اعتبر الباحث البارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، السيد محمد لوليشكي، اليوم الثلاثاء، أن المغرب يظل دائما شريكا ذا مصداقية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، بغض النظر عن الحزب الحاكم أو الساكن في البيت الأبيض.
وأبان السفير السابق للمغرب لدى الأمم المتحدة، في نقاش عبر الويب، نظمه المركز في إطار برنامجه الأسبوعي “حديث الثلاثاء”، لمناقشة “الثابت والمتحول في السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية”، أن الولايات المتحدة تنظر دائما بنوع من التميز إلى المغرب، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أن المغرب تربطه علاقات ثنائية تاريخية بالولايات المتحدة، ولطالما كان شريكا متعاونا معها.
وبخصوص الثابت والمتحول في السياسة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية، أشار السيد لوليشكي إلى أن هناك العديد من المؤشرات التي توحي بحدوث تغيير في السياسة الأمريكية في عهد الرئيس الجديد المنتخب، جو بايدن، خاصة على مستوى ملفات المناخ، والهجرة، والتعامل مع الصين وإيران، وإعادة التحالفات وتعددية الأطراف، مبرزا، في هذا الصدد، تعيين ثلاث شخصيات بارزة في الحكومة الجديدة؛ وهي أنتوني بلينكن، على رأس وزارة الخارجية، وجون كيري مبعوثا رئاسيا خاصا لقضايا المناخ، وأليخاندرو مايوركاس في منصب وزير الأمن الداخلي.
وخلص إلى أنه، على الرغم من هذه التغييرات التي قد تطرأ على السياسة الأمريكية، فإن خيار “أمريكا أولا” باق، بيد أنه “لن يكون الخيار الوحيد لأن الولايات المتحدة ستعتمد على الدبلوماسية وستنخرط في المنظمات الدولية، وستعمل على إحياء التحالفات التاريخية، خاصة مع الدول الأوروبية والآسيوية”، مشيرا، في المقابل، إلى أن إدارة بايدن ستسعى إلى احتواء التوسع والنفوذ الصيني والروسي، والحد من نفوذ إيران، والتعاون بشكل براغماتي مع تركيا، وكذا العودة إلى المقاربة التفاوضية ومتعددة الأطراف.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس ورئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، السيد عبد الحميد بنخطاب، إن “المغرب يعتبر صديقا وحليفا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية وتربطه بها علاقة تاريخية ضاربة في القدم، وليست مجرد علاقة عابرة”، داعيا إلى رصد مختلف التوجهات الداخلية في الحزب الديمقراطي للحفاظ على المصالح المغربية في الولايات المتحدة.
وبخصوص العلاقات الدولية الأمريكية، اعتبر السيد بنخطاب أن السياسة الخارجية الأمريكية قائمة على مجموعة من الثوابت التي لا تتغير؛ فهي مبنية على عقيدة مذهبية تحدد توجهاتها العامة، وذلك على أساس الواقعية في صياغة السياسات الخارجية، موضحا أنه بغض النظر عن الحزب الحاكم في البيت الأبيض، هناك معطيات بنوية لا يمكن تغييرها، من قبيل الصراع بين الدول من أجل تعزيز النفوذ والسيطرة في العالم.
من جانبها، أشارت الباحثة في العلاقات الدولية بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، السيدة سلمى الداودي، إلى أن تدبير أزمة (كوفيد-19) كان عاملا حاسما في ترجيح كفة الديمقراطيين على حساب الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مسجلة أن انعدام المساواة العرقية، التي أججتها حادثة مقتل جورج فلويد في ماي الفارط، أفضت إلى تنظيم مظاهرات، مما دفع الشعب الأمريكي إلى الاهتمام بشكل أكبر بالقضايا الاجتماعية والسياسية وآثارها على حياتهم اليومية.
وبخصوص الانتظارات بشأن السياسة الخارجية التي ستعتمدها إدارة بايدن، أوضحت السيدة الداودي أن تنفيذ أي خط عريض في السياسة الخارجية يتوقف على تفاوض الإدارة مع مجلس الشيوخ الذي من المرجح أن يكون ذا أغلبية جمهورية، مشيرة إلى أن هذا المعطى سيؤجج الصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري من أجل إحداث تغيير على مستوى السياسية الخارجية التي تعتمدها حتى الآن الإدارة الحالية.
جدير بالذكر أن “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” هو مركز مغربي للدراسات تم إنشاؤه بالرباط سنة 2014، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزءا لا يتجزأ من الجنوب الشامل.
ومن هذا المنطلق، يعمل المركز على تطوير مفهوم “جنوب جديد” منفتح ومسؤول ومبادر يصوغ سرديته الخاصة ويبلور تصوراته ومنظوره لحوض المتوسط والجنوب الأطلسي في إطار خال من أي مركب تجاه باقي العالم.