فلوبير ولويز كوليه.. رسائل الحب التي أنجبت النقد

ليست علاقة غوستاف فلوبير بالشاعرة الفرنسية لويز كوليه مجرد قصة حب عاصفة جمعت بين كاتب نثري صارم وشاعرة حالمة، بل تجربة فكرية وأدبية فريدة شكّلت ملامح جيلٍ كامل في القرن التاسع عشر. بين عامي 1846 و1855، تبادل الاثنان مئات الرسائل التي تحوّلت إلى مختبر نقدي صاغ فيه فلوبير ملامح «شعريته» الخاصة، وموقفه من الكتابة والفن.

في دراسة الباحثة جويل روبير، الصادرة عن منشورات جامعة رين عام 2011 تحت عنوان «رسائل إلى امرأة شاعرة: غوستاف فلوبير ولويز كوليه والشعر»، نكتشف كيف مارس فلوبير دور الناقد والمعلّم، يصحح أبيات كوليه ويحلل شعرها بصرامة علمية، مؤكداً أن «جمال النص ينبع من داخله لا من أحكام خارجه». لكن هذا التبادل النقدي لم يخلُ من صراع نفسي وفكري، إذ رأت كوليه في ملاحظاته سلطة ذكورية تنتقص من موهبتها الأنثوية، لينتهي الحب كما بدأت المراسلات: بين الأدب والعاطفة، بين الإعجاب والخذلان.

تلك الرسائل التي ألهمت مدام بوفاري، تظل شهادة على زمنٍ كان فيه الحب والأدب وجهين لقلقٍ واحد: البحث عن الجمال في الحقيقة، وعن الحقيقة في الفن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.