عودة حكيم زياش بين الحاجة الفنية ورهانات الركراكي

بقلم: الأستاذ محمد عيدني

تعيش كرة القدم المغربية لحظة مفصلية، إذ يواجه المنتخب الوطني مجموعة من التحديات التي فرضتها الإصابات المتكرّرة وتراجع الأداء الهجومي في بعض المباريات الأخيرة. وسط هذا الوضع، يعود إلى الواجهة اسم النجم الدولي حكيم زياش، اللاعب الذي لطالما كان مرادفًا للإبداع والجرأة في الخطوط الأمامية، والذي ما زال حضوره يثير نقاشًا واسعًا بين مؤيد لعودته ورافضٍ يرى أن صفحة زياش طُويت مع انتهاء مونديال قطر.

من الناحية الفنية، لا يختلف اثنان على القيمة المضافة التي يقدمها زياش. فبمهارته العالية، ورؤيته الميدانية الدقيقة، وقدرته على ترجمة أنصاف الفرص إلى أهداف، شكّل لسنوات أحد أعمدة التوازن في المنتخب المغربي. وعندما يغيب لاعب بهذه المواصفات، يصبح غيابه محسوسًا في بناء الهجمات وصناعة الفرص، وهي النقطة التي تعاني منها كتيبة الركراكي منذ فترة.

لكن قرار عودته لا يمكن أن يكون عاطفيًا أو استجابة لضغط الشارع الرياضي. الركراكي، الذي أثبت براغماتيته منذ توليه القيادة التقنية، يدرك أن المنتخب اليوم بحاجة إلى عناصر جاهزة بدنيًا ونفسيًا، قادرة على الانسجام داخل منظومة جماعية تعتمد على السرعة والتحولات. زياش من جانبه لم يبلغ بعد كامل الجاهزية بعد فترات من التوقف وعدم الاستقرار مع الأندية، وهو ما يجعل مسألة استدعائه رهينة بإيقاعه التنافسي وليس بتاريخه فقط.

ورغم أن بعض المصادر تؤكد أن العلاقة بين الرجلين عادت إلى مسارها الطبيعي، فإن الناخب الوطني يفضل التعامل بميزان دقيق بين الوفاء للأسماء التي صنعت إنجاز المونديال، والانفتاح على جيل جديد من اللاعبين الذين يطمحون لإثبات الذات. هذه المعادلة الدقيقة تجعل عودة زياش ممكنة، لكنها مشروطة بالجاهزية التامة والقدرة على الالتزام التكتيكي داخل المجموعة.

من جهة أخرى، يرى عدد من المحللين أن المرحلة الحالية تتطلب إعادة دمج عناصر الخبرة داخل التشكيلة، لتكون سندًا للجيل الصاعد، خاصة في المواجهات القارية المقبلة. فوجود زياش لا يعني بالضرورة تعطيل مشروع التجديد، بل قد يكون عنصر توازن بين الخبرة والطموح، بين الماضي المشرق والمستقبل المنتظر.

الجمهور المغربي، بطبعه العاطفي ووفاؤه لنجومه، لا يخفي شوقه لرؤية “المايسترو” من جديد بقميص الأسود، خصوصًا في ظل العقم الهجومي الذي ظهر مؤخرًا. لكن الركراكي يعرف أن الرهان الأكبر ليس في الأسماء، بل في الانسجام والتوازن الجماعي.

في نهاية المطاف، تظل عودة حكيم زياش إلى المنتخب المغربي إمكانية قائمة لا يمكن استبعادها، بل قد تكون ضرورة فنية في بعض المراحل، شريطة أن تسبقها قراءة دقيقة للظروف والتحديات. فبين من يرى أن زمن زياش انتهى، ومن يعتبره مفتاح الحل، تبقى الكلمة الأخيرة للمدرب وللميدان، حيث وحدها النتائج تُقنع، والكرة لا تعترف بالعاطفة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.