الباحث المغربي بورقيه يرى أن البطالة والفقر وغياب تنظيم الأنشطة الرياضية والمتابعة الأمنية للمشجعين كلها تشكل خطرا يساهم في تنامي الظاهرة
لم تعد سيرة كرة القدم في المغرب بريئة من تهم الشغب المتكررة في أغلب المباريات التي تشهد حضورا كبيرا من الجماهير، كان آخرها تورط 17 شخصا من بينهم قاصرين في أعمال إجرامية مرتبطة بالشغب الرياضي، بمدينة أكادير، في مباراة جمعت فريق الرجاء البيضاوي ومولودية وجدة.
ومضى على مشهد مؤلم، أيام قليلة، حيث اهتز الشارع المغربي في إحدى الليالي، بوفاة شاب من جماهير نادي الأخضر بطعنة غادرة، أثناء مشاركته الاحتفال بفوز فريقهم بالبطولة رقم 13 في تاريخ النادي الأخضر.
“الكرة ليست حربا”
وأصبح الشغب الرياضي سلوكا ملزما للمشهد الرياضي في المغرب، حيث لم تمنع الخسارة ولا فوز جماهير كرة القدم من تحويل لعبة كرة القدم إلى حلبة لصراع تهدد حياتهم أو تنتهي بهم في السجون.
وفي كل مباراة تتجدد المخاوف، ويتحول الفرح إلى كابوس، حيث لم يبق الشغب حبيس مشجعي الفرق، بل وصل إلى لاعبي الأندية الكروية، عاش اللاعب المغربي بنادي الرجاء البيضاوي، نوفل الزرهوني ساعات من الخوف بعد تعرضه لهجوم عنيف، بعد نهاية مباراة نصف نهائي كأس العرش، التي جمعت نادي الرجاء بمولودية وجدة، والتي كادت تؤدي بحياة ابنته وزوجته، وفق ما كشف عنه في حسابه على “الإنستغرام”.
الكرة بريئة من محبيها
وفي حديث عن الظاهرة، يقول عبد الرحيم بورقية، الأستاذ الباحث في سوسيولوجيا الرياضة بمعهد علوم الرياضة بجامعة حسن الأول سطات، لـ”العربية.نت”، و”الحدث. نت”، إن ظاهرة الشغب والعنف في الملاعب، تصاعدت في العقد الأخير، لكن بشكل هامشي، لأن ليس كل جماهير ومشجعي الأندية الرياضية في المغرب يرتكب أعمال التخريب والعنف.
ويرى الباحث المغربي، أن لا كرة القدم ولا الملاعب ينتجان العنف، لكن يرجع أسبابه إلى عدة عوامل متداخلة ومتعددة منها ما هو اجتماعي وما يتعلق بالهوية، مضيفا أن “البطالة والفقر وغياب تنظيم الأنشطة الرياضية والمتابعة الأمنية للمشجعين كلها تشكل خطرا يساهم في تنامي الظاهرة”.
التنافس والإدمان
ولتشخيص الآفة أكثر، تحدث بورقية، قائلا إن “الألتراس” وحب الفريق يعدان نمط حياة عند بعض مشجعي الفرق، منهم الشباب والمراهقين واليافعين، مستحضرا أن “هذه الفئة تعيش نوعا من الاعتزاز والفخر والأنفة لأنها فقط تنتمي لفصيل رياضي معين، وقد يفوق حبهم بأنديتهم حبهم لعائلتهم لأن هذا الشعور يحقق لهم حضورا اجتماعيا داخل أوساطهم”.
وأوضح الأستاذ الباحث في علم الاجتماع الرياضي، أن الانتماء إلى “الألتراس” والولاء الشديد للمجموعة، هو الوسيلة الوحيدة لتعبيرهم عن ذواتهم ووجودها، لأنه لا يعترف بأي انتماء للأحزاب والجمعيات، بل يعرف “التراس” التي تعطيه فرصة ذهبية لإظهار ذواتهم”.
وأشار الباحث، إلى أن مجموعة “الألتراس” في المغرب، صارت مؤخرا مجالا “للاسترزاق والاستقواء”، لأن ليس كل من يذهب إلى الملعب فهو محب لفريقه، بالعكس فأحيانا يكون له أهداف أخرى لخلق أعمال الشغب والبلبلة.
ماذا يقول القانون؟
وتفاعلا مع ما يفرضه القانون المغربي من عقوبات، للحد من تنامي ظاهرة الشغب بالملاعب أثناء المباريات والتظاهرات الرياضية، فإن القانون الجنائي المغربي يقر بعقوبات حبسية تصل من سنة إلى خمس سنوات وغرامية مالية قدرها من 120 إلى 2000 دولار لكل من ساهم في إحداث أعمال عنف ترتب عنها موت أحد الأشخاص.
وكذلك، فرض المشرع المغربي، الحبس من 3 أشهر إلى سنتين وغرامة من120 إلى 1000 دولار لكل من ساهم في أعمال العنف التي نتج عنها ضرب وجرح أو أي نوع آخر من أنوع العنف أو الإيذاء، علماً أن المدبرين والمحرضين على هذه الأفعال، كما يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة وبأداء غرامة 120 إلى 1000 دولار، لكل من ساهم في أعمال عنف نتج عنها إلحاق أضرار مادية بأملاك عقارية أو منقولة مملوكة للغير.
وفيما يخص، العقوبات التي تطبق على كل من حرض على التمييز العنصري أو الكراهية، بواسطة خطب، أو صراخ، أو الرأي السياسي والنقابي، فإنها تبدأ من ستة أشهر وغرامة من 120 دولارا، إلى 1000دولار.