لم يستفق المغاربة من الصدمة التي خلّفتها الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الشاب بدر بالدار البيضاء، حتى اهتزّت ساكنة المدينة ذاتها بجريمة جديدة مماثلة، يوم السبت المنصرم، بعدما أقدم شاب على دهس شابة في العشرينيات من عمرها بسيارته، قبل أن يلوذ بالفرار إلى وجهة مجهولة.
وتفيد مصادر بعض المصادر المطلعة بأن ساكنة حي “يعقوب المنصور” بالدار البيضاء استيقظت على واقعة مأساوية، حيث تفاجأت بوجود جثة شابة تبين في ما بعد أنها قادمة من مدينة مكناس، وسط الحي، كانت قد استأجرت رفقة قاتلها شقة مخصصة للمبيت الليلي.
وتأتي جريمة مقتل الشابة العشرينية، بعد أيام من واقعة الشاب بدر، الذي تعرض لاعتداء على مستوى رأسه، قبل أن يعمد الجاني إلى امتطاء سيارته ودهسه، وذلك بمرآب للسيارات تابع لمطعم للوجبات السريعة بمنطقة عين الذياب بمدينة الدار البيضاء.
“الكثير من الفتيات عرضة للمصير نفسه”
وتعليقا على هذه الواقعة، قال رشيد المناصفي، الخبير في علم الإجرام، إن العديد من الفتيات “يلقين المصير نفسه بسبب وضعيتهن المعيشية الصعبة، التي تقودهن إلى المخاطرة بأرواحهن”، مبرزا أنه “يعشن حالة نفسية متأزمة ويتلقين معاملة سيئة، وعادة ما يأتين من مدن بعيدة ويكنّ عرضة للجرائم في غياب مراقبة الأهل”.
وأضاف المناصفي، في حديث له بأن الجريمة عمل غير مشروع ناتج عن إرادة جنائية ويقرر القانون لها عقوبة، ولا بد أن تتوفر مجموعة من الأركان، من بينها الركن القانوني المادي والمعنوي”.
وأرجع الخبير ذاته ارتفاع منسوب الجريمة في المجتمع المغربي إلى “فشل الحكومات المتعاقبة في محاربة الفراغ، الذي يعانيه الشباب، في ظل غياب توفير فرص الشغل والتعليم والتكوين”، حسب تعبيره.
وعدّ المناصفي أن الحكم بالسجن على المذنب وبناء السجون وحدهما “غير كافيين” لمحاربة الجريمة، مؤكدا أنه “ينبغي معالجة سلوكه وتأهيله لضمان عدم تكرار الأفعال المرتكبة وصلاح المجتمع، مع ضرورة دراسة الحالات لتشخيص أصل المشكلة وحلها”.
ويرى الخبير في علم الإجرام أنه “ليست هناك رؤية لدى المسؤولين عن قطاع العدل في المغرب، الذين لا يضعون خطورة هذا الأمر ضمن أولويات اشتغالهم”، مشددا على أن “ارتفاع مؤشر الجريمة يهدد أمن البلاد”.
ويفسر المناصفي وجود المغرب ضمن قائمة الدول التي تعرف ارتفاعا في معدلات الجريمة، بعدة عوامل أبرزها “الفقر والصحة والعدالة، والتعليم، والبطالة، وانعدام فرص العمل، والمخدرات، وضبابية المستقبل، إلى جانب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والعائلية”، كاشفا أنها كلها تدخل في باب المؤشرات.
وعن تكرار ارتكاب جرائم القتل من قبل أصحاب النفوذ “ولاد الفشوش”، أوضح الخبير عينه أن المخدرات “من بين أسباب وقوع بعضها”، إضافة إلى أن “طغيان هؤلاء الأشخاص يعود إلى اتكالهم على “المعارف والنفوذ”، إذ يعتقدون،أنهم “قادرون” على الهروب من العدالة عن طريق الرشوة التي انتشرت كثيرا”، وفق حديثه إلى الجريدة.
وتابع في السياق تفسه: “هذا النوع من الجرائم تفاقم بشكل كبير خاصة في صفوف الشباب الذي ينتمي إلى طبقة غنية، بسبب المخدرات”، ولفت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي “أدت دورا مهما في إبراز هذه الجرائم، من خلال توثيق الواقعة وإظهار الجناة، “أحيانا عوض من التدخل يتم رفع الهاتف للتصوير”، يختم المناصفي حديثه.