وتبدأ قصة سقراط المتداولة على لسان تلامذته في منتصف عمره، واشتهر منذ كان ثلاثينيا بمحاوراته واستجوابه ومقولاته وحتى قصة إعدامه المأساوي الذي شكل نهاية عصر أثينا الذهبي، لكن المصادر التي تتناول حياته المبكرة قليلة ومبعثرة للغاية، بما في ذلك حياته العاطفية المبكرة وتأثير وقوعه في حب أسبازيا الذي أدى به إلى أن يصبح “أكثر الرجال حكمة في العالم القديم” كما كان يسمى.
وباستخدام مصادر مكتوبة قديمة تم تجاهلها أو إساءة تفسيرها، حاول أرماند دانجور أستاذ الكلاسيكيات في جامعة أكسفورد رسم الصورة المفقودة لسقراط عندما كان شابا في العشرينيات من عمره، وهي المرحلة التي يجب البحث فيها عن دليل على تغيير اتجاهه ليصبح المفكر والفيلسوف الذي يتجنب النجاح المادي بدلا من أن يحتفظ بمكانته كإحدى شخصيات نخبة أثينا.
ويستنتج دانجور في كتابه الجديد “سقراط في الحب.. صناعة فيلسوف” أن العناصر المهمة في تفكير سقراط نتجت عن معرفته وإعجابه بأسبازيا التي كانت قريبة من عمره، ويسلط الكتاب الضوء على شباب سقراط ونشأته غير التقليدية بين نخبة أثينا التي كانت تتلقى دروس الشعر والموسيقى والخطابة والفلسفة والرقص والمصارعة والقتال.
ويلفت النظر لصورة سقراط غير المألوفة كمصارع وراقص رياضي، ويروي كذلك قصته كعاشق رفضت محبوبته الزواج منه، لكنها بالمقابل ألهمته لتطوير الأفكار التي أسرت الفلاسفة طوال 2500 عام حتى الآن.
هكذا تعلم سقراط الحب
في محاورة أفلاطون الشهيرة يقول سقراط “منذ فترة طويلة (أي عندما كنت شابا) تعلمت كل شيء عن الحب من امرأة ذكية”.
ورغم أن مثل هذه الحقائق المذكورة عن حياة سقراط كانت متاحة للمؤرخين فإن تحليلها لم يكن كافيا، فقد أعطيت المرأة التي يفترض أن سقراط أحبها اسم “ديوتيما”، وافترض كثير من الباحثين والمؤرخين أنها شخصية خيالية.