قليل من الصمت منكم يكفيني
ما بكم أيها الجيران؟
ماذا دهاكم؟
أنسيتم دمي المُراق !
لم أحسبكم أبدا جيراناً
حسبتكم دوما إخواناً
ما بكم أيها الجيران؟
إن نسيتم، اسألوا التاريخ
إن نسيتم، اسألوا أنفسكم
كيف يصير الدم في أعينكم
ماءً
ويصير المشترك بيننا
بؤرة صراع
صحرائي هاته منذ فجر التاريخ
تلك بلادي
كلها بلادي
وذلك اللباس المبهر الراقي هو قفطاني
وطلقات التبوريدة الجميلة هي لفرساني
كيف تجرؤون؟
يشهد الشاي : يقول أنا مغربي
يشهد البراد : يقول أنا مغربي
كسرة الخبز والحكاية
كلهم
كلهم يقولون أنا مغربي
أينما تذوَّقتموهم وأنَّى شربتموهم
في كأس مع النعناع بطنجة
أو
على رمال شاطئ العيون / الداخلة
أو
في مَجْمعٍ تحت شعاع البدر في الكويرة
ما بكم أيها الجيران؟
ماذا أصابكم؟
أنسيتم دمي المراق
من أجلكم
وهذه بلادي،
كيف تجرؤون؟
ثم
تحلمون أن أُجزِّئها
جزءً لحلمكم بالمحيط
و
جزءً لِوَهْمٍ نسجتموه
احتضنتموه
افتروا ما شئتم
أبدا لم ولن أعاديكم
ملكي الغالي
وفي كلمة حق
وعد ملِكِي
بأن الشر لن يأتيكم
من بلد الخير والسلم لن يأتيكم
لكن حذاري، ثم حذاري
من أسد ريفي أطلسي صحراوي
لن ولن يسمح في حبة رمل
من صحرائه
دعوني أخبركم حكاية
عن امرأة
أيها الجيران
امرأة لها ولدان
ولد يحيى في الوهم
وراء الجدران
وولد يسأل أخاه
أخي
هذا الوطن
غفور رحيم
عد إلينا
قوتنا في وحدتنا
والمرأة لا تزال تبكي
تسأل ولدها
الذي يقبع في خيام
خلف الجدار
متى تعود بني للدار
متى يا ولدي
تنقشع الغَمامة
عن عينيك؟
متى يا ولدي
تزيل الوقْر
من أذنيك؟
وتسمعَ ندائي
وتسمعَ أنيني
ألم تحنَّ بُني
لأغنيتنا الجميلة؟
أما الذي يحيى خلف الجدار
أما الذي في أذنه وَقْرُ
أما الذي لا ينصت
لنبض أمه
لأن الغشاوة لا تزال
تُعمي فؤاده
فإنه ولدي التائه
وسيعود
قلبي يخبرني
أنه سيعود
إلى حضني
سوف يعود
سينفض عنه غبار الوهم
وسيعود
تقول المرأة وهي تبكي
وهي تصلي
هكذا يخبرها قلبها الكسير
وقلب الأم الحنون خبير
سيعود لرمال الصحراء
سيعود لحليب الناقة
سيعود ليعانق أمه
سيعود لدفئها
وسنعود نحن جيرانا وإخوة
وسندفن هذا الفاصل
للأبد
هذه بلادي
كلها
كلها بلادي
وهؤلاء أولادي
كلهم أولادي
العصاة منهم يتوبون
والطيبون منهم يزدادون طيبة
أيا أيها الجيران
قليل من الصمت منكم
يكفينا
ما بكم أيها الجيران
ماذا دهاكم
ألا ليت الجغرافيا كانت
رحيمة بي
و
بعيداً، بعيداً
في جزيرة …
وضعتني
فلا أصبح وأمسي
يوما إثر يوم
على شطحاتكم
لكنني لن أعاديكم
وقليل من الصمت
منكم
يكفيني
وقليل من الصمت
منكم
يكفيني
يكفيني
يكفيني