بين الفينة والأخرى تتحول متعة كرة القدم في ملاعب المغرب إلى مأساة حقيقية تقض مضجع الجميع بسبب الشغب الذي بات نقطة سوداء في سماء توهج كرة القدم المغربية على الصعيد العالمي.
ففي الوقت الذي تنتظر الأسر عودة أبنائها من ملاعب الكرة إلا وتضطر أن تغير الوجهة صوب المحاكم والسجون بحثا عن مخرج يحمي هؤلاء المشجعين المتعصبين من الترسانة القانونية التي وضعها المشرع المغربي المتمثلة في القانون رقم09.09 المتعلق بتتميم مجموعة القانون الجنائي بفصوله المتعددة والتي تهدف محاربة ظاهرة الشغب ومعاقبة كل من ألحق العنف بالأشخاص والممتلكات العامة والخاصة بمناسبة التظاهرات الرياضية.
وعلى الرغم من جهود السلطات الرسمية والجمعيات الرياضية في مواجهة الظاهرة إلا أنها أصبحت تشكل تحديا للجميع، ومؤخرا شهدت بعض ملاعب المغرب وفي محيطها اندلاع أحداث مؤسفة، حيث أوقفت السلطات الأمنية المغربية في الأيام الأخيرة عشرات الأشخاص راشدين وقاصرين لتورطهم في أعمال شغب على هامش انطلاق مباريات كرة القدم في الدوري الاحترافي المغربي،حيث اقترف مشاغبو الكرة العديد من الأفعال ذات الطابع الجنائي، واستهدفت أشخاصا وممتلكات عامة وخاصة، كماتسبب تهيج البعض إلى حد التعدي على رجال الأمن وتخريب السيارات ومركبات الشرطة، كما ضبطت لدى البعض سيوف وسكاكين كبيرة ومواد ممنوعة كالمخدرات والشهب الاصطناعية.
إن العنف في الملاعب الرياضية فرض نفسه بقوة، والمتتبع لهذه الظاهرة يلمس تفاقمها وخطورة أثارها وما تسببه من حوادث وانعاكاسات سلبية على المجتمع المغربي ككل.
إن التغني بالأمن والأمان وتوفير الراحة والطمأنينة للمواطن وخلق فضاءات ترفيهية كالملاعب الرياضية أوتنظيم تظاهرات رياضية عالمية سيظل عملا غير مكتمل المعالم ما لم يتم توعية المجتمع وتحصينه من بعض الآفات التي تعكر صفو الحياة ومنها نبذ التعصب ومعالجة آفة تعاطي المخدرات لدى فئة القاصرين خاصة وربط العلم بالواقع المعاش وتأطير الفرق الرياضية لجمهورها بالإضافة إلى زجر المخالفين وعدم تساهل السلطات في ولوج القاصرين للملاعب.
إن دوافع الشغب الرياضي ليست مرتبطة أساسا بالجانب الرياضي فقط، بل هناك مؤثرات نفسية واجتماعية وتربوية تقف وراء هاته الأعمال العدوانية وتحركها كما توفرلها مجالا خصبا للإنتقام من الواقع المعاش عبر إثارة الشغب داخل الملعب أو خارجه، دون أن ننفي مسؤولية الأسرة في مراقبة تصرفات وتحركات أبنائها دون أن نغفل أهمية دور مؤسسات التنشئة والإعلام في تلقين الأجيال الصاعدة أسس احترام الغير والحفاظ على الممتلكات العامة.