عبد الرزاق بن شريح: الأمور أفلست ومنسوب الثّقة في مؤسّسات الدّولة ازداد ضعفا

خبير تربوي

يحاول عبد الرزاق بن شريح، وهو خبير تربوي، تحديد مسؤولية ما حصل ويحصل بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نتيجة التوثر والاحتقان الذي يئن منه أكثر من 7 ملايين تلميذ في التعليم العمومي تحتضنهم ما يزيد عن 12 ألف مدرسة ويؤطرهم نحو 283 ألف أستاذة وأستاذ”.

 

 

 

 

كما يبسط الخبير التربوي بن شريح، في حواره ، الخلاص الذي يمكن للمسؤولين أن يباشروه من أجل تجاوز هذا الاحتقان وعودة 7 تلامييذ إلى مقاعد الدراسة في التعليم العمومي حتى يستفيدوا من التربية والتكوين إسوة بأقرانهم في التعليم المدرسي الخصوصي كفق من الحقوق الدستورية”. وفي نص جوابي الخبير بن شريح على سؤالي الموقع:

من يتحمّل المسؤولية فيما حصل ويحصل من احتقان وتوثر وهدر لزمن التعلمات الصفية بقطاع التربية الوطنية؟

منطقيا وقانونيا لن تخرج المسؤولية المباشرة لما يحدث من إضرابات وتأزيم للمنظومة التربوية على إثر صدور النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية عن مؤسستين أساسيتين هما النِّقابات والحكومة، مع تفاوت في درجات المسؤولية.

 

 

 

وبما أن الحكومة مؤسسة دستورية مسؤولة عن السياسة العامة للدولة، والسياسات العمومية، والسياسات القطاعية، فمسؤوليتها أكبر، لكونها تتوفر على كل الإمكانات المالية والمادية والبشرية، وتملك سلطة التنظيم (أي إصدار النصوص التنظيمية كالمراسيم والقرارات وغيرها) وسلطة التنفيذ (السهر على تنفيذ وتنزيل مضامين النصوص القانونية والتنظيمية،) فهي من يضع مقترحات مشاريع القوانين وهي من يقترح مسودات الأنظمة الأساسية لموظفي كل القطاعات وكل الوزارات،

 

أما مسؤولية النقابات فأقل درجة من الحكومة، لأنها لا تملك سوى سلطة الاستشارة وتعتبر قوة اقتراحية وتأطيرية لأعضائها كما تملك إمكانية الضغط باللجوء للإضرابات والوقفات الاحتجاجية، للدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية، الفردية منها والجماعية، للفئات التي تؤطرها، كما تساهم في التحضير للسياسة الوطنية في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي،

 

أما باقي المتدخلين حسب القانون المغربي ليس لهم أي سلطة أو قوة اقتراحية مباشرة على سير المنظومة التربوية، فالحكومة مطالبة بتحقيق نوع من الاستقرار المالي والنفسي للموظف بصفة عامة، فلا إصلاح دون استقرار نفسي اجتماعي، ولا استقرار نفسي/ اجتماعي دون إصلاح سياسي، وبالتالي فالسياسة مدخل كل الإصلاحات، وأحيلك على مقالتي تحت عنوان “الإصلاح السياسي مدخل لإصلاح التربية والتكوين” والتي يمكن تلخيصها في كون أزمة المنظومة التربوية المغربية أزمة سياسية بالدرجة الأولى، وبالتالي فالدولة مسؤولة عن تعبئة المجتمع للنهوض بالمدرسة، وهي قادرة على ذلك، حيث عبأت لما أرادت التعبئة في ملفات وقضايا وطنية، فمدخل الإصلاح مدخل سياسي، ومدخل إصلاح المجتمع مدخل تربوي، ومن هنا التأثير المتبادل بين التربية والسياسة.

 

ما الخلاص لتجاوز هذا الوضع في الوقت الذي تتشبث فيه الحكومة بموقفها والأساتذة بموقفهم؟

كل المتتبعين والمهتمين بالمنظومة التربوية يعرفون ويتوقعون أن كل تعديل للنظام الأساسي سيترك ضحايا، (يمكن الرجوع لتصريحاتي السابقة) لأن التفاوض بين النقابات والدولة ممثلة في وزارة التربية الوطنية مبني على التّدليس وغياب الرؤية الشاملة، وعدم استحضار المآلات، فلا النقابات تملك الحنكة والخبرة والمعلومات الكافية ليكون التعديل شاملا، ولا الوزارة تريد توسيع الاستفادة، وباختصار ستكون السنة الدراسية شديدة الوقع على الجميع لأسباب عديدة منها ما ذكر ومنها ما لا يتسع المجال لذكرها، فهل نحتاج التأكيد على أن كل أبناء الوزراء والبرلمانيين يتابعون دراستهم في المدارس الخصوصية؟ والمثل المغربي يقول “من يده في النّار ليس كمن يده في الماء”.

 

يعلمون جيدا أن إنتاج أطر عليا لتسيير الدولة مستمرّ دون انقطاع في المدارس الخصوصية ذات الأثمنة المرتفعة التي أسميها في كتاباتي “المدارس الخصوصية الخاصة” وأن تعلم القراءة والكتابة فقط في المدارس العمومية كاف لإنتاج التقنيين والأطر البسيطة. وبالتالي سيستمر الشدّ والجذب بين الحكومة والتنسيقيات إلى ما لا نهاية، فلو كانت نيّة إيجاد الحلول ما اشتغلت الحكومات السابقة والحالية على قتل النقابات والأحزاب السياسية، رغم أنها صمّام الأمان وهي المخاطب الأساسي للتوافق والاتفاق وتأطير المجتمع وتنظيمه وتربيته على احترام القرارات والقوانين بعد صدورها بالتوافق، إلا أنه اليوم ماتت النقابات وظهرت التنسيقيات وأصبحت الحكومة مضطرة للتفاوض معها رغم أنها لا تتوفر على الصّفة القانونية مما يدل على أن الأمور أفلست ومنسوب الثقة في مؤسسات الدولة ازداد ضعفا.

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.