سليم الهواري
في الوقت الذي كان فيه العديد من المراقبين ينتظرون تحسن العلاقات من جديد بين الجزائر وماما فرنسا، ظهرت في الساحة السياسية الفرنسية قضية جديدة تتعلق بملف النشيد الجزائري الذي تم تثبيته بمرسوم رئاسي يتضمن ” مقطع الوعيد ” الذي يمس بسمعة فرنسا، بعدما أصدر عبد المجيد ال ” تبون “، مؤخرا، مرسوما رئاسيا أعاد بموجبه مقطعا محذوفا من النشيد الوطني، يتضمن إشارة إلى فرنسا، وذلك بعد إلغائه بقرار عام 1986، وحذفه من المقررات الدراسية عام 2007..علما ان هذا النشيد كان قد كُتب في العام 1956 في سياق وظرف الاستعمار والحرب، ويتضمن كلمات قوية مهينة لفرنسا”..
هذا وأبدت الحكومة الفرنسية انزعاجها من السلطات الجزائرية على خلفية تمسكها بـ”مقطع الوعيد” في نشيدها الوطني ، وكانت العلاقة بين الطرفين، قد دخلت خلال الشهور الأخيرة ، حالة من الركود والتوتر على خلفية مجموعة من الملفات والأحداث، كان آخرها قضية الناشطة المعارضة أميرة بوراوي، التي دفعت الجزائر إلى سحب سفيرها من باريس “قصد التشاور”، قبل أن تقرر عودته شهر مارس الماضي.
و بخصوص هذا الملف ، تساءلت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، في حوار مع قناة ” ال سي إي”، عن الأسباب التي دفعت الجزائر إلى هذه الخطوة على اعتبار أن “المقطع أصبح لا يناسب الظرف الحالي”. وأشارت مسؤولة الدبلوماسية الفرنسية إلى أنها “تتفهم السياق التاريخي العام الذي كُتب فيه المقطع، والمتصل بفترة الحرب بين الجزائر وفرنسا خلال مرحلة الاستعمار” و مع ذلك لم يفهم أي احد الظرفية التي جعلت العصابة و معها ال ” تبون” يركزون على المقطع الذي اصبح متجاوزا بحكم ان الجزائر حصلت على استقلالها…. و تعتبر تصريحات الوزيرة كاثرين كولونا هي أول رد رسمي فرنسي على قرار السلطات الجزائرية إبقاء “مقطع الوعيد” أثناء تأدية نشيد “قسما” خلال المناسبات والاحتفالات الرسمية.
وفي موضوع ذي صلة، فقد شهد ت العلاقات الجزائرية الفرنسية في المدة الأخيرة توترا – الى حد القطيعة – بسبب انطلاق حملة سياسية في باريس بهدف إلغاء “اتفاقية 1968″ تزامنا مع سعي الحكومة الفرنسية إلى طرح قانون جديد ينظم الهجرة، والتحقت بهذه الحملة شخصيات وازنة في الساحة الفرنسية، من بينها رئيس الوزراء السابق، إدوار فليب، ورئيس مجلس الشيوخ، جيرار لارشيه، إضافة إلى السفير الأسبق بالجزائر كزافييه درينكور ورموز أخرى محسوبة على اليمين، ولا يستبعد ان هذه الخطوة ستزيد من حجم الهوة بين الجانبين…
هذا وتطرقت وكالة الأنباء الفرنسية، مؤخرا، إلى موضوع عودة الاضطرابات في العلاقات بين باريس والجزائر، وأشارت إلى أن رهان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تحقيق تقارب مع الجزائر ينطوي على مجازفة …وتبقى نتائجه غير مؤكدة مع نظام ديكتاتوري لا يفرق بين الصديق و العدو…و يبدو ان عصابة السوء قد جنت على نفسها ، بعد إصرارها بالدخول في صراع مباشر – محفوف بالمخاطر – بعد محاولة إهانة ماما قرنسا من جهة ، و كذا الزيارة التي قام بها الرئيس المزور ” كذبون” ، نهاية الأسبوع، الى روسيا وتوقيعه على مراسم في الكرملين مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، عددا من الاتفاقات الرامية إلى تعميق “الشراكة الإستراتيجية” بين البلدين.
وكان من المقرر أن يؤدي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارة إلى باريس في النصف الثاني من الشهر الجاري، إلا أن وسائل إعلام أشارت إلى إلغاء تلك الزيارة بسبب تخوفات من انتفاضة واسعة – محتملة – للجالية الجزائرية المقيمة في دول اوربا قاطبة…