم ثانيا: أدعو الحكومة إلى إحداث ورشات للفلسفة في المراحل الابتدائية من أجل تدريب المتعلم على التفكير وإعمال العقل عوض تكريس النقل وبضاعتنا ردت إلينا، فبمثل هذه المبادرات يمكن توجيه الناشئة إلى تخصصات علمية دقيقة مثل الرياضيات والفيزياء. وفي هذا الإطار، حكى لي صديق أنه لم يدرك جدوى الرياضيات التي كان فيها ضعيفا في الإعدادي والثانوي إلا بعد دراسته للفلسفة في الجامعة اما وزيرنا في العدل فقد اقر ان نقاطه ومعدلاته الكارثية في الرياضيات جعلت منه وزيرا في العدل في حكومة الكفاءات.”
بين بعذ ذلك قائلا “صحيح هو وزير لا يسعفه مستواه الرياضي الهزيل في فك شفرات المعادلات السياسية إلا بالسطحية والمجانية. فهنيئا له بهذه التوليفة البهية.”
وألقى دعوته ” أدعوكم كمختصين في التربية والتعليم إلى الانتباه إلى ما يشكله الذكاء الاصطناعي من خطر على قيمة التعليم. للتقنيات الحديثة إيجابياتها لكنها سلاح ذو حدين، ويمكن أن تكرس المزيد من التواكل والغش في ميدان نبيل لا يحتمل غير الصدق والجدية.”
وأختم كلامه بقولة ” مالكوم إكس”:التعليم هو جواز السفر للمستقبل، فإن الغد ينتمي لأولئك الذين يعدون له اليوم”.