هو الممثل المصري الأول الذي توج بجائزة الغولدن غلوب بفئة أفضل ممثل في دور رئيس، وأول من ترشح للأوسكار أيضا، إنه العالمي الذي قاربت شهرته شهرة الأهرام وأبو الهول، صاحب الأدوار التي لا تنسى، بالعربية والإنجليزية والفرنسية، وفي بعض الأحيان بلغات أخرى.
إنه عمر الشريف (ولد يوم 10 أبريل/نيسان 1932 وتوفي في 15 يوليو/تموز 2015)، الاسم يكفي دون تحليل أو ذكر شواهد، لكننا اليوم لا نقيّم شهرة عمر ولا قيمته الفنية، لكننا نحلل كيف تميز أداؤه بشكل خاص في خمسة أفلام تاريخية، صنع من خلالها أثرا خالدا في قلوب الجماهير وعقولها. من فارس عربي، أو أمير روماني حكيم، أو طبيب روسي، أو قائد مغولي، أو جنرال ألماني، نتتبع معكم رحلة عمر الشريف في أفلام الستينيات التاريخية.
لورانس العرب.. أن تبدأ من القمة
ظهر عمر الشريف للمرة الأولى على شاشة السينما العالمية من خلال مشهد لفارس قادم من بعيد وسط صحراء شبه الجزيرة العربية، الكاميرا ثابتة ويقترب الفارس شيئا فشيئا حتى نرى ملامحه، كان هذا هو الظهور الملحمي الذي ظل خالدا في أذهان محبي الفيلم البريطاني الشهير “لورانس العرب” (Lawrence of Arabia) عام 1962، وهو الفيلم الذي يعتبره كثيرون بمثابة الفيلم الأعظم في تاريخ السينما، لدرجة أن الفيلم يحظى اليوم بتقييم 100% على موقع “ميتاكريتيك” (Metacritic) النقدي.
فاز لورانس العرب في نهاية العام بسبع جوائز أوسكار، لكن بطلي الفيلم “عمر الشريف” و”بيتر أوتول” لم يفوزا بجائزتي التمثيل، لكن عمر عوّض هذا بفوزه بجائزة الغولدن غلوب في فئة أفضل ممثل مساعد.
سقوط الإمبراطورية الرومانية.. إعادة خلق إمبراطورية اندثرت
في هذا الفيلم الذي تم إنتاجه في عام 1964 ظهر عمر ضمن بطولة جماعية لفيلم لم ينجح جماهيريا بشكل كبير وقت عرضه، لكنه نجح نقديا عقب سنين من خروجه للنور.. فيلم “سقوط الإمبراطورية الرومانية” (The Fall of Roman Empire) للمخرج الأميركي أنتوني مان، يعتبره كثيرون اليوم بمثابة أحد أضخم المعالجات التي تمت عن فترة الإمبراطورية الرومانية.
شهد الفيلم إعادة خلق ما تجاوز 92 ألف متر مربع من الديكورات الخاصة بمواقع تصوير، تحاكي مواقع حقيقية لأماكن وقوع أحداث بعينها في تاريخ الإمبراطورية الرومانية.
الجدير بالذكر أن الممثلة الإيطالية الشهيرة صوفيا لورين، شاركت عمر الشريف في بطولة هذا الفيلم، كما أن الفيلم الأميركي الشهير (المصارع) “Gladiator” قد استلهم بعض أحداثه من هذا الفيلم، وأهمها قصة توريث العرش عقب رحيل الإمبراطور ماركوس أوريليوس.
دكتور زيفاجو.. عن الحب والحرب
في تعاونه الثاني مع المخرج البريطاني ديفيد لين من خلال فيلم (دكتور زيفاجو) “Doctor Zhivago” إنتاج عام 1965، قدم عمر الشريف ما يمكننا اعتباره أفضل أدواره على الشاشة الكبيرة، إنه زيفاجو الطبيب والشاعر الروسي، الرجل الذي يجد مشاعره وقصة حبه تنسحق بفعل أحداث سياسية تغير مجريات حياته كافة، الإنسان في مقابل الحرب، والإنسان في مقابل الطبيعة، هذه هي حكاية الفيلم الذي تدور أحداثه بين الحرب العالمية الأولى وثورة أكتوبر الحمراء.
أثبت عمر في هذا الفيلم أنه بطل ينتمي للصف الأول، يمكنه أن يحمل فيلما كاملا بهذه الضخامة ويضمن نجاحه، فاز الفيلم في نهاية العام بخمس جوائز أوسكار، لكن المفاجأة الأكبر أن عمر الشريف بطل الفيلم، والفائز بجائزة الغولدن غلوب في فئة أفضل ممثل درامي، لم يتم ترشيحه أصلا لنيل جائزة أوسكار، لتصبح هذه واحدة من نوادر حفلات الأوسكار طوال تاريخها.
ليلة الجنرالات.. لغز جريمة قتل يطبخ على نار هادئة
بينما كانت الحرب العالمية الثانية تسير نحو معركة لا مفر منها بين ألمانيا والاتحاد السوفياتي، كان المحقق الألماني “ماجور جراو” لا يزال مشغولا بحل لغز مقتل غانية بولندية كانت تعمل في حقيقة الأمر عميلة سرية ألمانية. تحقيقات “جروا” تقوده لتورط مجموعة من الجنرالات، لكن المفاجأة أن عملية اغتيال بحق أدولف هتلر نفسه كانت تدبر في تلك الأثناء.
هكذا تدور أحداث فيلم ” The Night of Generals” (ليلة الجنرالات) للمخرج السوفياتي الأوكراني “أناتولي ليتفاك” والذي تم انتاجه في عام 1967. هنا نلاحظ أن عمر الشريف قد اتجه لتنويع أدواره التاريخية مرة أخرى، فبينما قدم دور طبيب روسي في “زيفاجو”، ها هو يقدم دور محقق ألماني في هذا الفيلم.
لم يحقق الفيلم نجاحا كبيرا وقت عرضه، لكنه اكتسب قيمة مضاعفة مع مرور الوقت، حتى أصبح أحد أهم أفلام الجريمة في زمن الحرب العالمية الثانية.