بقلم د. مبارك أجروض
يبدو أن الطبيعة عزمت العهد على ألا تتراجع عن حربها الشرسة ضد البشر؛ فيضانات، وحرائق، وكوارث، وإيبولا وكورونا، والآن هجمة جديدة بفيروس حمى “ماربورغ” Marbourg القاتل. قبل أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية، تسجيل أول وفاة بفيروس ، في غينيا التي توجد في غربي أفريقيا، ليبدأ القلق يسيطر على العالم، خاصة في ظل الضغط الكبير على النظام الصحي في كل دول العالم، وهي البيئة التي تنشط فيها تلك الفيروسات.
وصرحت منظمة الصحة العالمية في بيانها، أمس، أن “المريض عولج في البدء في مستشفى محلي قبل أن تتدهور حالته سريعا ويلقى حتفه”، وبعد إعلان منظمة الصحة العالمية، تم تسجيل حالة وفاة بسبب الإصابة بفيروس “ماربورغ” في غينيا، قال خبراء في مجال الصحة إن خطر انتشار فيروس “ماربورغ” في العالم يعد ضئيلا جدا، وقال خبراء من معهد “ميكروب” الروسي المتخصص في مكافحة الأوبئة، إن روسيا لم تسجل حتى الآن أي حالة إصابة بهذا المرض، ومن المستبعد للغاية دخوله إلى البلاد.
* فيروس حمى ماربورغ
ينتمي فيروس “ماربورغ” إلى نفس عائلة إيبولا، وقد تفشى في السابق في أماكن أخرى عبر أفريقيا بأنغولا والكونغو وكينيا وجنوب أفريقيا وأوغندا. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن عدوى فيروس “ماربورغ” تحدث من خلال ملامسة إفرازات الجسم المصاب وأنسجته، وهو عبارة عن حمى نزفية شديدة العدوى شبيهة بفيروس إيبولا.
وتشمل أعراض الإصابة بالفيروس الفتاك هذا، الصداع وتقيؤ الدم وآلام العضلات، بالإضافة إلى ارتفاع درجة حرارة المصاب بالفيروس. وينزف بعض المرضى في وقت لاحق من خلال فتحات الجسم مثل العينين والأذنين. ولا يوجد دواء أو لقاح معتمد ضد فيروس ماربورغ، لكن معالجة الجفاف والرعاية الداعمة الأخرى يمكن أن تحسن فرص المريض في البقاء على قيد الحياة.
* كيفية انتقال فيروس حمى ماربورغ
هذا النوع من الفيروسات ينتقل من خلال ملامسة إفرازات الإنسان المصاب وأنسجته. والجدير بالذكر أنّ الفيروس لا يسري بين البشر أثناء فترة حضانته (من 3 إلى 9 أيام). ويُصاب المرء بالعدوى جرّاء ملامسة دم المريض أو سوائل جسمه الأخرى (البراز والقيء والبول واللعاب والإفرازات التنفسية وحتى السائل المنوي) التي تحتوي على الفيروس بتركيزات عالية.
وتزداد قدرة المصابين على نقل العدوى كلّما تطوّر المرض، وتبلغ تلك القدرة ذروتها خلال مرحلة المرض الوخيمة. ومن المسارات الشائعة لاكتساب العدوى مخالطة المصابين بحالات قوية عن كثب، لدى تقديم الرعاية لهم في البيت أو في المستشفى، وبعض ممارسات الدفن. ويؤدي استخدام معدات الحقن الملوّثة بالفيروس أو التعرّض لوخز الإبر الملوّثة به إلى وقوع حالات أشدّ خطورة وتدهور الحالة الصحية بسرعة وزيادة احتمال الوفاة.
* خطر انتشار فيروس حمى ماربورغ على المستوى العالمي
ووفقا لمعهد “ميكروب” فإن “خطر الانتشار على المستوى العالمي، وكذلك خطر انتقال عدوى هذا الفيروس إلى روسيا الاتحادية منخفض للغاية”. كما أشار المعهد إلى أن حالات المرض الناجمة عن فيروس “ماربورغ” تم العثور عليها فقط في البلدان الإفريقية، وأضاف أنه تم تسجيل 3 حالات في أوغندا في عام 2017، وفي الوقت نفسه كانت المرة الوحيدة التي تم فيها تصدير العدوى خارج إفريقيا في عام 2008 إلى الولايات المتحدة وهولندا. ويعتقد الطب الحديث أن فيروس “ماربورغ” ينتقل إلى الإنسان من الخفافيش، ثم ينتشر بين الناس من خلال الاتصال المباشر مع الشخص المصاب.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أنه تم تسجيل إصابة بمرض “ماربورغ”، المعروف أيضا باسم “مرض القرد الأخضر”، في غينيا، وينتمي العامل المسبب للمرض إلى نفس فئة الفيروس المسبب لإيبولا. وقالت المنظمة إن معدلات الوفاة في الإصابة بفيروس “ماربورغ” تتراوح بين 24% و88% في موجات التفشي السابقة، موضحة أن النسبة تعتمد على سلالة الفيروس وأسلوب مواجهة الحالات.
* عوارض حمى فيروس ماربورغ
يبدأ المرض الناجم عن فيروس ماربورغ فجأة بصداع حاد وحكة شديدة. ومن أعراضه الشائعة أيضاً الأوجاع والآلام العضلية، حسب ما أوضحت منظمة الصحة العالمية. وعادة ما يتعرّض المريض لحمى شديدة في اليوم الأوّل من إصابته، يتبعها وهن تدريجي وسريع. وفي اليوم الثالث تقريباً يُصاب المريض بإسهال مائي حاد وألم ومغص في البطن وغثيان وتقيّؤ. ويمكن أن يدوم الإسهال أسبوعاً كاملاً. وقيل إنّ المريض يُظهر، في هذه المرحلة، ملامح تشبه “ملامح الشبح” وعينين عميقتين ووجهاً غير معبّر وخمولاً شديداً.
وفي التفشي الذي حصل في أوروبا في عام 1967 كان الطفح غير المسبّب للحكّة من السمات التي لوحظت لدى معظم المرضى في الفترة بين اليوم الثاني واليوم السابع من ظهور الأعراض عليهم. ويُظهر الكثير من المرضى أعراضاً نزفية وخيمة في الفترة بين اليوم الخامس واليوم السابع، علماً بأنّ الحالات المميتة تتسم، عادة، بشكل من أشكال النزيف من مواضع عدة.
ومن العوارض وجود الدم الطازج في القيء والبراز، يصحبه، في كثير من الأحيان، نزف من الأنف واللثّة والمهبل. وقد تؤدي إصابة الجهاز العصبي المركزي إلى حالات من التخليط والتهيّج والعدوانية. كما تم الإبلاغ، في بعض الأحيان، عن وقوع حالات من التهاب الخصية في المراحل المتأخّرة من المرض (اليوم الخامس عشر). وفي الحالات المميتة تحدث الوفاة بين اليوم الثامن واليوم التاسع بعد ظهور الأعراض وتسبقها عادة صدمة.