خرج اللبنانيون اليوم الإثنين إلى الشوارع مجدداً في يوم مفصلي من حراكهم غير المسبوق، في تزامن مع عقد مجلس الوزراء جلسته الأولى منذ بدء التظاهرات، وانتهاء مهلة حددها رئيس الحكومة سعد الحريري للقبول بخطة إنقاذ اصلاحية.
ويدخل التحرك في لبنان على خلفية مطالب معيشية في بلد صغير تثقل المديونية والفساد والمحاصصة والوراثة السياسية كاهله، يومه الخامس على التوالي، في وقت يتمسك المتظاهرون بمطلب رحيل الطبقة السياسية، مستهزئين بكل ما يقدم من حلول “تخديرية”.
وبدأ المتظاهرون في وقت مبكر الإثنين قطع الطرق الرئيسية لمنع الموظفين من التوجه إلى أعمالهم، وأبقت المصارف والجامعات والمدارس أبوابها مقفلة، غداة تظاهرات كبرى شهدها وسط بيروت ومدن عدة من شمال البلاد حتى جنوبها، تخللها احتفالات وهتافات مطالبة برحيل الطبقة السياسية بأكملها.
وعقدت جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري قال عون خلالها إن ما يحدث في الشارع يعبر عن “وجع اللبنانيين” ولكنه أكد أن “تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير”.
وبدأت المظاهرات في لبنان وتستمر بشكل عفوي دون تصدر نشطاء أو حركات سياسية بعينها لمشهد المسيرات والاحتجاجات. إلا أن مسودة، وهي غير رسمية طبعاً، لأبرز مطالب المتظاهرين انتشرت على حسابات اللبنانيين بمواقع التواصل الاجتماعي وجاء أهم ما فيها كالتالي:
استقالة الحكومة وتعطيل مهام رئيس الجمهورية والبرلمان وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة وفق قانون انتخابي نسبي قائم على دائرة واحدة ودون قيد طائفي على أن تعد القانون وتشرف على تطبيقه منظمات متخصصة غير حكومية.
تشكيل حكومة تكنوقراطية مؤقتة تتشكل من القضاة المشهود لهم بالنزاعة والكفاءة بعيداً عن النخبة السياسية الحالية.
رفع السرية المصرفية عن الحسابات بشكل فوري والحجز على الأموال التي تفوق 100 مليون دولار وتشكيل لجنة قانونية للبت فيها عبر تطبيق قانون الثراء غير المشروع ومصادرة الأموال منهوبة في بنوك داخل وخارج لبنان.
تشكيل هيئة وطنية من قبل خبراء قانونيين لإلغاء الطائفية السياسية في البلاد.
وقال عون خلال جلسة مجلس الوزراء إنه يجب البدء برفع السرية المصرفية عن حسابات المسؤولين الحاليين والمستقبليين ولكن تلك الإجراءات لن تكون كافية لإرضاء المحتجين.
ويقول روني الأسعد (32 عاماً) وهو موظف وناشط بانفعال لفرانس برس في وسط بيروت الإثنين “اليوم مصيري بالنسبة إلينا، كل تعبنا في الأيام القليلة الماضية وحتى السنوات لنصل إلى هذه اللحظة”.
ويضيف “لا يخرجني من الشارع إلا استقالة الحكومة أولاً ومن ثم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، أو تشكيل حكومة انتقالية مع مشاركة ممثلين عن الشعب فيها، على غرار ما جرى في السودان”.
وعلى غرار كثيرين من المتظاهرين، يهزأ الأسعد من اجراءات إنقاذية اقترحها الحريري وتدرسها الحكومة اليوم.
ويؤكد “سبقنا حلول الطبقة السياسية بكثير ولم تعد تنفع معنا هذه الاجراءات، ولا ثقة لنا بهم على الإطلاق” متسائلاً “لو كان بإمكانهم تنفيذ هذه الاصلاحات من قبل، لماذا انتظروا حتى اليوم؟”.
وتنتهي مساء الإثنين مهلة 72 ساعة منحها رئيس الحكومة لـ”شركائه” في الحكومة، في إشارة الى التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في رزمة اصلاحات إنقاذية.