– عندما كنت طفلا صغيرا ، كانت تقول لي جدتي على الدوام ، بأن من جد وجد و من زرع حصد ، و بأن المال الحلال القليل ، خير و أبقى من أموال كثيرة حرام ..
قالت إن الصبر مفتاح الفرج .. و بأن الحياة و كل الحياة ، مقرونة بالإجتهاد و المعقول و الجهر بالصدق .. و كانت تؤمن و تقول بأن الممرضات و الممرضين هم بمثابة ملائكة رحمة الرحمان ، وكانت حينها ، تقصد لفرانسيس ..
– لم تلتحق جدتي يوما بصفوف التلاميذ ، و الطلبة ، و لم تكن تجيد القراءة و الكتابة ! و لم تكن لها اية معلومات في دروس الرياضيات خصوصا حول ……. × ( _1 ) !!
– لكنها رغم كل هذا ، كانت فعلا عصامية و اشهد لها بذلك ..
كانت إمرأة قوية جدا ، حيث استطاعت أن توفق بين أعمال البادية الشاقة ، دون ذكر الإشتغال قسرا ، في بيوت الصابون ، و فيلات المهندسين و الدكاترة الفوسفاطيين لفرانسيس ، التي لا زالت معالمها شامخة و متواجدة فالفيلاج .. و أيضا خدمتها لجدي كزوجة ديال بصح برموش عينيها ، نعم جدي الذي كان يعمل في غار من غيران الفوسفاط ، ببوطه و لامبته الكربونية و قفته السوداء اللون .. و معاناة تربية الاطفال و مرافقتم .. أمي ، خالي و خالتي ..!!
– كانت تقول لي حين ارفع صوتي ، ويلي أسكت حشومة ،
للحيطان آدان و سيسمعنا الجيران ، و لم تقل إن الله و ملائكته يروننا و يسمعوننا ..
– كانت دائما تحثني على حب الوطن ، و على عدم التفريط في حبة من رماله و ترابه ، هذا بحكم ما عاينته و ما عانت من مآسي ، رفقة سائر الشعب المغربي ، التي شهد فترة الإستعمار الفرنسي .. لكن ، ها هي السلالة اليوم ، أبناء البلد ، ينتظرون و يترقبون دريهمات ، من فلوس اراضي الجموع ، بفارغ الصبر ..
– قالت لي ايضا ، بأن الولي الصالح مولاي بوعزة ، يعطي لكل زائر خبزة .. و لم تحدد لي بالضبط ، إسم و عنوان المخبزة التي تجلب الخبز لمولاي بوعزة .. الولي الميت ..!
– رحمك الله يا جدتي و احسن مثواك ، و زكى قبرك ، و اسكنك فسيح جناته ، مع النبيئين و الصالحين و الأبرياء و الشهداء ..
فقد كنت الجدة المغربية الحقيقية النصوحة الدؤوبة ، ( النية ) ..!التي لم تشاهد يوما قناة فضائية ، و لم تملك هاتفا أو تلمسه بيديها النظيفتين في يوم ما ..
# خليد الإدريسي