حملت رسالة هيداكي كوراميتسو، سفير الإمبراطورية اليابانية بالرباط، الموجهة إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ24 لعيد العرش، “تحولا جذريا” في الموقف الياباني من قضية الصحراء المغربية، إذ لأول مرة تعلن طوكيو أن اقتراح الرباط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية “واقعي وجدي”.
الموقف الياباني من قضية الصحراء يلتزم لعقود طويلة مبدأ “الحياد الإيجابي”، وهو الموقف الذي “تغير بشكل نسبي” في رسالة السفير الياباني، التي تعتبر الجهود المغربية لحل النزاع المفتعل “جادة وذات مصداقية”.
رسالة السفير الياباني حملت أيضا “إشادة بالجهود التي يقودها العاهل المغربي من أجل تنمية البلاد”، معتبرة أن “هاته القيادة جعلت المغرب من البلدان الأكثر استقرار على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
ويأتي الموقف الياباني في ظل “إجماع دولي على أهمية المقترح المغربي لحل نزاع الصحراء المغربية، الذي يأتي مقابل غياب حلول أخرى من قبل الطرفين الجزائري وجبهة البوليساريو المسلحة”.
وعي اليابان
مع انضمام اليابان إلى “المد الدولي الداعم لمخطط الحكم الذاتي” يكون المغرب حصل على تأييد إضافي من قبل الدول العظمى بعد أمريكا، وغالبية الدول الأوروبية، الأمر الذي يؤكده العمراني بوخبزة، الخبير في العلاقات الدولية، إذ قال إن “الموقف الياباني التزم منذ بداية نزاع الصحراء المفتعل بالتوازن، لكنه موقف كان يميل بشكل ظاهري للمغرب”.
وأضاف بوخبزة، في تصريح له، أن “القمة اليابانية الإفريقية بتونس كانت فيها طوكيو واضحة في مسألة موقفها من قضية الصحراء المغربية، إذ شددت على رفضها استقبال جبهة البوليساريو”.
وبحسب المتحدث عينه فإن “رسالة السفير الياباني تحمل وعيا سياسيا بحقيقة نزاع الصحراء المفتعل، وكذا أهمية السير في اتجاه المد الدولي على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وبقية الدول الأوروبية، التي تعتبر الجهود المغربية جادة وواقعية”.
“تتابع الدبلوماسية اليابانية الاختراقات التي أحدثتها نظيرتها المغربية في ملف الصحراء، ومن خلال ذلك تكسب طوكيو وعيا بأهمية المصالح المشتركة مع المملكة المغربية”، يضيف الخبير في العلاقات الدولية ذاته، مفسرا بذلك أن “المغرب يضع شرط وضوح المواقف من قضية الصحراء أمام أي شراكة كانت”.
تحول جوهري و إيجابي:
اعتبر هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية، أن “إشادة السفير الياباني بالمغرب بمخطط الحكم الذاتي المغربي في رسالته بمناسبة عيد العرش تترجم التحول السياسي في الخطاب الدبلوماسي لليابان، وتعتبر توجها جديدًا لصوت طوكيو الرسمية تجاه ملف الصحراء المغربية”.
وأضاف معتضد أن “هذا التحول السياسي في الخطاب الدبلوماسي الياباني يتماشى والتطورات الإستراتيجية التي يعرفها ملف هذا النزاع المفتعل، ويبرز رغبة طوكيو السياسية في دعم جهود المنتظم الدولي بخصوص الاعترافات المتزايدة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية عينه إلى أن “موقف السفير الياباني هو تعبير عن وجهة النظر الرسمية للقيادة في طوكيو، والاعتماد على الرسالة كورقة دبلوماسية في شكل خطاب سياسي، وبمناسبة ذات رمزية مركزية في الدولة المغربية؛ يبرهن على عزم التوجه الرسمي الياباني اتخاذ خطوات أكثر جرأة، ومواقف تقدمية تجاه القضية الوطنية الأولى للرباط”.
“رسالة السفير الياباني هي بمثابة خطوة رسمية مُوَثَّقة دبلوماسيا تجسد رغبة اليابان في بناء آثار دبلوماسية ملموسة بخصوص مواقفها الدولية تجاه الصحراء المغربية، ويمكن اعتبارها تحول جوهريا في خطاب اليابان السياسي بخصوص التحولات الذي يعيشها هذا النزاع الإقليمي، ومن غير المستبعد رؤية انخراط ياباني ميداني فعّال في دعم القضية الوطنية”، يقول معتضد.
كما شدد المصرح في تصريحيه على أن “صوت اليابان الدبلوماسي، وتموقعها الجيوسياسي، بالإضافة إلى ديناميكيتها السياسية على مستوى خريطتها الإقليمية، خاصة في المنظمات الدولية، يعتبر عاملا مهما، وإضافة نوعية وجد حيوية للديناميكية التي يديرها المغرب بخصوص ملف الصحراء”.
وخلص المتحدث سالف الذكر إلى أن “تعزيز الموقف المغربي بدعم سياسي ياباني سيقوي من دون شك التوجه المغربي في هذا النزاع المفتعل، وسيشكل دافعا إيجابيا في مسلسل التسوية السياسية لهذا الملف، خاصة أن اليابان لها قيمة سياسة مهمة في بورصة الأسواق الدبلوماسية الأسيوية، ومناطق تأثيرها الآسيوية رهان إستراتيجي للمغرب يجب كسبه سياسيا ودبلوماسيًا في هذا الملف”.