كأحلام الصبا الخالية من شوائب الحياة، انطلق الفتى غير آبه بواقع يحثه على التروي و التوقف عند كل عثرة.
انطلق يسابق الرياح باسم الثغر، ونور الأمل المشع من عينيه يهدم سدود المستحيل و يستسهل الصعاب.
يصم أذنيه عن كل صوت عدا صوته الصارخ بداخله.. يحثه على الرحيل.
“وائل”، امتطى صهوة الأمل و انطلق، اختار الحرية دينا و المجهول موطنا..
انتشل حلمه من بين براثن الخمول و التثبيط، و هرب به وحيدا إلى حيث نور الأمل يتوهج و يبدد ظلمة واقع مرير يعدم الأحلام.
و مضى قاصدا المجهول، مخلفا وراءه شظايا ماضيه الآمن.
في خريف أيامه زرع أحلاما يجني ثمارها بعد حين..و يستبدل الخريف ربيعا و اليباس خضرة.
و بعد أن طال الطريق و شق عليه المسير، ها هو ذا يقف في منتصف الطريق حائرا بعد أن أضناه الترحال.
و تراكمت الأسئلة في ذهنه..و حار بين المضي إلى وجهته و مجابهة وعورة الطريق، أم العودة إلى مقبرة الأحلام ووائدي الأماني..إلى ديار العاجزين.
وهناك في منتصف الطريق علق الحلم وحيدا يصارع الزمن، يصارع تلاشي الأيام وقد كفن الحاضر الماضي و لفه النسيان..
و قف متأملا طريقه و يبكي متألما..يستذكر الماضي بندم و يرقب المستقبل بعجز.
و تسللت الغربة إلى ذراته الثائرة فأردته صريع الحيرة، و انهالت دموعه فوق جسر الضباب..و أمواج الألم لا تلبث تعلو كلما عبر النسيم.
انطرح أرضا و تنكر لحلمه و للأمل..و انزوى عند الجسر يرقب العابرين..يعتصر قلبه الألم كلما تعالت الضحكات و همسات الأمان.
و ما هي إلا لحظات حتى انقشعت غيوم اليأس..و أشرقت شمس الأمل مجددا..فترائى له الحلم قادما من بعيد مخترقا الضباب..مادا يديه..
و سرعان ما تشبث به، ومضيا معا يتخبطان في العواصف..و لسان حالهما يردد. “خلف خريف العمر المهجور ربيع مزهر مثمر..و بعد لحظات نصل”.
بقلم : هجر زعلول