مصير عناصر داعش من العرب والأفارقة والآسيويين، لا يختلف عن العناصر الأوروبيين الذين سبق وتناولناهم في مقالة سابقة بعنوان: “دواعش أوروبا، العودة الممنوعة والمصير القاتم”، والمَعُوقات التي تمنع حاملي الجنسيات الأوروبية من العودة الى بلدانهم قبل المرور بقنصليات تلك البلدان في العراق أو سوريا، هي نفسها التي تنطبق على كافة فلول الإرهابيين وعلى نسائهم وأولادهم، مع فارقٍ واحد، أن حاملي الجنسيات الأوروبية قد تحدَّدت “القنصلية” مرجعاً لهم، بينما الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لسائر الجنسيات الأخرى، سواء كانوا مسلحين، أو زوجات مسلحين، أو أولاداً، لأن هناك إشكالية بين شرعية الزواج في ظل ما كانت تُسمَّى “دولة الخلافة” وبين قانونية هذا الزواج الغير مُسجَّل لدى السفارات والقنصليات.
وإذا أخذنا على سبيل المثال، نموذجين عن دولتين (الكويت وتونس) من أصل أكثر من ثمانين دولة لديها او كان لديها إرهابيون في سوريا، نتبيَّن صعوبة إعادة غالبية “الدواعش” وعائلاتهم الى بلدانهم.
في الكويت، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والتعاون الدولي ناصر الصبيح منذ يومين لصحيفة القبس الكويتية، “أن بلاده لا تتحفظ على عودة كويتيين كانوا في صفوف “تنظيم داعش الإرهابي”، ولا تتحفظ على عودة مواطنيها حتى لو كانوا جانحين إذا تقدموا بطلبات، وسيتم التعاطي معهم وفق القانون ويخضعون للمحاكمة”، موضحاً أنه لا أرقام محدَّدة لعدد الكويتيين المنتمين للتنظيم الإرهابي في مناطق النزاع.
وأضاف الصبيح، أن الكويت قدَّمت إقتراحاً لمجلس الأمن، يهدِف لوضع آليات لإعادة تأهيل ودمج المقاتلين في مجتمعاتهم، بعد خضوعهم لمحاكمات عادلة مِن طَرَف لجنة تترأسها وزارة الخارجية الكويتية، وتَضُمّ وزارات الداخلية والأوقاف والصحة والإعلام إضافة الى مؤسسات أخرى، وأن هذه اللجنة في طور إعداد مقترحاتها.
في تونس الوضع مختلف، وبلغ حدود الأزمة، الى درجة أن دولاً أوروبية، ومنها ألمانيا، تُتابع باهتمام النقاش الدائر في تونس حول عودة مئات بل آلاف من مقاتلي تنظيم “داعش” التونسيين إلى بلادهم، وأن الحكومة التونسية تشعر بالخطر من موضوع عودتهم، سيما وأن الشارع الشعبي التونسي يدعو الى رفض عودة هؤلاء، وحرمانهم من الجنسية لما يشكلونه من خطر على أمن البلاد، بينما ترى فئة قليلة أن الحل في العمل على إدماج الإرهابيين مجدداً في مجتمعهم الأم، بعد أن يقضوا فترة عقوبتهم السجنية بسبب نشاطهم الإرهابي.
القاسم المشترك بين الإرهابيين الأجانب، المُنتقِلِين من بلدانهم للإلتحاق بتنظيم إرهابي، انهم اختاروا طريق التطرف والارهاب وان الكثيرين منهم كانوا يعانون من مشاكل اجتماعية او نفسية وهذا ما ذكر جزءا منها كتاب “إنه بن لادن” للكاتبة الأميركية جين ساسون التي عاشت في السعودية خلال التسعينات، ولها عدة كتب عن واقع السعودية بشكلٍ خاص.
تتعدَّد النماذج عن هؤلاء الإرهابيين، ولا تتّسِع مقالة واحدة للإسهاب، لكن المُحصِّلة أن غالبيتهم سواء كانوا أوروبيين أو عرب أو أفارقة، إما منبوذين من مجتمعاتهم قبل الإلتحاق بالقاعدة وداعش ومثيلاتهما، وإما باتوا مرفوضين بعد وصمَة الإرهاب التي اكتسبوها، وفي الحالتين، نعود ونؤكد على ما أوردناه سابقاً، بأن عودتهم الى بلدانهم ممنوعة ومصيرهم قاتمٌ قاتم…