المؤسسة السجنية العرجات هي كغيرها رقم ضمن لائحة مجموع المؤسسات التأديبية بأرجاء المملكة المغربية والتي يزيد عددها عن 73 .
تضم هذه المؤسسة السجنية رقما خياليا من السجناء.. بصيغة أخرى تشهد اكتضاضا مهولا على مستوى النازلين بها فغرفها الصغيرة تضم 24 سجينا في الغرفة الواحدة في افتقار تام لوسائل النظافة و للبروتوكول الصحي قبل و خلال جائحة كورونا.حيث يعود مصدر هذا الاكتضاض بالدرجة الأولى إلى الاعتقالات الاحتياطية التي سبق و وصفها مصطفى الرميد، بـ”الموضوع المقلق”، مضيفا إنّ نسبة الاعتقال الاحتياطي التي توجد في المغرب لا تشرف بلادنا.
كما سبق وصرح النقيب عبد الرحمان بنعمرو سنة 2012 ، أن السجون المغربية تعرف أوضاعا مزرية ومأساوية على جميع المستويات، مضيفا أن الجمعيات الحقوقية التي سبق لها أن أصدرت بيانا حول واقع الاعتقال الاحتياطي تقدمت بعدد من المقترحات إلى وزارة العدل من أجل إصلاح هذا الوضع لكن الأمر تدهور من يوم إلى آخر.
و كما هو معروف فان المشرع استهل قانون المسطرة الجنائية بإقراره لمبدأ أساسي هو قرينة البراءة لفائدة المتهم والتي تعد دعامة أساسية لضمان حريته الشخصية وبمقتضاها يظل المتهم بريئا ويبقى هذا الأصل قائما إلى أن يصدر حكم نهائي بإدانته. ولا يجب حرمانه من حريته طوال مراحل القضية وهذا أمر لازال التغافل عليه مستمرا .
وصحيح أن الاعتقال الاحتياطي يضمن حسن سير العدالة و الحفاظ على النظام العام، خصوصا إذا كانت الجريمة المرتكبة جريمة خطيرة أو أحدثت رعبا لدى العامة .ما يبدو لنا من الوهلة الأولى عادلا وفيه صلاحية العامة و لكن نكون بذلك أغفلنا حالة ما إذا كان المعتقل ليس هو الفاعل ، وفرضا أطلق سراحه بعد مدة 12 شهرا ألا يكون هذا الاعتقال قد أضر بحرية الشخص؟ اوليس هناك بدائل لهذا الإجراء؟
من الواضح أن الهيئات المعنية لا تاخد على محمل من الجد انه قبل إصدار أي حكم أوجب استبدال هذا الاعتقال بمجموع من التدابير المتمثلة في الكفالة المالية المخولة للنيابة العامة التي تسمح بمعاملة المتهم على أساس انه بريء وتمتعه في نفس الوقت بالحرية التامة.أو الوضع تحت المراقبة القضائية و لا شك أن هذه التدابير ستخفف من الاكتظاظ و الاختلاط الموجود بالسجون عامة و بسجن العرجات على وجه الخصوص.
وعلى ضوء ما سبق يبقى الاعتقال الاحتياطي من أهم و أخطر إجراءات التحقيق و بطبيعة الحال أكثرها مساسا بحرية المتهم، بحيث تسلب منه حريته فترة من الزمن بالرغم من عدم صدور حكم بإدانته بعد.و هو ما يتعارض مع حقوق الإنسان. فالأصل هو البراءة الذي أكدت عليه جل المواثيق الدولية و الدساتير و التشريعات الوطنية ، فالاعتقال الاحتياطي أو العقوبة السالبة للحرية ينبغي أن يكون الملاذ الأخير و لو من باب معالجة الاكتظاظ داخل السجون.
وفي جانب اخر فقد احتل هذا السجن خانة ضمن لائحة السجون الممنوعة من الزيارات العائلية في ظل تفشي الفيروس و ذلك حسب المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في المغرب .
والجدير بالذكر أن الزيارات العائلية التي كانت تصحب بقفة المئونة الغذائية كانت تشكل داعمة أساسية لقائمة الطعام داخل مطعم السجن. ففي ظل غيابها بات النزلاء يستهلكون وجبات غير كاملة وغير كافية خلال الأسبوع حيث كانوا لا يعرفون للقطاني بديلا .لتعود قفة المئونة تلك بعد طول نفس لأحضان العرجات مع حلول عيد الأضحى بعد قرار المندوبية العامة لإدارة السجون وتمنع بعد ذلك.
هذا وقد ضرب عرض الحائط بيان المندوبية العامة لإدارة السجون الذي حث على تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية من طرف الأطر الطبية وشبه الطبية لفائدة الموظفين والسجناء حول خطر الإصابة بفيروس كورونا؛ مع تمكين النزلاء من الاتصال بذويهم في نهاية الأسبوع من أجل إبلاغهم بالإجراءات الاحترازية داخل هذه المؤسسة.
وحسب مصادر الجريدة فان بعض النزلاء يتعرضون لسوء المعاملة من سب و ألفاظ نابية إلى حرمان تام من وقت الفسحة . ناهيك عن استعمال ملف التحريض بشهادة بعض السجناء المقربين للموظفين لصد كل من حاول الدفاع عن كلمته.. إذ هو سلاح بات ينهجه الموظفين داخل العرجات لردع كل من سولت له نفسه التكلم عن ابسط حقوقه (التطبيب ..التغذية..)في شعار بالخط العريض مفاده البقاء للأقوى و في تجاهل تام للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يضم في خباياه انه :
(لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة.)
هذا كله في غياب تام لدوريات المراقبة أو لجن حقوق الإنسان .
ومع ذلك فان النقط السوداء لا تنفي المجهودات المؤسساتية والأنشطة التي شملت المسابقات الوطنية للصناعة التقليدية داخل السجون و كذا بدا العمل بالأستوديو المتعدد الوظائف بسلا….. ليبقى الجانب الإنساني هو النافذة المظلمة لسجن العرجات الذي لربما قد سقط الاهتمام به سهوا من الجهات المعنية.