فقرة “الشاعر” لدار الشعر بمراكش في طانطان الشعراء يحتفون بلغة الضاد في حوار شعري بين القصيدة العمودية و”لغنا”
التئم الشعراء وعشاق الشعر في ليلة “الشاعر”، وهي الفقرة الشعرية التي نظمتها دار الشعر بمراكش ليلة الجمعة13 بدار الشباب بئر انزران، تحت إشراف وزارة الثقافة والرياضة والشباب، قطاع الثقافة، وبتنسيق مع المديرية الجهوية للثقافة بجهة كلميم واد نون. ويندرج هذا اللقاء الشعري، ضمن انفتاح دار الشعر بمراكش على جهات ومدن مغربية مختلفة، ومن خلالها وعبرها، على منجز شعري غني بتعدده ورموزه. وتشكل فقرة “الشاعر”، والتي سهر على تقديم فقراتها الناقد الدكتور اسليمة أمرز عبر مختارات من منجز الشعر الحساني ومن خلاله رموزه بالمدينة، محطة أساسية في برنامج دار الشعر في مراكش والتي ستتواصل مستقبلا بمزيد من الانفتاح على فضاءات جديدة في عمق الجغرافيات الشعرية المتعددة في المغرب، لترسيخ تداول أكبر للشعر بين جمهوره، ولمزيد من الانفتاح على مختلف جهات المملكة بالصحراء المغربية والإنصات لشعراء من مختلف التجارب والرؤى.
وشهدت فقرة الشاعر، والتي عرفت حضورا لافتا لجمهور المدينة من شعراء وإعلاميين ومبدعين وفاعلين جمعويين، مشاركة الشعراء: عزيزة احضيه عمر، محمد الساق وحمزة ابن، في حوار شعري خلاق بين القصيدة العمودية، من خلال أصواتها الشعرية الجديدة والشعر الحساني. وقد سهرت فرقة الأجيال للموسيقى الحسانية من طانطان، برئاسة الفنان محمد اسويح، على إضفاء المزيد من ألق الاحتفاء الفني والشعري. وأكد الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش في مستهل اللقاء، على أن اللقاء يتزامن مع احتفاء العالم باللغة العربية في يومها العالمي، ضمن برمجة شهر دجنبر والتي اختارت الدار أن تخصصه للشاعر، سواء عبر محطة طانطان، أو من خلال الندوة الوطنية الكبرى التي ستحضنها كلية اللغة حول المعتمد بن عباد شاعرا، يوم 27 من الشهر الجاري. فيما رحب الأستاذ خالد ابوي، مدير المكتبة الوسائطية بالمدينة، على بلاغة اختيار دار الشعر بمراكش لمدينة طانطان، في انفتاح بليغ على مدن الجنوب المغربي لتداول أكبر للشعر.
واعتبرت الشاعرة عزيزة احضيه عمر، رئيس رابطة كاتبات المغرب، من مواليد مدينة طانطان صاحبة ديوان “صحراء.. حناء.. زعفران”/1993م، أول اصدار ورقي لمبدعة من المنطقة، وديوان “بوح طانطان”، أن مشاركتها الشعرية اليوم في لقاء الشاعر، تدين به لدار الشعر بمراكش، بعد مضي 12 سنة، تفرغت خلالها لوظيفتها الجمعوية والتزاماتها المهنية، وأن تكون العودة لمسقط رأسها، مدينة البحر والقصيد كما وسمتها، يمثل لحظة بالغة الأثر في نفسها، واختارت الشاعرة من بوح طانطان مقاطع تحتفي بالمكان، وبوجدان الشاعرة وهي ترسم ملامح مدينة تخط أثرها في اللغة .
وقرأ الشاعر حمزة ابن، ابن مدينة واد نون كلميم، الشاعر والباحث، بعضا من قصائد مخطوطه (يتذكر كمن يمسح زجاج النافذة)، يقول في إحدى قصائده:
نحبُّ البلادَ لكي لا نظلَّ
على الأرضِ ظلاًّ لضوءٍ نفِدْ
وتتّسعَ الأرضُ أكثر مقدارَ
ما لا نراهُ وما لا نجدْ
وتبدوَ أقربَ تلك السماءُ
ويشمُخَ أكثرَ نخلُ البلدْ
ليمتدَّ ظلٌّ يُريحُ عجوزاً
وتضحكَ شمسٌ ليلهو ولدْ
لينفضَ عنا الزمانُ غبارَ
الهوانِ ويصفوَ هذا الجسدْ
ونصبحَ أحرارَ أيامنا
وأحرارَ أحلامنا للأبدْ
…
نحبُّ البلادَ كما لا نراها
نحبُّ البلادَ التي نفتقدْ.
فيما شكلت مشاركة الشاعر الشاب محمد الساق، من مواليد الصويرة والذي صدر له ديوان “أنشودة الليل الأخير” والحاصل على عدة جوائز وطنية الى جانب مشاركاته العربية في الشارقة وضمن نهائيات جائزة كتارا لشاعر الرسول بقطر، ألقا خاصا، حيث خط صوت شعري شاب بعضا من ملامح جيل يتلمس خصوصية نصه الشعري، وعوالمه الداخلية، يقول في أحد نصوصه:
وحِيداً…
تَطْرُقُ الأحْزَانُ بَابَــكْ
وتَحْمِلُ فِي حَقَائِبِهَا عَـذَابَـكْ
وحيداً…
يقْتفِيكَ الدّمْعُ دوماً
ويَسْلِبُكَ السُّرُورَ إِذَا أصَابَــكْ
وتَهْمِسُ رُوحُكَ الحُبْلَى بِعَزْفٍ
لِهَذَا اللّيلِ كَـيْ يَطْـوي اكْتِئَابَــكْ
عَلَى وتَــرِ القصيدةِ نبْضُ شَكٍّ
سؤالٌ باتَ مُنتَظِراً جَوابَــكْ
ومَا بينَ السّطُورِ سِوى جنُونٍ
يُشَاغِبُ ظِلَّهُ يَأْوِي اغْتِرَابــَكْ
وصمتٌ يَذْبَحُ السّاعاتِ ليلاً
ومِنْ نزْفِ القُلُوبِ سقَى تُرَابَــكْ..
لتَنبُتَ فيكَ أحزانٌ ستَحيا
وتَـملأ من مـدامِـعـها كِـتابَـكْ
ستَعزِفُ للظّلامِ هُمُومَ حَرفٍ
وتَشْكُو للقَصِيدةِ مَا أصَابَــكْ.