وورد بالمقال الذي كتبته الصحفية المستقلة آمي آمي ووديات، أن التعسف وسوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء خلف القضبان ومعدل الاعتقالات السياسية القياسي تحمل في طياتها نُذُر كارثة.
وذكرت الكاتبة أن منظمات وناشطي حقوق الإنسان يحذرون من أن عمليات تجنيد عناصر لتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المتطرفة الأخرى تشهد ازديادا في السجون المصرية وساهمت الظروف “المروعة” بداخلها في تسريع وتيرتها.
وقدرت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في 2016 أعداد المعتقلين أو المتهمين في مصر منذ إطاحة الرئيس عبد الفتاح السيسي بسلفه محمد مرسي في انقلاب في 2013 بأكثر من ستين ألفا، معظمهم من معارضيه السياسيين.
ونقلت الكاتبة عن الباحث بمنظمة العفو الدولية حسين بيومي القول إن مصر تعيش “أسوأ فتراتها من حيث حملات البطش والاعتقالات التعسفية”، مضيفا أن الناس في مصر “قد يُعتقلون دون سبب على الإطلاق”.
تاريخ طويل
وتشير ووديات في مقالها إلى أن لمصر تاريخا من “التشدد والتطرف” الذي يزدهر خلف قضبان مراكز الاعتقال، وضربت مثالا على ذلك بزعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري الذي قالت إنه من بين كبار “الجهاديين” الذين تطرفوا داخل سجون البلاد.
وقد وصفت منظمة العفو الدولية حملات القمع التي يشنها نظام السيسي على الحريات المدنية بأنها “غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث”، حيث يعتقل الناس لمجرد “هجاء أو تغريدة، أو دعم أندية كرة قدم، أو تنديدهم بالتحرش الجنسي، أو لإعداد مونتاج لأفلام” تتعرض للنظام الحاكم.
وتخشى منظمات حقوق الإنسان ومعتقلون سابقون من أن أعدادا من الناس أكثر من أي وقت مضى عرضة للتطرف.
ومن بين ما استشهدت بهم الكاتبة في مقالها مهندس يُدعى أيمن عبد المجيد قال إنه اعتُقل بسبب نشاطه السياسي في 2015 في سجن القناطر وفي مركز اعتقال ملحق بمحكمة في الجيزة ومراكز الشرطة.
وزعم عبد المجيد أنه رأى العديد من الرجال جرى اعتقالهم على جرائم غير عنيفة وتحولوا بعدها إلى التطرف أثناء احتجازهم.
واسترسل قائلا “رأيت رجالا أودعوا السجن بسبب خلافهم مع ضابط شرطة رفع بعدها دعوى ضدهم وانتهى بهم الأمر إلى السجن، وهم الآن في دوامة بين بقائهم في الحجز دون محاكمة ووضعهم تحت الاعتقال التعسفي لمدة غير محددة من الزمن”.
وأضاف هؤلاء الرجال مفعمون بالكراهية وناقمون على الدولة، وحاقدون على الشرطة، فقد فقدوا وظائفهم وخسروا تجارتهم وأضحت حياتهم شقاء وتركوا خلفهم عائلات، وهؤلاء هم من يستهدفهم المتطرفون بالتجنيد.
حملة تجنيد
وكان كبير المستشارين بجمعية حقوق الإنسان أولا بريان دولي قال في وقت سابق لمجلة فورين بوليسي إن “حملة السيسي القمعية على المعارضين تغذي تنظيم الدولة الإسلامية بدماء جديدة عبر تجنيده عناصر من داخل السجون المصرية، خصوصا في العام المنصرم”.
ووفقا لدولي فإن تنظيم الدولة يتحكم فعليا في أجزاء من منظومة السجون المصرية، وأنه يجند معارضين وسجناء مسالمين غير سياسيين باستغلاله الغضب العارم الذي ينتابهم والإهانات التي تعرضوا لها.
وأكد أن هؤلاء السجناء ينضمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية بدافع من الانتقام أو طلبا للحماية.
سجين سابق آخر اسمه محمد نبيل -وهو عضو بارز في حركة 6 أبريل الشبابية- تطرقت كاتبة المقال إلى تجربته في السجون المصرية.
يقول نبيل إن مسؤولي السجون كانوا يتعمدون إرسالهم لمشاهدة الإسلاميين وهم يتعرضون للتعذيب ويُصعقون بالكهرباء ويُعلَّقون في السقف مكبلي اليدين إلى أن ينخلع الكتف. وتابع “لقد درج السجانون على صعقهم بكهرباء في أجزاء حساسة من أجسامهم”.
ومضى نبيل في سرد ما رآه في السجون وقال إنه رأى أطفالا تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاما اعتُقلوا وتعرضوا للصعق بالكهرباء بل اغتُصبوا من قبل مسؤولين، مؤكدا أن هذه الأساليب هي التي تساعد تنظيم الدولة الإسلامية على تجنيد عناصر جديدة.
وأوضح نبيل أن عملية إخضاع المعتقلين للتطرف تمر بمرحلتين، الانتقام كدافع أول، ثم الوعد بدخول الجنة إذا تعرض أحدهم للقتل دفاعا عن المبادئ التي يؤمن بها.
ويعتقد المعتقلون المصريون السابقون أن معالجة انتهاكات حقوق الإنسان في السجون ستؤدي على الأقل إلى إبطاء عمليات تجنيد متطرفين جدد في البلاد.