يضطر سكان الجنوب الشرقي، لأسباب مختلفة ترتبط بمحدودية خدمات المستشفيات القريبة، إلى نقل عدد من مرضاهم إلى مدينة ورزازات، ومنه تعبر حالات حرجة إلى المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش.
وحين توافي المنية أحد مرضى المنطقة تنطلق مسيرة مغايرة، تتمثل في نقل جثث الهالكين من المنتمين إلى الفئات الهشة، ليجدوا أنفسهم في متعاب مع سائقين مكلفين بنقل الجثامين يطالبون بأثمان عالية، وفق الفاعل الجمعوي عبد الكريم لبيض.
وأضاف المتحدث نفسه: “هذا الوضع يعيشه سكان إقليم زاكورة منذ 20 سنة بشكل شبه يومي أو أسبوعي، فالساحة المحاذية لمستودع الأموات تعرف دوما جدالا وخصاما حول الأثمان التي حددها القانون، آخر ذلك الجدل ما جرى يوم الثلاثاء الماضي حين حضرت سيارة تابعة لفرع الهلال الأحمر، تم اقتناؤها من طرف المجلس الإقليمي، بتنسيق مع عمالة الإقليم، لتوفير هذه الخدمة للسكان من ذوي الهشاشة لنقل جثة رجل توفي بالمستشفى الجامعي”.
وتابع قائلا: “نقلت هذه المركبة خلال الأسبوع الفارط جثة فتاة من مدينة أكادير دون أن يعترضها أي مشكل، لكن بمجرد محاولتها نقل جثة رجل توفي بمدينة مراكش، خلال هذا الأسبوع، تم اعتراض طريقها بعد انتهاء سائقها من غسل الميت والإجراءات القانونية، وأغلقت سيارة لنقل الأموات باب الخروج من مستودع الأموات، بدعوى أن سيارة الهلال الأحمر لا تتوفر على ترخيص”.
حنان الوالي، رئيسة فرع الهلال الأحمر بإقليم زاكورة، أوضحت أن هذه الهيئة، التي يترأسها شرفيا الملك محمد السادس وسياراتها ذات الترقيم الوطني، تتدخل فيما يهم الحالات الإنسانية، سواء تعلق الأمر بالحرب أو السلم، وتتعاون مع منظمات دولية، وبإمكانها استعمال أسطول المركبات والموارد البشرية، مما يعني أنها قانونية ومن مهامها نقل أموات المسلمين والمسلمات من ذوي الهشاشة”.
وطالب كل من لبيض والوالي وزارة الداخلية والسلطة الإقليمية بوضع حد لمعاناة سكان إقليم زاكورة مع سيارات نقل الأموات بمدينة مراكش، وحماية مركبات الهلال الأحمر ذات الخصوصية، والضرب بقوة على لغة البلطجة السائدة لدى العاملين بهذا القطاع بمدينة مراكش، الذين يأبون إلا أن يستغلوا آلام أسر وعائلات الموتى بمستشفيات مراكش أو القتلى ضحايا حوادث السير بطرقها.
وسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان- فرع المنارة مراكش أن دخلت على خط هذه القضية، مسجلة أن “عددا من المواطنات والمواطنين يعيشون المعاناة نفسها يوميا، خاصة المنحدرين من مناطق بعيدة”، مستغربة “التكلفة الباهظة المفروضة قسرا على الأسر، وأسلوب التحكم والابتزاز الذي تخضع له الأسر، التي تكون تحت صدمة الموت وفقدان أحد أقربائها الذي قد يكون معيلها الوحيد”.
واستهجن التنظيم الحقوقي، في بلاغ له توصلت به هسبريس، “أسلوب الابتزاز والتوجيه والاحتكار، وفرض المبالغ الخيالية لنقل الأموات”، مستنكرا “رفع الدولة، وخاصة مؤسساتها الاجتماعية، ليدها عن هذه الخدمة، وعدم تقديم المساعدة أو التكفل بنقل جثامين المتوفين إلى بلداتهم ومدنهم الأصلية قصد الدفن بها”