إعداد مبارك أجروض
في نهاية 2019 ظهرت على تويتر أولى الأخبار عن إصابات بفيروس جديد. بروفيسور كريستيان دروستن، مدير معهد الأبحاث الفيروسية في مستشفى شاريتيه الجامعي في برلين وفريق عمله تنبؤوا مباشرة: يمكن أن يكون هذا هو Covid-19. في تلك اللحظة كان الخبير في الفيروسات ذا الثامنة والأربعين معروفاً على المستوى الدولي، وليس أكثر من ذلك.
بعد ذلك بفترة وجيزة أصبح واحدا من أكثر الناس تأثيرا في ألمانيا. فعليا بات كل إنسان هنا يعرف تلك النظرة الجادة للعالم الذي يشرح الوباء بشكل مبسط ومفهوم، لكل من الحكومة والمواطنين على السواء. وبات يقدم نصائح تلتزم بها وتتبعها كل من المستشارة والحكومة الألمانية وحكومات الولايات وحتى الدوائر الإدارية المحلية. في هذه الأيام يسرع دورستن راكباً دراجته بين المعهد ومكتب المستشارة وستوديو التلفزيون.
يعتبر الالتزام في تطبيق الإجراءات والتدابير الاحترازية خط الدفاع الأول، للوقاية من الإصابة بعدوى Covid-19. ولقد ذكرت ذكرت عالمة الفيروسات الألمانية، أولريكه بروتسر، أن التراخي في تطبيق تدابير الوقاية من Covid-19 أخطر من تأثير متغيرات الفيروس. وذكرت مديرة معهد علم الفيروسات في مركز “هيلمهولتس” بميونخ أن هذا يفسر أيضاً الانخفاض البطيء في عدد الإصابات على الرغم من الإغلاق.
وقالت بروتسر: “المتغير الجديد يحمل مخاطر متزايدة للإصابة خلال الاختلاط بين فردين. لكنه لن يحدث بدون هذا الاختلاط. وتحدث الإصابة بطريقة لا يتم فيها الحفاظ على المسافة بشكل كافٍ أو عدم ارتداء الكمامات. عندها فقط يمكن أن يكون هناك انتقال حقيقي للعدوى”، مؤكدة في الوقت نفسه أن خطر الإصابة بالعدوى يبدو على أية حال أكبر مع المتغير الجديد.
* ارتداء الكمامات.. ضرورة حتمية
كما أكدت عالمة الفيروسات أهمية ارتداء الكمامات في مثل هذه المواقف وعدم خلعها بين الحين والآخر، مشيرة إلى أن التجارب في المستشفيات أظهرت أن الحماية الفعالة من العدوى ممكنة، ممثلة على ذلك بأن الموظفين هناك أقل عرضة للإصابة في القطاع الذي يُعالج فيه مرضى Covid-19.
* استمرار عمليات الإغلاق
وذكرت بروتسر أنها لا ترى حالياً فرصة لإنهاء الإغلاق في ضوء استمرار ارتفاع عدد الإصابات، وقالت: “طالما ظلت الأرقام عالية للغاية، يجب تجنب أي خطر الاختلاط”، مضيفة أنه من المنطقي الإبقاء على المطاعم والمتاجر غير الضرورية للغاية مغلقة في الوقت الحالي.
* أماكن انتشار العدوى
وتحدثت بروتسر عن دراسة كبيرة في الولايات المتحدة أظهرت أن أعلى نسبة خطر للإصابة بالعدوى كانت في المطاعم، وكان ثاني أكبر عامل خطورة في المتاجر، مشيرة في المقابل إلى أنه وقت إجراء هذه الدراسة لم يكن ارتداء الكمامات في الولايات المتحدة إلزاميا بعد، وقالت: “الخطر يكون بالتأكيد أقل إذا كنت ترتدي كمامة باستمرار – وهو أمر لا يمكن تصوره في مطعم”، مضيفة أن الطلب المسبق للبضائع ثم جلبها يعد خياراً جيداً للغاية لتقليل المخاطر.
* إلى متى سيتوجب علينا التعايش مع وباء Covid-19 على مستوى العالم ؟
من الصعب التوقع بذلك عالميا، لدينا أوضاع مختلفة وصعبة في أوروبا، وفصل الشتاء لن يكون سهلا، في العام المقبل ستتوفر اللقاحات، وأعتقد أن الأمر سيستمر حتى نهاية العام القادم حتى يتوفر اللقاح لفئات محددة من المجتمع، ولن نتخلص من الكمامة سريعا؛ لأنه حتى لو بدأنا بالتلقيح، فإن الجزء الأكبر من السكان سيتوجب عليه استعمال الكمامات.
وفي بلدان مثل ألمانيا حيث يوجد عدد قليل من الإصابات لن تكون هناك مناعة على نطاق واسع، وهذا قد ينطبق على بلدان أوروبا الأخرى أيضا، ومن الصعب إطلاق تقديرات خاصة في مناطق أخرى من العالم، أما في إفريقيا يبدو أن تطور المرض أقل خطورة، وهذا قد يعود للبنية العمرية الفتية؛ لكننا الآن ننظر فقط إلى المراكز الحضرية حيث يعيش الكثير من الشباب.
ولا أحد يعرف كيف يتطور Covid-19 عندما ينتشر في الريف، ولا نعرف كذلك وضع الوباء هناك، إذ يوجد بيانات تفيد بأن الإصابات تتراجع؛ لكن لا نعرف هل بإمكاننا تعميم هذا الشيء ؟ وفي المدن قد يضعف الوباء؛ لكنه من الممكن أيضا أن يبدأ الآن بالانتشار الفعلي.
* الآن نحن في الخريف والشتاء ما يزال أمامنا، ما الذي سيحصل حسب اعتقادك ؟
أعتقد أن هناك اختلافات قليلة بين البلدان الأوروبية فيما يخص البنية السكانية وبعض المعايير الأخرى، يجب علينا بالتالي النظر إلى الآخرين، إلى فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وما نراه هناك سنراه في ألمانيا أيضا إذا لم يكن رد فعلنا مبكرا حتى يكون الوضع قابلا للتحمل بالنسبة إلى الاقتصاد؛ إنها مهمة صعبة إيجاد التوقيت الصحيح الذي يجب علينا فيه تغيير الإجراءات المتخذة حاليا، والتي لا يمكن انتقادها.
وفي أجزاء أخرى من العالم حيث يقوم الأمر على تفادي انتقال Covid-19، وانتظار استخدام لقاح يمكن لنا توقع أننا سنستخدم الكمامات حتى نهاية عام 2021. ومن المستحيل التنبؤ؛ لكن السنة المقبلة ستكون سنة نستخدم فيها الكمامات.