إعداد د. مبارك أجروض

 

يعتبر سرطان الشرج cancer anal ورما خبيثا نادر الحدوث، يظهر عند فتحة الشرج نتيجة لحدوث انقسامات غير طبيعية في الخلايا في هذه المنطقة. حوالي نصف حالات سرطان الشرج يتم تشخيصها قبل انتشار الورم خارج المنطقة، في حين أن حوالي الثلث يتم تشخيصهم بعد أن يكون السرطان قد انتشر إلى ganglions lymphatiques، كما يتم تشخيص 10% من المرضى بعد أن يكون السرطان قد انتشر إلى أعضاء بعيدة. كلما تم الكشف عن سرطان الشرج في وقت مبكر، كلما كانت فرص نجاح علاجه أفضل. نسبة البقاء على قيد الحياة لدى النساء بعد 5 سنوات من تشخيص سرطان الشرج هي 71%، في حين أنها تبلغ لدى الرجال 60%.

 

وسرطان الشرج ينشأ في canal anal؛ وهي أنبوب قصير يقع في نهاية المستقيم يمر من خلاله البراز إلى خارج الجسم، ويمكن أن يتسبب سرطان الشرج في علامات وأعراض، مثل نزيف المستقيم وألم في الشرج. ويتلقى معظم المصابين مزيجًا من chimiothérapie et radiothérapie. ومع أن الجمع بين طرق علاج سرطان الشرج يزيد من فرص الشفاء، إلا أنه يزيد أيضًا من مخاطر الإصابة بالآثار الجانبية: 

* أعراض سرطان الشرج

وتتمثل في نزيف من الشرج أو المستقيم، ألم في منطقة الشرج، كتلة أو نمو غير طبيعي في القناة الشرجية وحكة شرجية. وتصبح استشارة الطبيب في شأن أي علامات وأعراض مزعجة، وخصوصًا إذا كانت لدى المرء أي عوامل تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الشرج.

* أسباب سرطان الشرج

يتشكل سرطان الشرج عند حدوث طفرة وراثية تؤدي إلى تحول الخلايا السليمة والطبيعية إلى خلايا شاذة. وتنمو الخلايا السليمة وتتكاثر بمعدل ثابت، وتموت في النهاية في موعد محدد. أما الخلايا الشاذة، فإنها تنمو وتتكاثر بشكل خارج عن السيطرة، فضلاً عن أنها لا تموت. وتشكل الخلايا الشاذة المتراكمة كتلة (tumeur). ومن ثم، تغزو الأنسجة المجاورة ويمكنها أن تنفصل عن الورم الأولي لتنتشر في مكان آخر بالجسم (tumeur secondaire). ويرتبط سرطان الشرج ارتباطًا وثيقًا بأحد الأمراض المنقولة جنسيًا، يُعرف باسم virus du papillome humain (VPH). وهناك أدلة على وجود هذا الفيروس في معظم حالات سرطان الشرج. ويُرجح أنه السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بسرطان الشرج.

* عوامل الخطورة للإصابة بسرطان الشرج

لقد تبين أن هناك العديد من العوامل التي تزيد مخاطر الإصابة بسرطان الشرج، وتشمل:

ـ التقدم في السن: تحدث معظم حالات سرطان الشرج بين الأشخاص البالغين 50 عامًا وأكبر.

ـ تعدد العلاقات الجنسية: الرجال والنساء الذين تتعدد علاقاتهم الجنسية خلال حياتهم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الشرج.

ـ الجنس الشرجي: تزيد مخاطر إصابة الرجال والنساء الذين يمارسون الجنس الشرجي بسرطان الشرج.

ـ التدخين: يمكن أن يزيد تدخين السجائر من مخاطر إصابتك بسرطان الشرج.

ـ فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): تزيد عدوى فيروس الورم الحليمي البشري من مخاطر الإصابة بأنواع عديدة من السرطان، ومنها سرطان الشرج وسرطان العنق. وهذه العدوى هي أحد الأمراض المنقولة جنسيًا التي يمكن أن تتسبب أيضًا في ظهور بثور الأعضاء التناسلية.

ـ الأدوية أو الحالات المرضية التي تعمل على تثبيط جهازك المناعي: تزيد مخاطر الإصابة بسرطان الشرج لدى الأشخاص الذين يتعاطون أدوية لتثبيط أجهزتهم المناعية (مثبطات المناعة)، بما في ذلك من خضعوا لعمليات زرع الأعضاء. ويتسبب فيروس نقص المناعة البشري(HIV) ، الفيروس الذي يؤدي إلى الإصابة بالسيدا – في تثبيط الجهاز المناعي ويزيد مخاطر الإصابة بسرطان الشرج.

* مضاعفات سرطان الشرج

نادرًا ما ينتشر (ينتقل) سرطان الشرج إلى أجزاء بعيدة في الجسم، وقد انتشرت نسبة ضئيلة فقط من الأورام إلى أجزاء أخرى في الجسم، ولكنها تقتصر على الأورام التي توجد صعوبة خاصة في علاجها. ومن أكثر المناطق التي ينتشر فيها سرطان الشرج الكبد والرئة.

* تشخيص سرطان الشرج

تتضمن الاختبارات والإجراءات المستخدمة لتشخيص الإصابة بسرطان الشرج ما يلي:

ـ فحص القناة الشرجية والمستقيم للبحث عن أي علامات غير طبيعية Examen du canal anal et du rectum à la recherche de signes anormaux: أثناء فحص المستقيم بالإصبع، يقوم الطبيب بإدخال إصبعه في المستقيم بعد ارتداء القفاز ووضع مزلق. ويبحث عن أي شيء شاذ، مثل نمو غير طبيعي.

ـ الفحص البصري للقناة الشرجية والمستقيم Examen visuel du canal anal et du rectum: يمكن أن يستخدم الطبيب tube court et léger (endoscope anal) لفحص canal anal et rectum، بحثًا عن أي شيء غير طبيعي.

ـ تصوير قناة الشرج بالموجات الصوتية Échographie du canal anal: من أجل prendre une photo du canal anal، يقوم الطبيب بإدخال sonde، يشبه مقياس درجة الحرارة غليظا، في القناة الشرجية والمستقيم. وla sonde émet des ondes sonores à haute énergie، تسمى ultrasonic، والتي ترتد على أنسجة وأعضاء الجسم لتكوين الصورة، يفحص الطبيب الصورة بحثًا عن أي شيء غير طبيعي.

ـ أخذ عينة من النسيج لفحصها في المختبر Prélèvement d’un échantillon de tissu pour examen en laboratoire: إذا اكتشف الطبيب وجود أي مناطق غير طبيعية، فقد يقوم بأخذ عينات صغيرة من النسيج المصاب (biopsie) ويرسلها إلى المختبر لتحليلها. وبفحص الخلايا تحت المجهر، يستطيع الأطباء تحديد ما إذا كانت الخلايا سرطانية أم لا.

* مراحل سرطان الشرج

بعد التأكد من الإصابة بسرطان الشرج، يعمل الطبيب على تحديد حجم السرطان وما إذا كان منتشرًا في الجسم (stade du cancer)، وتساعد معرفة المرحلة الطبيب في تحديد أفضل طريقة لعلاج السرطان. تتضمن الاختبارات والإجراءات المستخدمة في تحديد مرحلة السرطان tomodensitométrie (TDM)، Imagerie par résonance magnétique (IRM) et tomographie par émission de positons (TEP).

ويستخدم الطبيب المعلومات التي تكشف عنها الإجراءات في تحديد مرحلة السرطان. مراحل سرطان الشرج هي:

ـ المرحلة الأولى: حجم سرطان الشرج 2 سم (حوالي 3/4 بوصة) أو أقل، في حجم حبة الفول السوداني أو أصغر.

ـ المرحلة الثانية: حجم سرطان الشرج أكبر من 2 سم (حوالي 3/4 بوصة)، ولكنه لم ينتشر خارج القناة الشرجية.

ـ المرحلة الثالثة (A): سرطان الشرج في أي حجم وانتشر في ganglions lymphatiques près du rectum أو fermer les zones, telles que la vessie, l’urètre ou le vagin.

ـ المرحلة الثالثة (B): سرطان الشرج في أي حجم وانتشر في les zones voisines et les ganglions lymphatiques ou s’est propagé à d’autres ganglions lymphatiques du bassin.

ـ المرحلة الرابعة: انتشار سرطان الشرج في أجزاء الجسم البعيدة عن الحوض.

* علاج سرطان الشرج

يعتمد علاج سرطان الشرج الذي تتلقاه على مرحلة السرطان وحالتك الصحية العامة وما تفضله أنت شخصيًا.

ـ الجمع بين العلاج الكيميائي والإشعاعي: يعالج الأطباء سرطان الشرج في الغالب عن طريق الجمع بين العلاج الكيميائي والإشعاعي، وهذا يزيد من فرص الشفاء؛ حيث تدعم كل طريقة علاج الأخرى.

ـ العلاج الكيميائي: يتم حقن أدوية العلاج الكيميائي في الوريد أو تؤخذ على شكل أقراص. وتسري المواد الكيميائية في الجسم لتقضي على الخلايا التي تنمو بشكل سريع، مثل الخلايا السرطانية. ولكن، لسوء الحظ، فإنها تدمر أيضًا الخلايا السليمة التي تنمو بسرعة، بما في ذلك تلك الموجودة في السبيل المعدي المعوي وجريبات الشعر (follicules). ويتسبب ذلك في آثار جانبية، مثل الغثيان والقيء وتساقط الشعر.

ـ العلاج الإشعاعي: يستخدم العلاج الإشعاعي أشعة طاقة ذات قدرة عالية، مثل الأشعة السينية، للقضاء على الخلايا السرطانية. وأثناء العلاج الإشعاعي، يستلقي المريض على منضدة ويدور حوله جهاز ضخم يسلط الإشعاع على نقاط محددة في جسمه لاستهداف السرطان. ويدمر الإشعاع النسيج السليم الموجود بالقرب من مكان تسليط الأشعة. وقد تتضمن الآثار الجانبية احمرار الجلد وقروحا في منطقة الشرج وحولها، بالإضافة إلى تصلب وانكماش القناة الشرجية. ويستمر العلاج الإشعاعي لسرطان الشرج في العادة 5 أو 6 أسابيع. وفي هذه الفترة، يحصل المريض على العلاج الكيميائي خلال الأسبوعين الأول والخامس. ويحدد الطبيب برنامج العلاج حسب خصائص مرض السرطان وحالة المريض الصحية العامة. وبالرغم من أن الجمع بين العلاج الكيميائي والإشعاعي يسهم في زيادة فعالية العلاجين، فمن المرجح أنه يؤدي إلى ظهور آثار جانبية. على المريض أن يتناقش مع طبيبه حول الآثار الجانبية المتوقعة.

* جراحة سرطان الشرج

يستخدم الأطباء في العادة إجراءات مختلفة لاستئصال سرطان الشرج بناءً على مرحلته:

جراحة استئصال سرطان الشرج في المراحل المبكرة: يمكن استئصال سرطان الشرج صغير الحجم عن طريق الجراحة. وخلال هذا الإجراء، يقوم الجراح بـl’ablation de la tumeur et d’une petite partie du tissu sain qui l’entoure. ونظرًا لأن الأورام صغيرة الحجم، فيمكن في بعض الأحيان استئصال السرطان في المراحل المبكرة دون إلحاق ضرر بالعضلات العاصرة الشرجية المحيطة بالقناة الشرجية. وتتحكم muscle sphincter anale في حركة الأمعاء، لذا يحرص الأطباء على عدم المساس بتلك العضلات. وقد يوصي الطبيب أيضًا بتلقي العلاج الكيميائي والإشعاعي بعد الجراحة حسب حالة السرطان.

ـ جراحة سرطان الشرج في المراحل المتأخرة أو الذي لم يستجب لطرق العلاج الأخرى: إذا لم يستجب السرطان للعلاج الكيميائي والإشعاعي، أو كان السرطان في مرحلة متقدمة، فقد يوصي الطبيب بإجراء عملية توسعية أكثر تسمى resection perineale abdominale، والتي يشار إليها أحيانًا باسم استئصال AP. خلال هذا الإجراء، يقوم الجراح بـRésection du canal anal, du rectum et d’une partie du côlon، ومن ثم،le reste du côlon est attaché à une ouverture dans l’abdomen  (stomate) تخرج من خلالها الفضلات من الجسم وتتجمع في sac de colostomie.

* الطب التكميلي Médicaments complémentaires

يمكن أن تساعد بعض طرق الطب التكميلي في التعايش مع الآثار الجانبية المصاحبة لعلاج مرض السرطان، وتوفير المزيد من الشعور بالراحة، وتشمل خيارات علاج الآثار الجانبية الشائعة التدليك أو التأمل أو التنويم المغناطيسي أو العلاج بالموسيقى أو ممارسة الرياضة أو طرق الاسترخاء لعلاج القلق، ممارسة الرياضة الخفيفة أو التاي تشي لعلاج التعب، العلاج بالإبر الصينية أو التنويم المغناطيسي أو العلاج بالموسيقى لعلاج الغثيان، العلاج بالإبر الصينية أو التدليك أو العلاج بالموسيقى أو التنويم المغناطيسي لعلاج الألم واليوغا أو طرق الاسترخاء لعلاج مشكلات النوم. بالرغم من أن هذه الخيارات آمنة، فإننا ننصح المريض باستشارة الطبيب أولاً للتأكد من عدم تداخل هذه العلاجات مع علاج السرطان.

* الوقاية من سرطان الشرج

لا توجد وسيلة مؤكدة للوقاية من سرطان الشرج، ولتقليل مخاطر الإصابة به، عليك القيام بما يلي:

ـ تجنب الممارسات الجنسية الشاذة: يمكن أن يساعد الامتناع عن الجنس أو ممارسة الجنس الآمن في الوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري وفيروس نقص المناعة البشري (VPH et VIH)، وهما نوعان من الفيروسات المنقولة جنسيًا التي تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الشرج. لذا، فإن أفضل طريقة لحماية النفس هي تجنب ممارسة الجنس الشرجي.

ـ الحصول على التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري: هناك تطعيمان ـ Gardasil et Cervarix – للوقاية من العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري، ويمكن تطعيم الذكور والإناث ضد هذا الفيروس.

ـ الإقلاع عن التدخين: يزيد التدخين من مخاطر الإصابة بسرطان الشرج. لا تبدأ التدخين. وتوقف إذا كنت تدخن حاليًا.

ـ الانتباه إلى ظهور الدم مع البراز: ظهور الدم مع البراز هو دائماً أمر غير طبيعي. في معظم الأحيان يكون ذلك نتيجة وجود بواسير أو شقوق في منطقة الشرج، ولكنه أيضاً علامة مبكرة لاحتمال وجود ورم في منطقة الشرج والمستقيم ينصح الرجال بإجراء فحص طبي للشرج والمستقيم بعد سن الخمسين، وهناك فحوص متوفرة بسهولة لكشف الدم الخفي في البراز الذي قد لا يلاحظه الإنسان بسهولة. وإن وجود الدم الخفي في البراز يستدعي استشارة طبيب مختص بالأمراض الهضمية لكشف السبب وعلاجه بشكل مبكر.