كشفت دراسة حديثة أجراها المعهد المغربي لتحليل السياسيات، عن معطيات مقلقة لسوء السلوك والتحديات في توزيع المساعدات خلال أزمة الزلزال، مشيرة إلى ينظر إلى سرقة المساعدات والتلاعب بها على أنها منتشرة جدا أو منتشرة من قبل ما مجموعه 90 بالمئة من المجيبين، مما يشير إلى مشاكل كبيرة في المساءلة والنزاهة في تدبير المساعدات.
ونبهت الدراسة المعنونة، بـ”زلزال الأطلس الكبير، الكارثة، الأزمة، والاستجابة الحكومية، إلى النسب العالية للمجيبين الذين ينظرون إلى احتكار توزيع المساعدات ( 76بالمئة) من المجموع وانتشار الأخبار الزائفة (85 بالمئة من المجموع) كأمور منتشرة جدا أو منتشرة الضوء على تأكل الثقة والشفافية في جهود الإغاثة.
علاوة على ذلك، أكدت الدراسة أن نسبة كبيرة تبلغ 76 بالمئة من المجيبين تنظر إلى احتكار توزيع المساعدات على أنه منتشر جدا أو منتشر، بينما تحمل نسبة ساحقة تبلغ 85 بالمئة تصورًا ممثلا بخصوص انتشار الأخبار الزائفة.
بالإضافة إلى ذلك، تعبر نسب ملحوظة من المجيبين عن مخاوف بشأن قضايا مثل التحرش الجنسي والاستغلال (67بالمئة) وعدم الاكتراث لثقافة المجتمعات المتأثرة بالزلزال وحقوقهم في الخصوصية (70بالمئة)، والاستغلال الأغراض دعائية (83بالمئة)، والتلاعب من قبل التجار (76بالمئة) خلال الأزمة.
وسعى الاستبيان الذي أجراه المعهد المغربي لتحليل السياسات، إلى تحديد التأثير المباشر للزلزال على المجيبين وما إذا كانوا قد تلقوا الدعم والمساعدة من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني أو المنظمات الخيرية. وكشفت النتائج أن 12 بالمئة من المجيبين أبلغوا عن تأثرهم المباشر بالزلزال، بينما أشارت الأغلبية، التي تشكل 88 بالمئة من المجيبين، إلى أنهم لم يتأثروا بشكل مباشر .
وأوضحت الدراسة، أن من بين أولئك الذين تأثروا مباشرة بالزلزال، أبلغ 11 بالمئة فقط منهم عن تلقي الدعم والمساعدة من الحكومة، بينما أبلغ 33 بالمئة منهم عن تلقي الدعم والمساعدة من منظمات المجتمع المدني والجهات الخيرية، مما يشير إلى تفوق نسبة مساعدات هذه الأخيرة على نسبة المساعدات الحكومية.
وسعى هذا الاستبيان، وفق معدّي الدراسة، إلى تقييم مدى رضا المجيبين عن كفاية الدعم والمساعدة المقدمين من الحكومة في أعقاب الزلزال. وكشفت نتائجه عن آراء متنوعة بين المشاركين بخصوص كفاية المساعدة الحكومية إذ أعرب تقريبا 56 بالمئة من المجيبين عن درجات متفاوتة من الرضا عن الدعم الذي قدمته الحكومة بالمقابل، شعرت نسبة ملحوظة تبلغ 44 بالمئة من المجيبين بأن دعم الحكومة كان غير كاف.
وحسب معطيات الدراسة، تشمل العوامل المساهمة في وجهات النظر المختلفة هذه تباينات في توزيع المساعدات، والفروقات في الوصول إلى المساعدة، أو حجم تأثير الزلزال على الظروف الفردية.وتكشف هذه الاحصائيات عن مستويات متفاوتة من الانخراط والدعم من المجيبين تجاه ضحايا الزلزال، حيث تقدم البيانات فحصا دقيقا لمساهمات الأفراد في دعم ضحايا الزلزال مقدمة رؤى حول فعالية وتوزيع جهود المساعدة، بينما أبلغ جزء ملحوظ ( 64 بالمئة) من المجيبين عن مساهاتهم في مساعدة الضحايا.
وتكشف التحليلات الإضافية، وفق الدراسة، عن منظر معقد للانخراط، ويظهر بشكل لافت أن نسبة كبيرة (52 بالمئة) لم تقدم وقتها وجهدها بشكل مباشر، ما يشير إلى وجود فجوات محتملة في مشاركة المجتمع أو الوعي بالفرص المتاحة للمساعدة المباشرة مما يدل بدوره على حاجة إلى مبادرات توعوية وتثقيفية تستهدف تعزيز مشاركة المجتمع في جهود الاستجابة للكوراث.
وتستند النتائج المقدمة في هذا التقرير إلى تحليل البيانات الكمية استنادًا إلى عينة تمثيلية من 2000 شخص، حيث تم جمع البيانات بين أكتوبر ودجنبر من سنة 2023. وأوضح المعهد أنه من أجل ضمان تمثيلية العينة، تم الاعتماد على نهج العينة العشوائية الطبقية، باستخدام متغير “النوع الاجتماعي ” كحصة محددة مسبقًا لتحقيق توزيع عادل للإناث والذكور في العينة.
وحسب المعهد المغربي لتحليل السياسات، تسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة الماسة لآليات حكامة قوية، وتكريس مبادئ الشفافية، والمعايير الأخلاقية المعالجة هذه المشاكل في هذه المنظومة وضمان توزيع المساعدات بشكل عادل ومسؤول. وتعتبر الجهود المبذولة لتعزيز الرقابة وتقوية تدابير النزاهة، وإعطاء الأولوية لكرامة ورفاهية السكان المتأثرين أمرا حتميا للحفاظ على مبادئ المساعدة الإنسانية وإعادة بناء الثقة في عمليات الإغاثة.