تتأهب الأسر المغربية مع كل موسم دراسي جديد لتخصيص نصيب مالي معين لتدريس أبنائها، إذ سُجل في السنوات الأخيرة أن نفقات تمدرُس الأبناء تشكل نسبة مهمة من الميزانية العامة للآباء والأمهات.
ولاحظت المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية مهمتها رصد وجمع ونشر البيانات الإحصائية)، أن نفقات الأسر المغربية على الدراسة تضاعفت أكثر من ثلاث مرات ما بين 2001 و2019.
وبالرغم من مجانية التعليم العمومي في المغرب، فإن نفقات التمدرس ترتفع بسبب غلاء بعض اللوازم والأدوات الدراسية، إلى جانب لجوء بعض الأسر إلى تسجيل أبنائها في المدارس الخصوصية التي تتطلب ميزانيات مهمة.
إنفاق مرتفع على التمدرُس
في وثيقتها الصادرة بمناسبة الدخول المدرسي، الذي بدأ يوم أمس الاثنين، أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن نفقات التمدرس انتقلت من 1277 درهما (نحو 120 دولارا) في 2001، إلى 4365 درهما (نحو 430 دولارا) في 2019.
وأوردت الوثيقة، الصادرة تحت عنوان “كم تبلغ نفقات الأسر من أجل تمدرُس أبنائها؟”، أن حجم هذه النفقات ضمن ميزانية الأسر، خلال الفترة ذاتها، انتقلت من 1.6 إلى 4.8 في المئة على المستوى الوطني.
ويتراوح الحد الأدنى لكلفة تمدرُس طفل واحد من 1087 درهما (نحو 100 دولار) في القطاع العمومي، وصولا إلى 7726 درهما (نحو 770 دولارا) للأطفال في قطاع التعليم الخصوصي.
كل هذا التحليل حول نفقات الأسر المغربية على التمدرُس، تم بناء على المعطيات الواردة في البحث الوطني حول مصادر الدخل، والذي أنجزته ما بين 2019 و2020، وفق ما أكدت المندوبية السامية للتخطيط.
بحث عن جودة الخصوصي
ويعتقد رئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم (غير حكومية)، عبد الناصر ناجي، أن “ما يفسر أكثر هذا الارتفاع في نفقات التمدرس هو لجوء أغلبية الأسر إلى التعليم الخاص أو الدروس الخصوصية هروبا من تدني جودة التعليم العمومي”.
وكشف ناجي، في تصريحه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، أن “الأرقام الرسمية تؤكد أن التعليم الخاص نما بأكثر من 75 في المئة في العشر سنوات الأخيرة”.
واعتبر رئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم أن هذه النفقات “ظاهريا تنعكس بالإيجاب بما أن هذه الأسر تُدرّس أبناءها في التعليم الخاص، لكن الدراسات الدولية بيّنت أن التعليم الخاص في المغرب لا يختلف من حيث الجودة عن التعليم العمومي؛ وبالتالي فهؤلاء يستفيدون فقط من الخدمات التي يقدمها هذا النوع من التعليم”.
تكاليف اللوازم ودعم حكومي
على مستوى آخر، “وإذا كان التعليم العمومي مبدئيا مجانيا، إلا أن هناك بعض متطلبات التمدرس التي تتطلب الإنفاق من طرف الأسر، على غرار الكتب المدرسية، واللباس المدرسي، وبعض رسوم التسجيل خاصة الانخراط في بعض الجمعيات المدرسية من قبيل جمعيات الآباء”، يوضح الفاعل في مجال تجويد التعليم.
ويشدد المتحدث ذاته على أن “هذه التكاليف ترتفع كل سنة بحكم ارتفاع الأسعار عموما وارتفاع نسب التضخم“.
وتأثر قطاع الكتب والنشر والورق بتداعيات النزاع الروسي الأوكراني، إذ لجأت الحكومة المغربية للتفاوض مع الناشرين قبيل الموسم الدراسي الجديد، لتجنب أي زيادة في أسعار الكتب والمقررات الدراسية.
وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في مؤتمر صحفي نهاية الشهر الماضي، أن الحكومة خصصت دعما يقدر بـ105 ملايين درهم للناشرين من أجل تعويضهم عن تكاليف الورق والطباعة، مجددا التأكيد على أن أسعار الكتب المدرسية لن تعرف أي زيادة.
وأوضحت الحكومة المغربية أن الدعم المالي المباشر الممنوح للناشرين، يخص الكتب المدرسية الموجهة إلى المستويات التعليمية بالسلك الابتدائي والثانوي الإعدادي، التي يتم إنتاجها خلال سنة 2022، وفق قائمة كتب مدرسية معينة محددة من طرف الوزارة، تشجيعا للتّمدرس ومحاربة للهدر المدرسي، وسعيا إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر المغربية.
مضاربات وكتب غير مُدعّمة
غير أن آباء وأمهات وأولياء التلامذة اصطدموا بزيادة في أثمنة بعض الكتب المدرسية التي لم تدخل في نطاق المُدعّم حكوميا، إلى جانب طبعا زيادات ملحوظة في أسعار الأدوات المدرسية التي تتشكل منها محفظة التلميذ.
وأبرز نائب رئيس جمعية الكتبيين المستقلين بالمغرب (غير حكومية)، حسن الكمون، أن “هناك زيادة في أسعار المقررات والكتب الموجهة للتعليم الخصوصي، سواء منها المستوردة من الخارج التي زادت بنسبة تتراوح ما بين 8 و12 في المئة، أو المطبوعة في المغرب بنسبة تتراوح ما بين 12 و15 في المئة”.
وتابع الكمون، في حديثه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، أن “أثمنة الكتب المدرسية لمستوى سلك الثانوي التأهيلي تم استثناؤها من الدعم الحكومي، وهو ما سيزيد من معاناة الأسر”.
وطالب المهني في مجال بيع الكتب واللوازم الدراسية، الحكومة بـ”التدخل من أجل إنهاء المضاربات وحالة الاحتكار التي تطال الدفتر المدرسي الأكثر طلبا من قبل المتمدرسين، والذي ارتفع ثمنه بشكل مبالغ فيه، من أجل إنقاذ الدخول المدرسي وإنقاذ الأسر المغربية من الغلاء الذي طال المستلزمات المدرسية”.
نقلا عن سكاي نيوز عربية