مارغريت آتوود تروي سيرتها في “كتاب الحيوات” بين الذاكرة والخيال

تُصدر الكاتبة الكندية البريطانية مارغريت آتوود، صاحبة الرواية الشهيرة “حكاية الجارية”، يوم الخميس المقبل، سيرتها الذاتية الجديدة تحت عنوان “كتاب الحيوات” (The Book of Lives)، وهو عمل أدبي ضخم يكشف وجوهها المتعددة ككاتبة ومفكرة وناشطة نسوية، ويغوص في تفاصيل مسيرتها الإبداعية الممتدة على مدى أكثر من ثمانية عقود.

تبدأ آتوود (86 عامًا) سيرتها بجملة لافتة تقول فيها: “أسافر عبر الزمن، وعندما أكتب يسافر الزمن من خلالي”، لتؤكد منذ البداية أن الكتاب ليس مجرد سرد تقليدي، بل رحلة تجمع بين الذكرى والخيال والتأمل. وتضيف في مقدمة الكتاب: “قد تكون الذكريات دقيقة لكنها خيالية”، في إشارة إلى الطبيعة الفنية للنص الذي يوازن بين الصدق الذاتي والرؤية الأدبية.

الكتاب الذي يمتد على نحو 600 صفحة يروي محطات حياتية غنية، من طفولتها في الغابات الكندية وسط الطبيعة البكر، إلى نضالها النسوي وإسهاماتها الفكرية والأدبية. وتستعيد آتوود في صفحاتها الأولى تفاصيل نشأتها غير المألوفة في كوخ بلا كهرباء أو هاتف، حيث كان والدها عالم حشرات، وهي بيئة شكلت بذور خيالها المبكر وحبها للطبيعة والقصص.

وتربط الكاتبة بين صمت الغابة وصوت الكتابة، فتقول: “الصمت الذي يلفّ الغابة هو الضجيج الذي أسمعه عندما أكتب”، مؤكدة أن الأدب عندها امتداد لتجربة بيئية وإنسانية معقدة، وليس فعلًا معزولًا.

كما تتناول آتوود في فصول سيرتها علاقتها بالسياسة والفكر، متحدثة عن معاركها ضد الرقابة، ونشاطها البيئي، وموقفها من تصاعد النزعات الاستبدادية، مشيرة في نهاية الكتاب إلى قلقها من أن “عصر التفاؤل الذي عرفه جيلي يوشك أن ينتهي”.

وتعود الكاتبة إلى روايتها الأيقونية “حكاية الجارية” التي صدرت عام 1985، معتبرة إياها محطة مفصلية في حياتها، إذ تحولت إلى ظاهرة ثقافية عالمية بعد نجاح مسلسلها التلفزيوني في 2017، وأصبحت رمزًا أدبيًا لمناهضة التسلط الذكوري والديني.

وقد لقي الكتاب استقبالًا نقديًا واسعًا، ووصفته صحيفة ذا غارديان البريطانية بأنه “أقرب إلى سيرة فكرية كاملة منه إلى مذكرات شخصية”، مشيدة بأسلوبه المتوازن بين روح الدعابة وعمق التجربة. فيما رأى نقاد آخرون أن آتوود تقدم في هذا العمل صورة منتقاة لذاتها، تمزج بين الصراحة والتحفظ، لتترك للقارئ مساحة لاكتشاف “الكاتبة التي لا تزال تكتب نفسها وهي تتحدث عنها”.