شنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية هجمات مضادة متزامنة في محيط طرابلس سعيا لتأمين محيط العاصمة من الجنوب عبر تثبيت مواقعها هناك، بينما عرقلت فرنسا إصدار بيان أوروبي يدعو إلى وقف هجوم قوات حفتر على المدينة.
وقال مراسل الجزيرة أحمد خليفة إن قوات الوفاق تمكنت بحلول مساء أمس الأربعاء وبعد معارك عنيفة من السيطرة بالكامل على ضاحية عين زارة، وهي المدخل الجنوبي للعاصمة، كما توغلت جنوبا في منطقة وادي الربيع، وسيطرت على أجزاء كبيرة منها وأجبرت قوات حفتر على التراجع إلى مواقعها في منطقة قصر بن غشير.
وأضاف المراسل أن قوات حفتر سيطرت بعد عصر أمس على معسكر اليرموك، وهو أحد أكبر معسكرات طرابلس، لكنها خسرته بحلول المساء بعد تعرضها للقصف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، لتتراجع على أثر ذلك إلى مواقعها السابقة بقصر بن غشير، وتحديدا في منطقة سوق الخميس-مسيحل (باتجاه مدينة ترهونة).
وقد بث ناشطون تسجيلات صُورت ليلا تظهر عناصر من قوات حكومة الوفاق داخل معسكر اليرموك الذي تداول السيطرة عليه الطرفان المتقاتلان في الأيام القليلة الماضية. وظهر في التسجيلات القيادي الميداني صلاح بادي المنضم حديثا إلى عملية “بركان الغضب”،.
بيد أن الوحدات العسكرية المشاركة في عملية “بركان الغضب” التي أطلقتها حكومة الوفاق الوطني، لم تتمكن حتى مساء أمس من استعادة مواقعها السابقة داخل المطار الدولي المدمر، في ظل استماتة كبيرة من قبل قوات حفتر، وفق ما قاله مراسل الجزيرة.
وكان العقيد أحمد المسماري الناطق باسم ما يسمى الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، أكد أن المطار الدولي لا يزال بيد قواته. وكان الطرفان تبادلا السيطرة عليه أيضا في إطار معارك الكر والفر المستمرة منذ أسبوع.
ومنذ سيطرت قوات حفتر الخميس الماضي على مدينة غريان (100 كلم تقريبا جنوب العاصمة) بدعم من قوات محلية موالية لها، شهدت عدة محاور جنوب طرابلس تغيرا سريعا للسيطرة من هذا الطراف وذاك، بينما تمكنت قوات حكومة الوفاق منذ الساعات الأولى من تأمين الطريق الساحلي بين طرابلس والزاوية غرب العاصمة.
وبالتزامن مع الاشتباكات على الأرض التي تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة، بما فيها الدبابات والصواريخ، تبادل الطرفان المزيد من الغارات الجوية، استهدفت إحداها مواقع للقوات المهاجمة في مدينة غريان التي قالت وكالة رويتر إن حفتر يدفع إليها بالمزيد من المقاتلين من شرقي ليبيا.
وضمن معارك اليوم السابع من الهجوم على طرابلس، أعلن المتحدث باسم حفتر إسقاط طائرة حربية بعد إقلاعها من الكلية الجوية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، لكن سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق نفى ذلك.
وأحصت مصادر ليبية 117 قتيلا من قوات حفتر خلال أسبوع، والعديد من هؤلاء من بنغازي والمرج ومدن أخرى بالشرق الليبي، لكن المتحدث باسم قوات حفتر أقر فقط بمقتل 28 وإصابة 92 آخرين.
كما نفى وجود أسرى من قواته لدى حكومة الوفاق، مناقضا بذلك تقارير تؤكد وقوع عشرات الأسرى من القوات المهاجمة.
مجلس الأمن
سياسيا، نقلت وكالة رويترز عن مصادر دبلوماسية أن فرنسا عرقلت صدور بيان عن قادة الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف هجوم قوات حفتر الذي يستهدف اجتياح العاصمة الليبية. ومن شأن هذا الموقف الفرنسي أن يعزز اتهامات أطراف ليبية من داخل حكومة الوفاق وخارجها لباريس بأنها تدعم الهجوم، رغم أن الأخيرة نفت علمها به مسبقا.
وجاء في مسودة البيان المشترك الذي كان سيصدر عن القادة الأوروبيين الذين اجتمعوا أمس الأربعاء في بروكسل، أن الهجوم “يعرّض للخطر السكان المدنيين ويعرقل العملية السياسية، ويهدد بمزيد من التصعيد مع عواقب خطيرة على ليبيا والمنطقة، بما في ذلك التهديد الإرهابي”.
وفي نيويورك، عقد مجلس الأمن الدولي مساء أمس جلسة طارئة مغلقة بشأن التصعيد الجاري في ليبيا، وسط تباينات في مواقف الدول الأعضاء بالمجلس.
واستغرقت الجلسة أكثر من ساعتين، وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن المجلس يدرس بيانا أو مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار. لكن المجلس فشل قبل أيام في إصدار بيان بعد رفض روسيا الإشارة إلى حفتر بالاسم.
وعقب الجلسة مباشرة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف القتال لتجنب معركة دامية في طرابلس، مؤكدا أنه لا حل عسكريا للصراع، ومشددا على ضرورة استئناف الحوار السياسي.
وعلى غرار غوتيريش، أكدت مندوبة بريطانيا كارين بيرس أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في ليبيا، وأنه يتعين التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
من جهته، طالب مندوب ألمانيا في مجلس الأمن كريستوف هيوسغن بحل سياسي للأزمة الليبية، وتساءل عن سبب عجز مجلس الأمن عن وقف هجوم حفتر على طرابلس.
وكان مصدر من حكومة الوفاق الليبية قال إن رئيسها فايز السراج وجه قبيل الجلسة المغلقة رسالة رئيس مجلس الأمن الدولي أكد فيها على حق حكومته في الدفاع عن طرابلس، وكان أعلن قبل ذلك أن قواته لن تتوقف عن القتال حتى تعود قوات حفتر من حيث أتت.