قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن المغرب واحة استقرار وهو المقياس الرئيس لقياس التنمية في القارة السمراء، وحليف قوي للغرب، واعتبرت أن إعادة إعمار ما دمره زلزال الحوز أمر مهم لأمن أوروبا.
وقال ريتشارد شيريف، وهو نائب القائد الأعلى لقوات الناتو سابقا، في مقال تشره على الصحيفة إن أمن الغرب يعتمد على إعادة إعمار ما دمره الزلزال. مشيرا إلى ظهور كوارث يمكن التنبؤ بها، “ولا يمكننا التظاهر بالجهل، عندما تظهر في حدودنا”.
وأضاف أن حرب أوكرانيا “علّمتنا الكثيرعن القوة غير المستثمرة في الشراكات الإستراتيجية، والتدخل في الأزمة من أجل الحفاظ على الأمن الإقليمي. فأوكرانيا تقاتل من أجل نجاتها ونجاة الغرب”.
“ويجب أن يكون هدف المستقبل هو تجنب هذا السيناريو من خلال تشكيل شراكات يمكن أن تتوقع وتمنع النزاع، بدلاً من دفعها بعيداً عن عتبة أوروبا”، يضيف الكاتب.
كما حث على وجوب استخدام الاستخبارات التكهنية لتحديد الأماكن التي تعاني من عدم الاستقرار وقد تقع أسيرة الفوضى، وتسليح الحلفاء لكي يكونوا قادرين على احتوائها، ويعني هذا في عالم اليوم النظر إلى الجنوب والشرق أيضاً، وأبعد من المغرب إلى منطقة الساحل والصحراء، المنطقة الأكثر تقلباً والتهاباً في العالم.
وبدون إستراتيجية نشطة وطويلة الأمد تتعامل مع الحلفاء الإقليميين، مثل المغرب، بجدية، كتلك التي تَعامَلَ الغربُ فيها مع أوكرانيا، فإن الوضع مهدد بالتدهور، يقول شيريف.
وشهدت دول عدة في القارة السمراء خلال السنوات الماضية سلسلة من الانقلابات، في وقت ركزت فيه الحكومات الغربية مستقبلها على السلام الدائم. وشكلت الظروف هذه أداة جيدة لنمو تحالفات بين الجريمة المنظمة وجماعات إرهابية فروع عن الجماعات الكبرى، إلى جانب المهربين بالسلع والبشر والمنظمات المتمردة التي تحاول تحطيم سيادة الدول.
ويقول الكاتب إن انتشار شبكات الجريمة يحول دون أي تنمية كفيلة بتحسين ظروف الحياة بالمنطقة، كتلك التي تعني مواجهة التغيرات المناخية والتعليم والتجارة وإصلاح المؤسسات السياسية وتقوية مساهمة المرأة والأقليات الدينية والعرقية.
وتسهم هذه العوامل بتحديد استقرار المنطقة، وكما علمتنا التجربة، لا يمكن فرضها من الخارج، وبالتأكيد من الحكومات الغربية. ومن هنا فمواصلة الدعم واستمرار التواصل الدبلوماسي مهم، ولكنها بدون وزن إن لم يكن هناك شركاء لديهم مصلحة، صوت أو موقع إستراتيجي بالمنطقة، وتترك بالضرورة تغيراً دائماً وحقيقياً.
ويرى الكاتب أن المغرب حليف في موقع استثنائي، وحتى قبل الزلزال “كان يجب علينا أن نكون أقرب”، فكحلفاء في الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، فقد أوقف المغاربة أكثر من 300 محاولة إرهابية منذ هجمات شتنبر. وفي مجال الهجرة، قاموا، وخلال الخمسة أعوام الماضية، باعتقال والكشف عن آلاف شبكات الإتجار بالبشر. ومنعوا أكثر من 300.000 مهاجر غير شرعي كانوا في طريقهم إلى القارة الأوروبية، وتم دمج حوالي 45.000 مهاجر في المجتمع المغربي ومعظمهم من منطقة الساحل. وفوق كل هذا، فالمغرب مواجه للغرب وبلد متوسطي يحترم أهمية الإصلاحات المدنية والتنمية الاقتصادية، ولديه سجل في الترويج لكليهما في القارة.
وتوسطَ الملك محمد السادس في النزاعات بمنطقة الساحل، وتفاوضَ بشأن مئات من اتفاقيات التعاون. ونشر أكثر من 70.000 جندي مغربي ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ويعتبر المغرب ثاني أكبر مستثمر بالتنمية الاقتصادية بالقارة، وضامناً حيوياً لأمنها الغذائي، يقول الكاتب.
ودعا الكاتب الغرب إلى أن يظهر فهمه بأن مستقبل المنطقة هو مسؤولية أهلها الذين يعيشون فيها، مشيرا في هذا الصدد إلى مقترح الحكم الذاتي الذي دعا له المغرب لحل قضية الصحراء. قائلا إن العمل بشكل قريب مع المغرب سيعطي الغرب فرصة للتعلم.
المصدر..وكالات